بفارغ الصبر ينتظر تلامذة «البريفه» الموعد الذي سيُعلنه اليوم وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده لإصدار الدفعة الأولى من نتائج الامتحانات الرسمية، فيما يُواصل بقية التلامذة كباشهم مع إداراتهم للحصول على «كارنه» آخر السنة من دون «تسكير» أقساطهم، فيما أهلهم منغمسون في البحث عن مدرسة أقلّ كلفة وألماً على جيوبهم. في هذا الإطار يُحذّر رئيس اللجنة الاسقفية للمدارس الكاثوليكية المطران حنا رحمه، في حديث لـ»الجمهورية»، من بدء إقفال عدد من الـ «مدارس الخاصة الواقعة في مناطق الاطراف، نتيجة التحديات المالية التي فرضتها السلسلة في ظل غياب أي دعم رسمي»، مشيراً إلى «انّ الاقساط غير المحصّلة تتجاوز الـ40 مليار ليرة».
«تِنذكر ما تنعاد»، عبارة تختصر ردود أفعال الاهالي والاساتذة وأصحاب الإدارات حيال نقمتهم من السنة الدراسية، فبعدما اختلفوا، وتواجهوا، وانقسموا، وأضربوا… أجمعوا على أنهم لم يشهدوا مثيلاً لهذا العام الدراسي الذي يُلملم لحظاته الاخيرة، وفي مجالسهم الخاصة يعترفون: «أضعنا البوصلة تربويّاً».
مدارس إلى الإقفال؟
مع اقتراب «إطفاء الشمعة الاولى» على إقرار سلسلة الرتب والرواتب ومنح الأساتذة الدرجات الست، تتجه بعض المدارس إلى إطفاء شمعتها وتعداد أيامها الاخيرة، نتيجة تعثّرها في مواجهة التحديات التي فرضتها السلسلة، ولعدم تجاوز أعداد تلاميذها الـ300 و الـ400. في هذا السياق، يُعرب رحمه عن أسفه لـ«الجمهورية»، قائلاً: «بعض المدارس أُصيبت بالصميم وكأنها ضُربت على الوتر الحساس بعدما كانت تواجه الفواتير المتراكمة عليها بـ«اللحم الحي»، أمّا اليوم فما عاد بوسعها تحمّل المزيد من التكاليف التشغيلية والمصاريف المستجدة». ويتابع: «علمت أنّ نحو 8 مدارس في طريقها إلى وزارة التربية والتعليم العالي لتقديم طلب مفاده انها ستقفل وتنهي رسالتها التربوية. ولهذا الإقفال تداعيات أبعد من أن تكون تربوية ومادية، إنما اجتماعية لا بل وطنية، لأنّ مثل تلك المؤسسات ثَبّتت أهلنا في أرضهم، وعزّزت مكانة الاستاذ في قريته، وأبقَت الفتيان في ضيعهم…» ثم سأل بنبرة غاضبة: «هل تتحمل الضيَع اللبنانية والمناطق النائية المزيد من التهجير؟».
4 تموز موعد فاصل
لا يخفي رحمه قلقه من اتّساع دائرة المدارس المتجهة نحو الاقفال نتيجة التحديات، فيقول: «بصعوبة أنهَت معظم المدارس الخاصة عامها الدراسي، من دون أيّ معالجات جذرية، ولا حتى التفاتة رسمية من المعنيين عن توريطها في هذا المستنقع». ويضيف: «ما يزيد الطين بلة، انه مع اقتراب 4 تموز موعد تحديد عدد التلامذة للسنة المقبلة، وتجديد العقود مع الأساتذة، لذا ستكون المدارس امام خضّة لا يُستهان بها، لأنه نتيجة الظروف الاقتصادية قد يتجه بعض التلامذة إلى استبدال مدارسهم بأخرى أقل كلفة، ما يضع المدارس أمام تحد في إمكانية المحافظة على أبوابها مفتوحة تزامناً مع تراجع أعداد تلامذتها». ويتابع متوقفاً عند مشكلة أخرى ستواجهها الإدارات، فيقول: «بعضها سيكون في حيرة لا بل في ورطة لجهة تحديد قيمة القسط للسنة الجديدة، وفي تعاملها مع الدرجات الست الممنوحة للأساتذة». ويضيف: «لا شك في انّ تدنّي أعداد التلاميذ سيدفع بعض الادارات للتخلي عن عدد من أساتذتها، «إذا التلاميذ ما تسَجّلوا، المدارس شو فِيا تعمل؟».
لذا، أعلن رحمه حال الطوارئ: «نحن في مرحلة دقيقة وحساسة، نناشد رئيس الجمهورية والمعنيين كافة بالتدخّل قبل 4 تموز لدعم المدارس الخاصة أو للتراجع عن الدرجات الست الخاصة بأساتذة التعليم الخاص أو تمويل الدولة لها، بالاضافة إلى قرارات أخرى تُتيح للإدارات تحديد خطة عملها، والاساتذة معرفة مصير وظائفهم والاهالي اختيار المدارس التي تناسب أوضاعهم المعيشية وتُلبّي طموحاتهم في الوقت نفسه».
ماذا لو تأخرت الحكومة؟
هاجس ترحيل الازمة التربوية إلى العام المقبل يشغل بال رحمه، فيقول: «ماذا لو طالت عملية تشكيل الحكومة؟ المفروض أن يتحرك مجلس النواب وينهمك في حل الازمة التي هي في الظاهر تربوية إنما في الواقع وطنية صَرف». وتابع مشيراً إلى «حاجة لبنان لمبادرة تربوية»: «حتى الآن لم تحل الازمة التربوية رغم ما شهده هذا العام من اجتماعات ولقاءات وزيارات واتصالات، كلها أدّت إلى مجرد تبريد أجواء ولكن لا نزال نراوح مكاننا والخلاف لا يزال قائماً نظراً إلى انّ العدد الاكبر من المدارس لم يلتزم في تسديد الدرجات الست الممنوحة، بفِعل السلسلة، إلى الاساتذة». وأضاف: «لذا، نتمنى لو يأخذ رئيس الجمهورية ميشال عون أي مبادرة تربوية من شأنها أن تعالج أزمة الدرجات الست، على أقلّ تقدير، سواء لجهة تمويلها أو التراجع عنها نظراً إلى التصدّع الذي أحدثته في السنة الدراسية».
أقساط «مكسورة»
بالتزامن مع انتهاء العام الدراسي، يؤكّد رحمه «انّ السنة الدراسية مضت بصعوبة، وانّ معظم الاهالي لم يسددوا ما عليهم، والإدارات لم تفرض ما يجب على الاقساط لدفع الدرجات الست لأساتذتها». موضحاً: «الإدارات في صدد إعداد التقرير النهائي لتحديد حجم العجز المالي الذي أصابها، علماً انّ معظم الاهالي لم «يسكّروا» الاقساط المتراكمة عليهم»، مشيراً إلى انّ «حجم الاقساط التي لم تُحَصّل في السنة الماضية، أي قبل إقرار السلسلة، بلغ 40 مليار ليرة. لذا، إنّ قيمة الأقساط غير المحصّلة هذا العام ستتجاوز حُكماً هذا المبلغ، نظراً إلى انّ الاقساط ارتفعت والاهالي لم يسددوا ما يتوجّب عليهم».
ختاماً، لفت رحمه إلى «انّ اجتماعاً تربوياً سيعقد قريباً قبل فوات الأوان، حيث لا يعود ينفع الندم».