اعترف بانني لست من متابعي صحيفة الرأي الكويتية ولا من قرائها الدائمين، الا بما تنقله عنها المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، ولذلك فانا لست في موقع المؤهل لاحكم على هذه الصحيفة من حيث مصداقيتها وتجردها واحترام قرائها، في ما تنشر من اخبار ومقالات ومقابلات، وبالتالي فان ما نشره بعض المواقع الالكترونية امس، نقلا عن «الرأي» في ما خص الوضع في لبنان ومنسوبا الى مصدر «في الطرف الابرز في قوى 8 آذار» مسيء جدا وخطير اذا كان غير صحيح، وهو بالطبع اسوأ واخطر اذا كان صحيحا، لانه يكشف عن سيناريو، قد يحمل في طياته ومضمونه نهاية لبنان كما هو اليوم، ليحل مكانه لبنان آخر، لا يشبه لبنان الطائف، ولا لبنان الصيغة، ولا لبنان تحت الانتداب او تحت الاحتلال العثماني.
ما فهمته من اقوال «المصدر الابرز» ان الوضع الداخلي في لبنان تأثر، وسوف يتأثر اكثر من انهيار العلاقات السعودية – الايرانية بسبب ما يجري في سوريا والعراق، ومؤخرا اليمن، وبالتالي فان المراعاة والديبلوماسية لغة لم تعد تلك التي يجب اعتمادها مع الفريق الاخر، وانتكاسة العلاقات واحداث اليمن، سوف تنعكس على ما يتعدى المد والجزر بين الافرقاء وستصل الى الدستور واتفاق الطائف، ولم يعد من غير المستبعد ان تكون لغة السلاح هي سيدة الموقف لمحاربة التطرف، او لفرض حالة جديدة تمنع تغلغل التطرف في المجتمع المدني، على غرار ما حصل في العام 2007 عندما تغير الحكم بقوة السلاح، واكد المصدر الابرز في 8 آذار ان اتفاق الطائف لم يعد الركيزة الصالحة لضمان عيش اللبنانيين، فاما اتفاق آخر او لا اتفاق، ملمحا الى امكانية الدخول المسلح الى عدد من المدن والبلدات، لمنع سقوطها في ايدي التنظيمات التكفيرية، وسمى بالاسم صيدا والناعمة والساحل اللبناني وسعد نايل.
هذا كلام كبير وخطير، اذا كان صحيحا ودقيقا، لانه يعتبر بمثابة محاولة انقلاب مسلح على النظام والدستور، لن يبقى محصورا بين مذهب ومذهب، بل سوف يتحول الى طائفية، يغطس فيها الشعب اللبناني كما شعوب سوريا والعراق واليمن وليبيا، اما اذا كان بمثابة تهديد وتخويف، فان عواقبهما ولو كانت اقل واخف وطأة الا انها ستترك جراحا لن تندمل بسهولة وتزيد في تأزم الاوضاع بين قوى 14 و8 آذار، تبقى فرضية او امل ان يكون هذا الكلام مركبا بهدف ابقاء الساحة اللبنانية تحت وطأة السيوف المصلتة عليها، من «داعش» و«النصرة» خارجيا، ومن النزاعات والخلافات داخليا، او ان يكون الكلام القاسي، الرد غير المتبنى من احد، على خطاب وزير الداخلية نهاد المشنوق يوم السبت الماضي في الذكرى الثانية لاستشهاد اللواء وسام الحسن، علما بأن الكلام المنقول عن لسان السيد حسن نصر الله، امين عام حزب الله اثناء تفقده قوات المقاومة في البقاع، يبتعد في مضمونه عن مضمون كلام «المصدر الابرز» فالسيد نصر الله، انهى جولته بالتشديد على الوحدة الوطنية، والابتعاد عن الاستفزاز، وعلى وجوب تقديم اسلام راقٍ ومشرّف، اضافة الى انه طمأن الى استتباب الامن في البلاد والى استحالة اختراق جبهة المواجهة في جرود بريتال والبلدات القريبة منها.
***
لو ان هذا النوع من السجالات يغيب في هذه الفترة عن اذان اللبنانيين وعيونهم، يكون افضل بكثير، طالما ان الجميع يعترف باستحالة انتصار فريق على آخر في لبنان انتصارا نهائيا، واذا كان المسؤولون عاجزين حتى على مقارعة شركة «سوكلين» ووضع حد لاحتكار جمع النفايات الذي يبيض ذهبا للشركة وحماتها، فهل يقدرون على معالجة قضايا صعبة ومعقدة ومتداخلة في النزاعات الاقليمية والدولية، مثل الامن، والسلاح غير الشرعي، ومشكلة الحدود المفتوحة، والقتال خارج الحدود، وسياسية المحاور والاحلاف، والحرب على الارهاب، وفي هذا المجال لا بد من اخذ حركة النائب وليد جنبلاط بالاعتبار وبكثير من الجدية، لانها واقعية وسهلة المنال، ويمكن اذا صفت النيات ان تكون خشبة الخلاص من طوفان القتل المتدحرج.