Site icon IMLebanon

سيناريو تقسيم الجيش يتجدد؟

في العام 1973 اي قبل سنتين من نشوب الحرب في لبنان بدأت المنظمات الفلسطينية عمليات تحرش مدروسة بالمواطنين اللبنانيين في المناطق المحيطة بمخيماتهم لاستدراج الجيش اللبناني الى التدخل من اجل حماية المدنيين فتحصل اشتباكات مع المسلحين الفلسطينيين لاستغلالها عربيا ودوليا تحت حجّة ان الجيش يتعرض للاجئىن الفلسطينيين الابرياء العزّل، بهدف استثارة عواطف وغرائز طائفية عل قاعدة ان الجيش «المسيحي» يقتل اهل السنة في لبنان،. ومن المؤسف ان هذه الخطة التي اعترف بها قادة فلسطينيون في ما بعد والتي هدفت الى اضعاف الجيش وتقسيمه نجحت في العامين الاولين للحرب في شقّ الجيش واقدم عدد من الضباط السنة على تزعم حركات انشقاق متعددة فانقسم الجيش الواحد الموحد الى جيش سنّي، وجيش شيعي، وجيش درزي، وجيش مسيحي ظل يعمل تحت القيادة الشرعية في وزارة الدفاع في اليرزة.

اليوم تحاول التنظيمات التكفيرية مثل «داعش» «وجبهة النصرة» ذات القدرات العسكرية والعددية الاقوى بين التنظيمات التي تدّعي انها سنية، اعتماد السيناريو ذاته من تحرّش بالجيش وتحويل المخيمات السورية الى معسكرات والايعاز الى بعض المشايخ والمتعصبين طائفيا والمتزمتين مذهبيا ان يبدأوا حملة ذات وجهين ضد الجيش والقوى الامنية الوجه الاول التحريض في المساجد والبيانات ووسائل الاعلام، على الجيش «الصليبي» الملتزم بأوامر «حزب الله» والوجه الثاني شن عمليات متفرقة ضد القوى الامنية في اكثر من مكان، بشرط ان تكون في دائرة مناطق تسكنها اغلبية سنية مثل طرابلس وعكار وعرسال، وربما غدا في بيروت واقليم الخروب وصيدا وشبعا، وقرى البقاع الغربي لرفع قميص عثمان والمتاجرة به لدى بعض ضعاف النفوس والارادة من القوات المسلحة ودفعهم الى الانضمام لهذه التنظيمات الغريبة عن بيئتهم وتربيتهم ونمط عيشهم.

حتى الساعة، هذا المخطط المدمر لصيغة العيش المشترك بين اللبنانيين، فشل فشلا ذريعا، واكبر برهان على ذلك ان ثلاثة عناصر فقط من الجيش اللبناني انشقوا وانضموا الى «جبهة النصرة» من بينهم عنصر يعاني اضطرابا عصبيا وهو محال على المحكمة العسكرية.

اما ما يشعرك بالفخر والاعتزاز فهو ردة فعل اهل هؤلاء الجنود وعائلاتهم وابناء بلداتهم، الذين اكّدوا فعل ايمانهم بلبنان وبالجيش والدولة على علاّتها، وبالعيش المشترك مع باقي مكوّنات هذا الشعب الطيّب، وبالتالي يفترض بالحكومة وجميع المسؤولين المعنيين، ان يلاقوا هؤلاء الناس الطيبين ليس الى منتصف الطريق، بل الى اخرها، فيتّبعوا سياسة عادلة ومتوازنة ومتساوية بين جميع اللبنانيين، فلا يهضموا حق احد، ولا ينحازوا الى اي فريق كائنا من كان، فيستعملوا اللين مع الجميع اذا وجب ذلك، والقسوة ايضا ضد الجميع، عند اللزوم، ومراقبة عمل بعض الوزراء، الذين يطبقون سياسة الست والجارية، فيحرموا مناطق من حقوقها، ويغدقوا الخيرات على مناطق اخرى، وهنا اشير تحديدا الى استمرار حرمان طرابلس وعكار وابتعاد التنمية عنهما، التي هي حق لهما ونصّ عليها الدستور.

ان محاربة «داعش» وغير «داعش» لا يمكن ان تنجح باستعمال القوة فقط، بل هناك الانماء المتوازن والتوعية الوطنية والدينية وسلوك طريق العدل من جهة، والمحاسبة من جهة اخرى، وخلاف ذلك، ضرب في الهواء لن يحصد سوى الريح.

جيش لبنان، لم يكن يوما جيش المسيحيين، كما انه اليوم ليس جيش النصارى، انه جيش لبنان الواحد الموحّد، ومن يعمل لحرفه عن هذه العقيدة، يعمل لضرب الجيش وضرب لبنان معا.