غداً، يبدأ تنفيذ خطة العودة إلى المدارس مع صفوف شهادة الثانوية العامة كما هو مقرر وسط اعتراضات واسعة من ممثلي الأساتذة والطلاب والأهالي في القطاعين الرسمي والخاص، والذين أعلنوا مقاطعة التعليم الحضوري. وحدهم أصحاب المدارس مؤيدون للخطة، فهل يجري وأدها في مهدها؟
في ظل جائحة «كورونا»، حُذف محور المناعة من مادة علوم الحياة لشهادة الثانوية العامة! هذا أحد ملامح «تخفيف التخفيف» للمناهج التربوية التي تقلصت إلى الربع في مواد كثيرة. فيما ترك توقيت الامتحانات في 26 تموز علامات استفهام مرتبطة بمباريات دخول الجامعات ومتابعة الدراسة في الخارج. وتوقفت مصادر تربوية عند امتحان الطالب بمواد اختيارية، سائلة ما إذا كان الطالب متمرساً فعلاً للقيام بهذه المهمة، وكيف يمكن أن يتبلغ قراراً كهذا في نهاية العام الدراسي؟ وماذا ستكون دواعي الاختيار؟ هل سيختار المواد الأقل صعوبة لرفع معدل علاماته وضمان نجاحه أم المواد التي تمكن من اكتساب معلومات فيها أكثر من غيرها؟ والأهم: ما جدوى أن يمتحن الطالب في ربع المنهاج فقط؟
على أية حال، تبدو خطة وزارة التربية لـ «العودة اللا آمنة» إلى المدارس وإجراء امتحانات شبه رسمية وكأنها وُلدت ميتة. مكوّنات «الأسرة التربوية» نفسها التي يفترض أنها استشيرت في الخطة ووافقت عليها لم تتأخر في «رجمها»، لأن مشاركتها كانت فولكلورية، ومن بين هذه المكونات ممثلو الأساتذة في القطاعين الرسمي والخاص. فقد رفضت روابط أساتذة التعليم الرسمي ونقابة المعلمين في المدارس الخاصة العودة إلى التعليم المدمج قبل تلقي «اللقاح الآمن» ضد فيروس كورونا وتأمين بديل عن «استرازينيكا»، فيما دعت النقابة إلى إلغاء الشهادة المتوسطة وإجراء امتحانات الثانوية العامة على دفعتين (في نهاية حزيران لمن أنجز المنهج وفي نهاية تموز)، على أن تجري امتحانات الدورة الثانية في أيلول.
أما ممثلو المدارس الخاصة فبدوا مرتاحين لقرار الوزارة «المتواطئ» مع العودة الحضورية ابتداء من الغد إلى الصفوف، وطرح اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة إجراء امتحانات الثانوية العامة في المدارس بإشراف وزارة التربية، على غرار البريفيه. وثمة من المدارس الخاصة من همس في أذن الوزير بأن القرار سيواجه اعتراضاً في الأيام الأولى، لكن الجميع سيرضخ تحت ضغط إدارات المدارس، خصوصاً أن قرار ترفيع الطالب بات في يدها. وهو يضاف إلى أوراق الضغط الأخرى التي تمتلكها للمطالبة بالأقساط.
الإدارة التربوية: الاعتراضات ستبقى مهما كان القرار ولا يمكن إرضاء جميع الفرقاء
إلى ذلك، ذهبت بعض فئات الأساتذة إلى اقتراحات بديلة لخطة الوزارة، ومنها لقاء النقابيين الثانويين الذي يسعى إلى توحيد جبهة المعارضة النقابية حول خطة تستند إلى الواقعين الصحي والاقتصادي. ويتضمن «تصوّر الخطة»، بحسب عضو اللقاء فيصل زيود، «وقف العام الدراسي حالياً واستكمال التلقيح الآمن للأساتذة والطلاب وإعطاؤهم فرصة الاختيار بين لقاحات عدة، وإعطاء سلفة مالية للأساتذة تمكنهم من الانتقال إلى مدارسهم، واستئناف العام الدراسي الحالي حضورياً في أيلول لمدة شهرين وإجراء الامتحانات التقييمية والرسمية في تشرين الثاني المقبل، على أن يبدأ العام الدراسي الجديد في بداية كانون الأول». أما الطلاب الذين يريدون متابعة دراستهم في الخارج، فإن «نسبة هؤلاء ستكون ضئيلة جداً، نظراً للظروف الاقتصادية الحالية، وبالتالي تأجيل إنهاء العام الدراسي إلى تشرين الثاني أضمن من إجراء امتحانات رسمية حالية بربع المنهج، وضرب مستوى الشهادة الرسمية». وقال زيود: «إننا سنتحرك باتجاه لجان الأقضية في رابطة الأساتذة والتيار النقابي المستقل والمتعاقدين لتشكيل جبهة واسعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من التعليم الرسمي».
وبرزت دعوة خاصة بأساتذة صفوف الشهادات الثانوية في التعليم الرسمي للمشاركة في لقاء عبر زوم لإبداء الرأي بشأن كيفية استكمال العام الدراسي، والامتحانات الرسمية (الاستعدادات، التوقيت)، الثالثة من بعد ظهر اليوم. ونفذت أمس اللجنة الطالبية اعتصاماً رفضت خلاله خطة الوزارة وطالبت بالمشاركة بصنع القرار التربوي من خلال تمثيل اللجان والروابط الطالبية في الأسرة التربوية.
مصادر الإدارة التربوية التي أعدت خطة الوزارة «الهجينة»، قالت إن الاعتراضات ستبقى مهما كان القرار ولا يمكن إرضاء جميع الفرقاء، «إلا أننا حاولنا أن نطرح أفضل الممكن بعدما فتحت جميع مرافق البلد وقارنت المدارس مع الحضانات التي فتحت أبوابها وثمة روضات في المباني نفسها التي تشغلها هذه الحضانات، ولا نريد أن نخسر ما تبقى من التربية والمستوى التعليمي، لا سيما أن الوزارة لا تستطيع أن تصادق على علامات لامتحانات لم تنظمها، كما أنها لا تستطيع مادياً ولوجستياً أن تنظم الامتحانات على دفعتين». وأشارت المصادر إلى أن الظروف الاقتصادية الضاغطة هي على كل اللبنانيين وليس فقط على المعلمين والطلاب، و«المدة التي سيعود فيها الطلاب للتعليم المدمج لن تتجاوز في بعض الحلقات التعليمية أكثر من شهر واحد ستجري خلاله مراجعة سريعة للمعلومات». وأوضحت أن تلامذة المدارس الخاصة التي تقول إنها أنجزت البرنامج لم يتمكنوا جميعاً من الوصول إلى التعليم، وبالتالي فإن العودة الحضورية ضرورية.