IMLebanon

ودِّعوا العراق!

تتخبط حكومة حيدر العبادي في فشلين: الفشل في شنّ عملية عسكرية فعّالة ضد “داعش”، والفشل في قيادة حملة إصلاحية ضد الفساد، هذان الفشلان يدفعان أكثر في إتجاه تقسيم البلاد التي ترتفع فيها معالم ثلاث دول لم يعد ينقصها سوى الإعلان:

دولة كردية في الشمال الذي يتمتع بنوع من الحكم الذاتي منذ زمن، ودولة شيعية في الجنوب الذي يديره الإيرانيون الى درجة ان آبار النفط الغنية في البصرة باتت في يدهم منذ كان رجلهم نوري المالكي رئيساً للحكومة، اما الوسط فيفترض ان يصير دولة سنّية بعد الخلاص من سيطرة تنظيم “داعش” ولو بعد حين!

تظاهرات العراقيين الحاشدة ضد الفساد تواجه حائطاً مسدوداً.

اولاً – لأن أي حملة للتطهير يفترض ان تقتلع الجهاز الإداري الرسمي من جذوره بعد الفساد الذي عاثه المالكي في الدولة، فهو لم يصنع جيشاً من الأشباح فحسب، بل صنع دولة من الأتباع والمنتفعين. ففي العراق ٧١٦ نائب وزير و٤٥٥٣ مديراً عاماً، أما عدد الموظفين فيصل الى أربعة ملايين موظف.

ثانياً – وهو الأهم لأن أي حملة تطهير حقيقية ستطاول في النهاية الإدارة الإيرانية العميقة التي سادت أيام المالكي ولم تتوقف مع العبادي، الذي يشكو من “عقبات تراكمية” تعرقل الإصلاحات، على رغم ان المرجع الأعلى علي السيستاني يدعو بقوة الى اجتثاث الفساد من جذوره!

الفشل الأخطر الذي يهدد فعلاً وحدة العراق، ان الموصل التي احتلّها “داعش” باتت من النسيان، وان العمليات التي يقوم بها الجيش والحشد الشعبي الشيعي في الأنبار والرمادي لم تحرز أي تقدم، هذا في حين يقول العبادي صراحة “من الضروري تحقيق النصر لكنني لا أستطيع ان أوفّر كل الأسلحة التي تحتاج اليها القوات المسلحة والحشد الشعبي للإنتصار على الإرهاب. لذلك يحب ان نوازن بين الإنفاق الحكومي والإحتياجات العسكرية”.

الآن مع التوقف التام تقريباً للعمليات في الرمادي والفلوجة تتحدث المعلومات عن ان القوات الأميركية بدأت بتسليم العمليات الميدانية بشكل كامل الى وحدات خاصة من جيش العشائر السنّية التي كانت قد ألحقت الهزيمة بـ”القاعدة” عام ٢٠٠٨ تحت اسم “الصحوات”، وكان يديرهاالجنرال جون آلن الذي يتولى الآن التنسيق في “الائتلاف الدولي لمحاربة الارهاب”.

شحنات السلاح الأميركي تصل يومياً الى الخالدية والحبّانية ومحيط الفلوجة والرمادي، من دون أي تنسيق مع الحكومة العراقية التي عجزت نتيجة الضغوط الإيرانية، عن تنفيذ قانون الحرس الوطني الذي يقضي بتسليم السلاح الى مقاتلي العشائر، لكن الضغائن التي زرعها المالكي عمّقت الكراهية ورسّخت التوق الى التقسيم الذي يتقدم في النفوس وعلى الأرض والذي ينادي به جو بايدن وسبق للكونغرس ان اتخذ قراراً في شأنه!