Site icon IMLebanon

السنة الدراسية في مرمى «الضربة الموجعة»

 

حتى ساعات متأخّرة من ليل أمس واصَلت لجان الأهل في المدارس الخاصة اجتماعاتها، وكثّفت الروابط التعليمية والأساتذة اتّصالاتهم، إذ قرّرت نقابة المعلمين تعليقَ الإضراب في المدارس الخاصة، فيما أعلنَت هيئة التنسيق النقابية تمديدَ الإضراب حتى الخميس. إضراب الأساتذة لم يستسِغه الأهل منذ اللحظة الأولى على اعتبار: «منِدفع القِسط ليبقوا ولادنا بالبيت؟». أمّا أكثر ما يحزّ في نفوسهم عجزُ الدولة عن تأمين ما يتوجّب عليها للمعلّمين في القطاع الرسمي، وإلزام أهل تلامذة القطاع الخاص دفع زياداتٍ على الأقساط.

فوضى، إرتباك، ضَياع. ثلاث كلمات تختصر انطلاقة السَنة الدراسية التي كانت مقرّرة رسمياً في المدارس الخاصة أمس. وكأنّ الأهالي لم يكن ينقصهم، بعدما بلعوا تدريجاً «موس» زيادات الأقساط، إلّا إضراب الأساتذة واعتصامهم منذ اليوم الأوّل.

«إضرابهم غير مجدٍ»

في وقتٍ علّقَ الأساتذة إضرابَهم أمس، بعدما اعتكفوا عن الحضور إلى صفوفهم الاثنين والثلثاء، تكبر نقمةُ الأهالي ككرةِ ثلج «الوضع مِش مقبول». في هذا السياق توضح رئيسة اتّحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في كسروان الفتوح وجبيل ميرنا الخوري أنّ «الحلّ ليس بتعليق السلسلة أو حرمان الأساتذة حقوقهم، نحن مع تعزيز موقع الأستاذ ولكن ليس من جيوبنا ولا على حساب مستقبل أولادنا».

وتضيف: «أعطينا فرصةً للمعلمين الاثنين والثلثاء ليعبّروا، ويطالبوا بحقوقهم، وتفهَّمنا الوضعَ الضاغط الذي يمرّون به، ولكن لا نحتمل أيّ يوم إضرابٍ إضافي، لذا ما إنْ يعودون للتلويح بالإضراب سنبحث في التصعيد بوجههم».

ميرنا وغيرُها من الأهالي لم يجدوا في اعتصام الأساتذة أيَّ جدوى، معتبرين «أنّ السلسلة أقِرَّت في عزّ الصيف ولم يكونوا في الشارع، والقضايا في لبنان تتحرّك أو تتوقّف نتيجة قرارات سياسية»، لذا نصَحوا الأساتذة بعدم العودة إلى الشارع، مؤكّدين رفضَهم «إقحامَ أولادنا في أتونِ الصراعات القائمة».

من يَحسم التدريس؟

حيالَ المعمعة التي تُرافق انطلاقة العامِ الدراسي وموجة الإضرابات أرجَأت بعضُ المدارس الخاصة فتحَ أبوابِها مكتفيةً بإرسال رسائل قصيرة إلى الأهل مساءً، فيما البعض الآخر استقبلَ التلاميذ على نحو طبيعي.

وفي هذا السياق، يؤكّد أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار إبقاءَ أبواب المدارس الكاثوليكية مفتوحة في شتّى الظروف»، مردّداً: «نحن لا نُقفل أبوابنا في وجه الأهالي». ويوضح في حديث لـ«الجمهورية»: «وصَلت الأمور إلى ما سبقَ وحذّرنا منه، قانون السلسلة ينضوي على الكثير من الفجوات التي يجب معالجتُها.

نحن متمسّكون بمعادلة وحدة التشريع والتمويل، الدولة فرَضت السلسلة من دون التشاور مع القطاع الخاص ولا مع الأهل، لذا تتحمّل المسؤولية»، داعياً إياها لأخذِ «مبادرة جريئة تاريخية، تُصحّح ما سبَّبته من أخطار وما أفرَزته بتشريعِها غيرِ العادل من حساسيات بين مكوّنات المجتمع التربوي».

التلاميذ في «بيوتُن»

«السَنة الدراسية تنتهي قبل أن تبدأ في لبنان»، وغيرُها من التعليقات الساخرة غصّت بها مواقع التواصل الاجتماعي، فيما الواقع «مرير»، على حدّ تعبير عازار، الذي أسفَ لاستقبال بعض التلاميذ السَنة الدراسية في منازلهم.

بين إصرار إدارات المدارس على التعليم وارتباط الأساتذة بنقابة المعلّمين، سواء بالتعليم أو الإضراب، يوضح عازار: «قانونياً، لا ينتسب جميعُ المعلمين إلى النقابة، ويرى بعض المشرّعين وجوبَ احترام أيّ قرار قد تتّخذه نقابة المعلمين، فيما إداراتُ المدارس تعوّل على أن ليس كلّ طاقمها منتسباً إلى النقابة». ويضيف عازار: «سواء عادت نقابة المعلّمين إلى الإضراب أو لا، في اتّحاد المؤسسات التربوية متفقون على أنّ المدارس لا تقفِل أبوابَها».

الحلّ؟

وفي وقتٍ لا تلوح حلولٌ مرتقبة في الأفق، يَعتبر رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية المطران حنا رحمة «أنّنا كنّا بغِنى عن الورطة الراهنة والفوضى العارمة لو أُشبِع ملفّ السلسلة درساً، فقد وعَدت الدولة الأساتذة برواتب عالية كمن يبيع الأوهام أو السمكَ في البحر، علماً أنّ الدولة مدرِكة لحال جيبِها الفارغ».

ولا يتردّد رحمة في حديثه لـ«الجمهورية» بطرحِ الحلّ قائلاً إنّه «يكمن في التشريع للسَنة المقبلة، أي بتأجيل تطبيق السلسلة بعد سنةٍ من إقرارها ريثما يتمّ وضعُ خطة ماليّة، أمّا اليوم فيتمسك الأستاذ بكلمة «وعَدونا»…». ويضيف: «الفرق شاسع بين الجندي الذي منِح فقط 3 درجات إستثنائية والأستاذ الذي منِح 11 درجة، فأين العدالة؟»، معتبراً «أنّ على الدولة تحمُّل الوعود التي قطعتها على مواطنيها».

وطالبَ رحمة الدولة «الاهتمام بتلامذة المدارس الخاصة إسوةً بالرسمية، «إفترَضنا في لبنان نحو 400 ألف تلميذ في القطاع الخاص، إذا سدَّدت الدولة عن كلّ تلميذ مليون ليرة، يعني أنّها ستدفع 400 مليار ليرة في السنة، فلماذا لا تتكفّل الدولة بتسديد مليون ليرة عن كلّ تلميذ، خصوصاً وأنّ المليون تُعادل زودةَ السلسلة… لذا على كلّ تلميذ لبناني أن يستفيد من دولته».

على رغم تعليق الإضراب في المدارس الخاصة، إلّا أنّ الخوّف ما يزال قائماً عند الأهالي من ضربِ العام الدراسي، وبذلك يتضرّر أبناؤهم كما تتضرّر «جيوبهم»، والنتيجة: الفوضى تحكم سياسات الدولة وهم يَدفعون الثمن.