IMLebanon

المنقِذ

إذا كان الشكل الذي تميزت به مقابلة الرئيس سعد الحريري مع الزميل مرسال غانم لجهة التماسك والوضوح في تقديم الفكرة، والربط التاريخي السلس للأحداث، والرؤية الواضحة للماضي والحاضر والمستقبل، والطلاقة في السرد والتماسك في التعبير، فإن المضمون يبقى الأكثر تمايزاً لما كان له من تأثير إيجابي على الأكثرية الساحقة من اللبنانيين الذين تسمروا على الشاشة الصغيرة لعلهم يسمعون كلاماً آخر مختلفاً عما هو متداول في يومياتهم، يُعيد إليهم الأمل بالمستقبل الذي يتلاشى أمام عيونهم، ولا يملكون ما يحول دون ذلك بعدما أصبحوا ضحايا الخلافات السياسية الداخلية والنزاعات الإقليمية ذات البعد الدولي.

لقد تجاوز الرئيس الحريري كل ما اعتاد اللبنانيون على سماعه من قياداتهم السياسية على امتداد أزمة الشغور الرئاسي من مبررات وتفصيلات لاستمرار هذا الشغور على حساب الدولة، ومصالح الشعب المعلق على شماعة مصالحهم الشخصية، وارتباطاتهم الخارجية ليضع الأصبع على جرح الأسباب الحقيقية للأزمة ويقول للجميع بكل صدق وجرأة بأن الأزمة من صنع أيديكم لأنكم فرطم بلبنانيتكم لحسابات إقليمية أو خارجية، وأن حلها لا يزال بأيديكم إذا ما عدتم إلى لبنانيتكم وفضلتم مصلحة بلدكم وشعبكم على كل المصالح الأخرى، لأن بلدكم هو الأبقى لكم واللبنانيون محكومون بالعيش معاً وبتسوية خلافاتهم، مهما بدت لهم في بعض الأحيان معقدة وصعبة على الحل.

لم ينطلق كلام الرئيس الحريري من ضعف، فهو قوي بذاته وبشعبه وباللبنانيين جميعاً الذين يردون لبنان واحة استقرار وازدهار وسلام وقبلة العرب، وكل شعوب العالم، كما عهدوه قبل أن يدخل الفساد السياسي إلى عقول البعض ويتخذوا من وطنهم ومن شعبه رهينة يستخدمها الخارج لحسابه في لعبة الأمم.

لم يترك الرئيس الحريري في تلك المقابلة باباً للسلام والخروج من الأزمة، بما فيها أبواب الخصوم إلا ودقه بعقل متفتح وبقلب سموح، لأنه مؤمن بصدق بوطنه وشعبه، وقدرة هذا الشعب على الانتصار على الأزمات التي فرضت عليه، والعبور التى الدولة الواحدة والقوية والعادلة، فكان في طرحه للمشاكل والأزمات التي تعصف بالوطن وتقديمه الحلول الناجعة، الرجل المنقذ وليس القائد الذي يريد أن يحقق مكاسب سياسية وشعبوية على حساب مصلحة الدولة والوطن وعلى حساب الشعب نفسه كما يفعل الآخرون وأوصلوا الحالة العامة إلى ما وصلت إليه من انقسام وتفكك وتشرذم.

هو رجل دولة بامتياز وقد أضاف على هذه الصفة في هذه المقابلة المنقذ، فهنيئاً له بذلك، وهنيئاً للشعب اللبناني بهكذا قائد.