Site icon IMLebanon

سيناريوهات سوريا ورهانات لبنان

هل اصطدم لبنان الملتزم بناء مؤسسات الدولة بأن اللعبة الفعلية صارت خارج المؤسسات؟ الى أي حدّ قلّل الموقف الرسمي الذي عنوانه النأي بالنفس من التأثر بما يدور في حرب سوريا والارتباط بصراع المحاور في المنطقة؟ وهل حدث بالصدفة أم بحسابات واقعية غياب أية اشارة الى التطورات الاقليمية والرؤية الاستراتيجية لمواجهة المخاطر وتوظيف الفرص في وثيقة بعبدا التي حوت رؤية استراتيجية لمواجهة التحديات الداخلية؟

بعض الجواب جاء به الصمت الرسمي بعد تلويح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بفتح الفضاء اللبناني أمام مئات الآلاف من المجاهدين. وبعضه الآخر يتعلق بالخلافات العميقة حول الصراعات الاقليمية وصعوبة التفاهم على رؤية استراتيجية لموقع لبنان ودوره في مرحلة ما بعد حروب سوريا والعراق واليمن لجهة ما هو أعمق من محاربة داعش والارهاب. فأي طرح جدّي لمواجهة السيناريوهات المتحركة يقود الى توسيع الخلافات وتكبير الأزمات وشلّ حتى العمل العادي في المؤسسات. وما صار رأس الحكمة في نظر أطراف عدة هو تغطية الواقع بشعار ربط النزاع.

لكن التطورات الاقليمية حاضرة في لبنان، وان غابت الاشارة اليها في وثيقة بعبدا المهمة. والساعة دقت للتفكير الجدي خارج الصندوق كما يقال. ففي لبنان طرفان يتكل كل منهما على رهان مختلف تماما بالنسبة الى مستقبل سوريا وانعكاسه علينا. واحد يرى بالقول والفعل ان الحسم بات مؤكدا لمصلحة النظام، وان سوريا باقية كقاعدة مهمة في محور الممانعة والمقاومة. وآخر يتصور أو كان يتصور في السنوات الاولى للحرب نصرا للمعارضة يفتح باب الانتقال الديمقراطي للسلطة ويعيد تصحيح العلاقات بين لبنان وسوريا.

لكن السيناريوهات في سوريا تبدو مختلفة. فاللعبة الفعلية لم تعد في ايدي السوريين، نظاما ومعارضة. واللاعبون الكبار هم الروس والاميركيون والايرانيون والاتراك. ولكل من هؤلاء حلفاء محليون. ولا شيء يوحي ان اللعبة اقتربت من النهاية. واذا كان هناك من يتحدث عن تقسيم سوريا ومن يردد في خطابه الحرص على وحدة سوريا، فان الواقع الحالي هو تقاسم سوريا. تقاسم الحصص على المسرح والنفوذ في الكواليس، والغنائم التي بينها النفط والغاز.

ولا أحد يعرف اين يبدأ الصراع بين هؤلاء وأين تنتهي التسويات. فاللعبة الكبيرة تدور بين واشنطن وموسكو، وتدار بوضع القوى الاخرى في الحسابات. اسرائيل تتمتع بتفاهم اميركي – روسي على حصتها. كذلك الاردن. تركيا تبتعد عن الحليف الاميركي بمقدار ما يدعم الكرد، وتقترب من روسيا. وايران تفرض بالقوة حصتها في رعاية روسيا وبالتحالف مع النظام.

وليس امامنا سوى الاستعداد لمواجهة هذا المشهد المختلف عن سوريا كما عرفناها وكما نتصورها الآن.