يبدو أنّ الدولة، حكومةً ومجلساً نيابياً، غافلةٌ تماماً عمّا لديها من قوانين وتشريعات نافذة، بدليل أنها أحالت الى مجلس النواب اقتراحَ قانونٍ من أجل إدراجه على جدول أعمال الجلسة التشريعية المرتقبة، في حين يتبيّن أنه سبق إقرارُه وهو قانونٌ نافذٌ منذ العام 2017.
أحالت لجنة المال والموازنة في 25- 2- 2016 مشروع قانون الى مجلس النواب كان سبق أن أحالته وزارة المالية الى الحكومة في العام 2014، يرمي الى تعديل البنود 1 و2 و4 و5 من المادة 38 من القانون رقم 44 الصادر في 11 تشرين الثاني 2008 المتعلّق بالإجراءات الضريبية وإضافة البند 6 اليها.
وفي العام 2017، أقرّ مجلس النواب هذا القانون ضمن قانون موازنة 2017 ليصبح نافذاً ويتمّ العملُ بموجب تعديلاته.
إلّا أنّ المفاجأة جاءت اليوم بإعادة إدراج هذا القانون من جديد على جدول اعمال الجلسة التشريعية المقرّرة يومي 12 و13 الجاري، ما ينمّ عن جهل إدارات الدولة في القوانين المقرّة والنافذة والسارية المفعول.
ورغم أنّ الأهمية لا تكمن بمواد القانون الذي عدّل بنوداً تتعلق بتسهيل عملية التصريح الضريبي إلكترونياً، إلّا أنها تسلّط الضوء على الفوضى السائدة وعدم المهنية في انتقاء مشاريع القوانين لتشريعها في مجلس النواب.
وفي التفاصيل، كانت وزارة المالية طرحت هذا القانون في العام 2014، لكن لم يَبلغ طريقه الى الجلسات التشريعية، فعادت “المالية” وعملت في طور صياغة قانون موازنة 2017، وهو اوّل قانون موازنة يتمّ إقرارُه بعد 12 عاماً، على تمرير هذه التعديلات ضمن سلّة من البنود المتعلّقة بالاجراءات الضريبية. وفي النتيجة تمّ إقرارُ تلك التعديلات ضمن نصّ قانون موازنة 2017 التي صدرت في الجريدة الرسمية وأصبحت نافذة وسارية المفعول.
وفي مقارنة بين نصّ موازنة 2017 ونصّ التعديلات التي يتمّ طرحُها لإقرارها اليوم، يتبيّن أنّ هذه التعديلات نفسها قد تمّ إقرارُها، وبالتالي فإنّ اقتراح القانون الجديد، هو بمثابة “لزوم ما لا يلزم” لأنه سبق أن تمّ بحثُه وإقرارُه ضمن قانون موازنة 2017.
في هذا الاطار، رأى رئيس الجمعية اللبنانيّة لحقوق المكلّفين المحامي الضريبي كريم ضاهر أنّ إعادة طرح قانون سبق أن تمّ إقرارُه، يشير الى أنّ التعاطي مع القوانين يتمّ بطريقة غير مهنية وعشوائية من دون أيّ دراسة أو تدقيق.
وقال لـ”الجمهورية” إنّ من المفترض أن يتمّ تخصيصُ قسم متكامل في مجلس النواب لإعداد دراسات قانونية تقييميّة لمشاريع القوانين المقترحة، لأنه لا يمكن أن يُترك هذا العمل للجان النيابية.
وفيما سأل ضاهر عن هوية الجهة المسؤولة عن إعادة طرح اقتراح قانون على الهيئة العامة لمجلس النواب، سبق أن تمّ إقرارُه قبل عام، اعتبر أنّ التشريع لا يتمّ بهذه الطريقة العشوائية من دون تمعّن ودراسة مسبقة للقوانين.
واوضح أنّ التعديلات الواردة في القانون المذكور، تتعلّق بآلية إثبات تبلّغ المكلفين الملزمين وفقاً للقوانين الضريبية، عبر الوسائل الإلكترونية، وبتحديد فئة المكلّفين التي يمكنها التصريح إلكترونياً، بالاضافة الى تعديل بعض العبارات اللغوية.
وفي الاسباب الموجبة لهذا القانون والتي جاءت أيضاً في نصّ موازنة 2017: “تخفيف الأعباء على المكلّفين سواءٌ تلك الناتجة عن إرسال التصاريح بواسطة البريد أو تلك الناتجة عن الغرامات التي يتكبّدها المكلّفون هؤلاء نتيجة عدم تعبئة هذه التصاريح بالشكل الصحيح، وتخفيف عبء إدخال محتوى التصاريح والبيانات الورقية على قاعدة المعلومات في النظام الضريبي، وبهدف الاستفادة من التطور التكنولوجي، وزيادة في الإيضاح لجهة على مَن يقع موجب تقديم التصريح الضريبي”.