صديقي «أسدي وممانع حتى العظم». أهميته أنه لم يبدل ولم يغير ولم يتنازل، رغم أنه دفع ثمن مواقفه إبعاداً دائماً عن المواقع والغنائم. قال لي ضاحكاً: «لن تكون موجوداً حتى ترى ما بعد الأسد»، وما قاله صديقي ممكن. المؤكد «أن الأسد لن يبقى الى الأبد» السؤال: متى وكيف وماذا بعد؟
التطورات الميدانية، تسمح بالتفاؤل. الأسد لم يعد يسيطر على أكثر من 20 بالمئة من الأراضي السورية. زحف المعارضة مستمر. القضم والهضم للمواقع يتقدم. حماة وحمص، قريباً تحت مرمى النار. دمشق بدأت تعاني من «القنص المدفعي». رغم ذلك لا تكفي التطورات العسكرية لأن يسقط الأسد. يجب انتظار قرارات القوى الخارجية المشدودة أساساً الى تعبها من بقاء الأسد، تماماً كما هذه القوى تنتظر تعب القوى المتقاتلة حتى تتقدم باتجاه الحل السياسي. لا شك أن الأسد بدأ يتعب لكن المهم أن يقرر حلفاؤه، إبلاغه تعبهم منه. كل هذا مرتبط بالمفاوضات والمقايضات.
أمام هذا الواقع، لا يوجد سيناريو واحد لسقوط الأسد ولا سيناريو واحد لما بعد الأسد. يوجد سيناريوات عديدة، جميعها خارجة من «مغطس» الدماء السوري. من دون أولوية فإنها:
[تتفاهم موسكو وطهران مع واشنطن «ان الأسد خارج الحل». يتم ابلاغ الأسد بأن «ساعة المنفى» قد دقّت، فيجمع حقائبه ويأخذ من يريد ومن يقبل، ويتوجه الى احدى العواصم من بينها موسكو الباردة أو طهران الاسلامية، أو البرازيل التي يستطيع أن يختفي في أدغالها ولو الى حين.
قد يسبق ذلك حتى يفهم الأسد أن «الفيلم الدموي الطويل» انتهى، صدور قرار من مجلس الأمن بانتهاء زمن سلاح التدمير الشامل من «البراميل المتفجرة» والسلاح اللاإنساني «غاز الكلور«. يفهم الأسد أنه عملياً خسر الحرب، ولا داعي للبقاء في «البونكر«، فيقبل الرحيل. من المؤكد أنه لن ينتحر كما فعل هتلر. الانتحار في حالته هذه تتطلب الشجاعة. من ورث السلطة، ليس كمن صعد من القاعدة الى القمة.
[ يعاند الأسد تقدم المعارضة والخارج ويقاتل حتى آخر سوري. ترفض «نواة» الجيش والنظام السوري الانتحار، فيقع الانقلاب العسكري على يد مجموعة من الضباط منهم ضابط علوي كبير يشكل ضمانة للعلويين وهي ضمانة ضرورية، وتكون النهاية اعتقال أو مقتل الأسد ومَن معه خصوصاً شقيقه العقيد ماهر الذي يوصف بأنه «رئيس الليل»، لأنه يتسلم السلطة من شقيقه بشار الذي يوصف بأنه «رئيس النهار».
[ يصل الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية الى قناعة، بأن استمرار الحرب في سوريا والعراق تهدد الأمن العالمي، فيتم استصدار قرار أممي بالتدخل العسكري المباشر. يمر القرار من دون أن تستخدم موسكو الفيتو. تبدأ «عاصفة» جديدة أين منها «عاصفة الصحراء».
نهاية الأسد لا تعني نهاية الحرب. بالعكس اليوم التالي لما بعد الأسد، حرب كونية أخرى أوسع وأشرس، تشمل كل القوى ضد «داعش». تتوقع قوى سورية وعربية، أن يتخلى القسم الأكبر من السوريين عن «النصرة» و»داعش» لأنهم انضموا إليهما لحاجتهم للسلاح والمال، بعد أن منع عنهم السلاح والقرار بالقتال والقبول بالهجرة أو التهجير، أي ليس عن قناعة حقيقية، هذا التحول يسهل المعركة ضد «داعش» ويخفف أعباءها على السوريين.
توجد احتمالات وسيناريوات عدة لمستقبل الأسد ونظامه وأيضاً ما بعده. منها غرق سوريا في «العرقنة» أو «الصوملة»، أو على الطريقة «الليبية» كما يتخوف «القيصر» بوتين. كل شيء يتوقف على جدّية «الكبار»، وماذا «ستقبض» كلٌ من موسكو وطهران ثمن تخليهما عن الأسد. لهذا فإنه يوجد رابحون كبار وصغار في جميع الاحتمالات، وخاسر واحد كبير هو الشعب السوري.