IMLebanon

سيناريوهات من مظاهر الغضب والقــلق والفرح المكتوم

رغم حجم الأحداث التي نقلتها الشاشات والتي يمكن أن تُنهي عهد الشغور الرئاسي، لكنها لم تنقل وجهاً مبتسماً لأحد من أبطال المرحلة. فإلى الوجوم الذي رافق إعلان «بيت الوسط» ومساحات الإنتظار في الرابية ثمّة مَن يتحدث عن قلق النائب وليد جنبلاط، ولم يعد سرّاً شعور الرئيس نبيه برّي بالغضب، وهو ما طرح السؤال: مَن سيدفع الثمن؟

قد يكون من السابق لأوانه الحديث عن دخول الواحد والثلاثين من تشرين الأول الجاري تاريخاً لبداية عهد جديد في نادي رؤساء الجمهورية في ظلّ مساحات الشغور الرئاسي التي شهدتها نهايات العهود الرئاسية الأخيرة القانونية منها والممددة. فلم يعد هناك موعد محدد لحفلات التسليم والتسلم في القصر الجمهوري منذ ثلاثة عقود امتدت من نهاية القرن الماضي الى بدايات الجاري.

لذلك، ليس سهلاً على رواد النوادي السياسية والحزبية الجزم من اليوم بأنّ الجلسة المقبلة ستشهد انتخاب الرئيس الذي طال انتظاره. ففي السيناريوهات المتداوَلة أكثر من خريطة طريق وهذه نماذج منها.

– ستُعقد الجلسة بمَن حضر وبنصاب قانوني لم تشهده سوى الجلسة الأولى التي عقدت في 23 نيسان 2014 وستكون عملية انتخابية ديموقراطية بكلّ المقاييس، فالمفاجآت ليست واردة لكنّ الحصاد بالأرقام التي يرغب بها العماد ميشال عون لن يكون وفيراً.

– استحالة الخطوة رهناً بالمساعي الجارية لسحب ترشيح النائب سليمان فرنجية من السباق الى قصر بعبدا منعاً لأيّ مفاجآت وسعياً الى وصول «الرئيس التوافقي» بعدما أصرّ عون على هذه الصفة، والتي طلب بالإستناد اليها تأييده من الرئيس سعد الحريري رئيس الكتلة النيابية السنّية الأكبر وزناً بين الكتل كافة.

– تأجيل الجلسة المقبلة بعد دقائق على انعقادها لفقدان النصاب ما لم يتجاوب برّي مع دعاة تأجيلها قبل سفره الى جنيف اليوم لتشكيل مساحة واسعة لإتصالات، ربما سيقوم بها «حزب الله» على أكثر من جبهة.

في السيناريو الأول نقاط ضعف كثيرة. فالعودة الى الوراء عاماً كاملاً تظهر بوضوح أنّ ترشيح فرنجية في مثل هذه الأيام من العام الماضي أوحَى أنه الرئيس المقبل. وبقي الحديث سائداً لأيام أنّ الأمور حُسمت، فجال على الأقطاب وزار الضاحية الجنوبية ولم تقفل أمامه سوى ابواب الرابية ومعراب.

كما تلقى تهاني الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ووضعت البوانتاجات التي حسمت تأييد 71 نائباً على الأقل في انتظار خطوة واحدة كانت كافية لحسم الأمر كأن يُقرّر «حزب الله» وقف استخدام سلاح النصاب والنزول الى ساحة النجمة.

أضف الى ذلك، فإنّ الأيام الفاصلة عن نهاية الشهر الجاري لم تعد تتّسع لما هو مطلوب من خطوات وجولات لعون على الأقطاب والرؤساء السابقين للجمهورية ومعراب وبنشعي وكليمنصو، والتي تقرّر القيام بها إن قبل اصحاب هذه المواقع بالخطوة عدا عن النية بالعودة مرة أخرى الى عين التينة لترميم العلاقات مع برّي بعدما اكتسبت زيارة أمس الأول شكلاً من أشكال الواجب بأقلّ كلفة وبفقدان العلاقات الرطبة بين الرجلين.

في السيناريو الثاني، لا توحي الأجواء التي رافقت «تأبيد» ترشيح عون الى حين وصوله الى بعبدا بإمكان تغيير هذه الصورة. فالعالم وإن عبّر عن عدم اهتمامه بالإستحقاق الرئاسي في ظلّ انشغاله بالملفات الكبرى، لكنّ عيونه تراقب وتسجّل أدق التفاصيل لما يجرى على الساحة اللبنانية رغم إعطائه الأولوية القصوى للأمن والإستقرار في لبنان.

كما يفتقر السيناريو الثاني الى فقدان القناعة بأنّ ما يجرى اليوم «طبخة لبنانية» بكلّ موادها الأوّلية وإلّا لأمكن معالجة كلّ الملاحظات التي تعوق استحقاقاً كامل الأوصاف منذ زمن. فيما يسود الإعتقاد بأنه، وإن وُجد شكلٌ من أشكال الصناعة المحلّية، فإنّ الحقيقة تُقال إنّ ما يجرى قد يعتبر «عملية تجميع» لقطع استوردت من أكثر من عاصمة في الخارج.

أما السيناريو الثالث الذي يُعتقد بأنه الأقرب الى الأمر الواقع، فهو البديل الطبيعي للسيناريوهين السابقين وهو رهن بحجم الاتصالات وقدرة «حزب الله» على لململة الحلفاء وحلفاء الحلفاء.

وعلى هامش هذه السيناريوهات وما عداها، ثمّة مَن يعتقد أنّ ضيق الوقت لإنجاز الإستحقاق قبل نهاية الشهر لن يكون عاملاً إيجابياً، فعدم الوصول الى مخرج سريع قد يفتح الباب على مخاوف مصدرها أكثر من مصدر خارجي قد ينعكس داخلياً. فدعاة التراجع عن الترشيحين الحاليَين ومعهم مراقبون، لم يتوقفوا عن التكهّن بمواقف خارجية وصولاً الى «تغريدة» يمكن أن تضع حداً لأجواء التفاؤل السائدة مضافة الى ضربة أمنية محتمَلة قد تفتح الباب أمام سيناريو قديم – جديد لربما كان وسيكون لمصلحة مدّعي الإنتصارات قبل الخائبين ممّا حصل.