سيناريو التمديد لخير هل كان مقصوداً ليكون «بروفة» التمديد لقهوجي؟
لا خوف على الحكومة ونزول عون إلى الشارع أقصى ما يمكن اللجوء إليه
بعد ان اصبح تأجيل تسريح الامين العام لمجلس الدفاع الاعلى اللواء الركن محمد خير أمرا واقعا، بعد إستحالة تعيين احد الضباط المرشحين الثلاثة الذين طرح نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل أسماءهم على مجلس الوزراء ليكون أحدهم خلفا لخير بسبب عدم نيل احد من هم ثلثي اصوات الوزراء، وبالتزامن مع صدور سلسلة المواقف المعترضة على الموضوع، لا سيما من قبل وزيري «التيار الوطني الحر» جبران باسيل والياس بو صعب داخل الجلسة وبعدها. أجمع عدد من الوزراء «للواء» بالقول: كان من الافضل على وزير الدفاع إصدار قرار تأجيل التسريح اللواء خير بدلا مما قام به داخل مجلس الوزراء من مسرحية»، وهذا ما أكده «للواء» أيضا احد الوزراء غير المحسوبين على وزراء المعارضة والذي لم يرفع يده لدى التصويت بإعتبار ان تأجيل التسريح حاصل كما قال، مستغربا عدم تصويت الوزير المعني نفسه لاحد من الاسماء المطروحة،لافتا الى ان هذا الامر قد يكون سببا لدى البعض بعدم التصويت على أحد الاسماء، مما يؤكد على ان ما قام به مقبل هو مجرد إجراء شكلي.
وعن مصير جلسات مجلس الوزراء خصوصا إذا كان ما حصل في الجلسة الاخيرة سيكون مقدمة لما يمكن أن يحصل عند طرح موضوع قائد الجيش، يشير المصدر الى ان الجلسات قائمة حتى الان، لا سيما أن الجميع يعلم بأن الظروف لا تسمح بإستقالة الجكومة بأي شكل من الاشكال في ظل الشغور الرئاسي.
وحول الخطوات التي قد يلجأ اليها عدد من الوزراء المعارضين في حال تم التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي لا سيما من قبل الوزراء المحسوبون على «التيار الوطني الحر»، يتوقع المصدر الوزاري ان أقصى ما يمكن القيام به هو النزول الى الشارع، وإستقطاب الجمهور كما حصل العام الماضي حين تم التمديد للقائد قهوجي، أو ربما مقاطعة جلسة او أكثر، لافتا الى ان الامر لن يتخطى ذلك، خصوصا ان الجميع يعلم اهمية وضرورة بقاء الحكومة وإستمرارها بالقيام بعملها ولو بالحد الادنى كما هو حاصل حاليا.
وعن إمكانية تضامن بعض الوزراء معهم، يؤكد المصدر ان نصاب إنعقاد الجلسات هو حضور 16 وزيرا، وهذا الامر يبقى متاحا مع وجود ميثاقية بتمثيل جميع الطوائف والمذاهب مما يعني أن الحكومة لن تتعطل جلساتها في حال قاطع المعترضون، ودعا رئيسها لعقد جلسات لمجلس الوزراء، ولفت الى انه في حال قاطع الوزيران جبران باسيل وإلياس بو صعب الجلسات قد يتضامن معهما بعض حلفائهم كالوزراء: ارتو نظاريان ومحمد فنيش وحسين الحاج حسن، ولكنه في المقابل إستبعد حصول ذلك خصوصا من قبل وزيري «حزب الله» الذين ورغم انهما صوتا في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة على تعيين بديل عن خير ولكنهما لم يسجلا أي اعتراضا أو موقفا تصعديا داخل الجلسة.
ومهما يكن من أمر، فإن قطار التمديد للقيادات العسكرية، وضع رسمياً، على السكة، بدءاً من قرار تأجيل تسريح خير لمدة سنة من المتوقع أن يصدر عن وزير الدفاع سمير مقبل في الساعات القليلة المقبلة خصوصا ان ولايته تنتهي غدا. ومن المتوقع ان يتكرر السيناريو نفسه في أيلول المقبل، فيتم تمديد الولاية الثانية لقائد الجيش العماد جان قهوجي، عاما اضافيا أيضا. وحده منصب رئاسة أركان الجيش سيعرف تعيينا كون قانون الدفاع يمنع استدعاء من يشغله من الاحتياط بعد استنفاد سنوات خدمته في السلك العسكري، وهو حال اللواء وليد سلمان الذي يكمل أعوامه الـ44 في المؤسسة العسكرية، نهاية آب الجاري.
واوضحت مصادر وزارية أن وزير الدفاع سيطرح في الوقت المناسب وعلى الارجح في النصف الثاني من أيلول، 3 أسماء على مجلس الوزراء، لاختيار واحد منها بديلاً من قهوجي، وفقا للآلية الدستورية، تماما كما فعل أمس الاول بالنسبة الى مركز الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع. أما اذا تعذر تأمين ثلثي الاصوات لأي منها، فانه لن يترك الشغور يتسلل الى المؤسسة العسكرية في هذه المرحلة الدقيقة، وسيلجأ الى الحق الذي يمنحه اياه القانون باصدار قرار بالتمديد لقائد الجيش لعام واحد.
واذ تستبعد المصادر أن يلجأ الفريق البرتقالي الى قلب الطاولة الحكومية عبر الانسحاب منها، خصوصا ان حليفه «حزب الله»، وتماما كما حصل ابان التمديد الاول للقيادات العام الماضي، لا يبدو يجاريه في اي توجه تصعيدي، وتؤكد أوساطه ان بين الشغور في المناصب العسكرية وبين التمديد، فهو يفضل الخيار الثاني.
الا ان المصادر تضيء على جانب آخر من قضية التعيينات تتعلق بـ«مساوئ» إجرائها في ظل الشغور الرئاسي. فهي تؤكد انه لا يجوز اتخاذ قرارات كبيرة بحجم تعيين قائد جديد للجيش مثلا، في ظل غياب رئيس الجمهورية، اذ ان الاخير يشكل أيضا الرأس الاعلى للقوى المسلحة ورئيس مجلس الدفاع الاعلى الذي له سلطة على كل الاجهزة العسكرية والامنية، وبالتالي من الضروري عدم تخطيه وعدم المساس بحقه في إبداء الرأي والحسم في هوية من سيشغلون المناصب العسكرية الرفيعة. وعليه، فان الخيار الامثل في الوضع الراهن، هو التمديد للقيادات الموجودة، خصوصا ان هذا التمديد قابل للكسر فور انتخاب رئيس جديد للجمهورية حيث يمكنه في أي لحظة اعادة النظر فيه وتعيين قيادات جديدة.
في الموازاة، تحذر المصادر من ان يدخل التعيين في ظل الشغور الى المؤسسة العسكرية، خصوصا اذا ما أتى نتيجة تسوية أو مقايضات بين الاطراف السياسية، بينما رئيس الجمهورية يجب ان يبقى وحده مرجعاً وحامياً لهذه القيادات. واذ تستشهد بما قاله الرئيس ميشال سليمان امس عبر «تويتر» حيث اعتبر ان «التمديد «الخطأ» للمسؤولين العسكريين هو نتيجة حتمية لجريمة التمديد للفراغ الرئاسي»، تؤكد ان «ليس امام المعترضين على سبحة التمديدات الا النزول الى البرلمان وانتخاب رئيس جمهورية».