Site icon IMLebanon

الأرقام المخيفة: من المسؤول؟  

 

يخيل الى القارىء أنني سأتحدث عن الأرقام المرتفعة أو المنخفضة أو الـ بين – بين التي نالها هذا المرشح أو ذاك الحزب أو تلك اللائحة. إلاّ أن هذا الإستنتاج ليس موضوع كلامي. فقط أردت أن أعبّر عن خيبة أمل، وربّـما أكثر: عن الخوف من الرقم المرتفع للأوراق التي أُنزلت في صناديق الإقتراع واعتُبرت ملغاة!

 

طبيعي أن تكون هناك أوراق بيضاء. إنها تعبّر عن إرادة الناس الذين آثروا عدم منح أصواتهم لأي من اللوائح أو المرشحين. وهذا حق معترف به في ديموقراطيات العالم كلها. ولو كانت الأوراق الملغاة استخدمت في التعبير عن الرأي (وإن سلباً) لكانت لها قيمة مضاعفة. أما أن تذهب هدراً فهذا ما نعتبره حدثاً في حد ذاته ومؤشراً إلى أنّ نحو 39 ألف منتخب لم يعرفوا كيف يتعاملون مع صندوقة الإقتراع. بالتحديد هناك 38909 ناخبين اعتبرت أوراقهم ملغاة. بينما الذين عبّروا عن رأيهم سلباً بلغ عددهم 15029 ناخباً أنزلوا أوراقاً بيضاء.

فرقم الأوراق الملغاة مخيف بكل ما للكلمة من معنى! أقل من أربعين ألف مواطن لم يحسنوا الأداء الإنتخابي! في بيروت الثانية نحو أربعة آلاف ناخب أُلغيت أوراقهم. وفي عكار 3535 ناخباً. وفي طرابلس وجوارها (الضنية والمنية) 5340 ناخباً. الى ما هنالك (كما يجد القارىء اللائحة الكاملة في غير مكان من هذا «الشرق»).

نحو أربعين ألف ناخب اقترعوا خطأ! إنه رقم كبير جداً قياساً الى الأصوات التفضيلية التي فاز بموجبها عشرات النواب وهي راوحت بين 77 صوتاً و500 صوت!

فمن المسؤول؟

نود، بداءة، أن نشير الى أن المسؤولية مشتركة بين المسؤول الرسمي والمسؤولين عن تسويق المرشحين واللوائح على حد سواء. ولا نود أن نحمّل القانون، في حد ذاته، أي مسؤولية، فالتعامل معه في مرحلة الإقتراع أمر مقبول (كي لا نقول سهل، لأنه لم يكن على سهولة في أي حال).

والأنكى أنّ الذين اقترعوا بالأوراق الملغاة قد لا يعرفون أنهم أخطأوا. وربما يظن الكثيرون منهم عن جهل أن أصواتهم رجحت فوز هذا وخسارة ذاك من المرشحين.

الآن وقعت الواقعة. ويجدر أخذ العبرة في الإنتخابات المقبلة في العام  2022 فيتحمّل كل فريق، في السلطة وفي المرشحين، المسؤولية، مع إقرارنا بأنّ وزارة الداخلية لم تقصّر في حملة التوعية التي كنا نراها يومياً على شاشات التلفزة. أضف أنّ الأقنية التلفزيونية (كلها) بادرت هي الى توضيح عملية الإنتخاب إجرائياً. ومع ذلك بقي أربعون ألف ناخب غير قادرين على إستيعاب هذه العملية. إنه، فعلاً، لأمر بالغ الأسف.

أما الخمسة عشر ألف مواطن الذين عبّروا عن رفضهم المطلق للحال السياسية وللمرشحين فنحن نرى الرقم معقولاً ومقبولاً. وربما كنّا نتوقعه أكبر!.