IMLebanon

إنقاذ لبنان لا يكون بكسر المقاومة ولا باستمرار تغييب الدولة

 

الحرب الهمجية على شعب فلسطين من قطاع غزة إلى الضفة الغربية والقدس الشريف، وامتدادها واتساع نطاقها من عدوان وحشي وجرائم إبادة جماعية وضد الإنسانية إلى الأراضي اللبنانية من جنوبنا المقاوم والبقاع الصامد، إلى جبل لبنان والشمال الحاضنين لأهل الوطن، إلى بيروت الصابرة والضاحية الجنوبية قلب العزّة والكرامة لرجالٍ قادوا جبهة إسناد غزة منذ عامٍ مضى حتى أعطى سيد المقاومة موعداً ولقاءً مع الشهادة تاركاً خلفه عقوداً من الزمن الإلهي، وجبالاً من الفقد في قلوب أنصاره ومحبيه وجميع اللبنانيين، قائداً لم ينكسر حتى في الأيام الأخيرة مع رحيل الرفاق والشهداء والأحبة من القاعدة والقيادة، بل رحل مسرعاً في موكب الشهادة الذي تمنّاه على طريق القدس.

اليوم ليس للجدل والجدال، ولا للخوض في سرديات المحور الإيراني وتبريرات مؤيديه ومعارضيه، بل هو يومٌ للعبور فوق العصبيات والخلافات السياسية وهرطقات محللين ومعمّمين وأساتذة جامعيين من هنا وهناك، ومن هذا الفريق أو ذاك، للوصول إلى هدف يتفق الجميع عليه، أو يُفترض ذلك، ألا وهو الدفاع عن لبنان، وإنقاذ لبنان من السقوط في الهاوية، أو ربما إنقاذه في ما بعد السقوط في الهاوية! وهذا لن يتحقق مطلقاً على قاعدة كسر المقاومة وإلحاق الهزيمة الكاملة بها، لأنها ستكون في الوقت عينه هزيمة لبلدنا ولكافة اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم ومناطقهم أمام العدو الإسرائيلي الغاشم. كما أن ذلك لا يكون باستمرار تغييب الدولة التي لا تملك قرارها السياسي والعسكري في حين يُطلب منها أن تقوم في كل مرة بجرِّ أذيال الحرب والخيبة والدمار والقتل والتهجير، وهي إما غائبة طوعاً لعجزها وضعف حكامها ومؤسساتها الدستورية، وإما بسبب تغييبها والهيمنة عليها من قوى خارجية سواء كانت هذه القوى متمركزة في طهران أو في واشنطن.

 

في زمن الحرب والخذلان، وحدة اللبنانيين أولاً. والحكمة أولاً لا الوقوع في الفتن، وتوحيد المسارين العسكري والسياسي بين المقاومة والدولة لا تحويل الحرب إلى صراع واقتتال داخلي، وهذا أضعف الإيمان بإمكانية الصمود والمواجهة مع العدو. وما كان أمراً واقعاً في جبهة إسناد غزة لجهة تفرّد حزب لله بالقرار العسكري، وتغييب القرار السياسي الحقيقي للحكومة والدولة اللبنانية في ظل فراغ رئاسي قاتل للجمهورية، لم يعد أمراً مقبولاً ولا ينبغي أن يكون كذلك بعد أن تحوّلت «جبهة إسناد غزة» إلى «جبهة إسناد غزة والدفاع عن لبنان»، وبات لزاماً على اللبنانيين بجانب الصمود العسكري في الميدان في مواجهة الغزو البري الإسرائيلي، الوقوف مع كافة القوى والأحزاب خلف الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية للعمل مع المجتمع الدولي على وقف إطلاق النار، وليكن ذلك أولاً عبر انتخاب «رئيس جمهورية توافقي» اليوم قبل الغد ولا سيما أن الحرب قد تطول وتطول مع حكومة «بيبي» في «تل أبيب» ودعم غير محدود من واشنطن، وثانياً عبر تشكيل حكومة قادرة على العمل من أجل إنقاذ ما تبقّى من هذا البلد، وما تبقّى من شعبه الذي هُجِّر من أرضه ودياره ودفع أغلى الأثمان والدماء في حربٍ مجنونة فرضت على اللبنانيين دون أن يسعوا إليها، ولا أمل في انتهائها إلّا بحول لله وقوته، وباجتماعنا شعباً وقوى وأحزاباً ومؤسسات دستورية ورجال دولة على طريق لبنان.