IMLebanon

المدارس ـ الدكاكين: طلاب وهميون والافادة بـ2000$

 

تربية و تعليم   تحقيق   

على أبواب الامتحانات الرسمية، تنشط «دكاكين التعليم» التي لم تتوقف يوماً عن تزوير إفادات وترفيع طلاب راسبين وتسجيل آخرين وهميين لقاء مبالغ مالية خيالية وبتبرير من موظفين في وزارة التربية. الحملة التي تبناها وزير التربية السابق الياس بو صعب، عام 2016، لإقفال مدارس خاصة غير مستوفاة للشروط القانونية للتدريس وُئدت في مهدها، ولم يحوّل للمحاسبة أي من المرتكبين، فيما لا حياة لمن تنادي في وزارى التربية التي دخلت مرحلة تصريف الأعمال.

مسلسل التلاعب باللوائح الاسمية التي ترفعها مدارس خاصة يصطلح على تسميتها «دكاكين تعليم» إلى وزارة التربية مقابل مبالغ قد تصل إلى 3 آلاف دولار للاسم الواحد، لم ينته فصولاً. فبعد كشف فضيحة «مدرسة يوزرسيف» عشية الامتحانات الرسمية عام 2016 ومن ثم إقفالها، يأتي اليوم دور «ثانوية الجوهرة» في منطقة طريق المطار.

يومها، لم تكن «يوزرسيف» تبرم «الكومبينات» وحدها، بل كانت تعمل ضمن شبكة مدارس لتزوير إفادات وترفيع طلاب راسبين لقاء مبالغ مالية يشارك في إدارتها ع. م.

اليوم، قبل نحو شهر من موعد الاستحقاق لهذا العام، يتكرر السيناريو نفسه لجهة تزوير «ثانوية الجوهرة» للوائح في آخر نيسان بغرض تقديم طلبات الحصول على بطاقات الترشيح للامتحانات.

وفي الوقائع أنّ المدرسة فتحت أبوابها في العام الدراسي الحالي بإدارة المدرّسة ز. ن.، وبإشراف السيدة س. م.، في إطار الشبكة نفسها، وبناءً على موافقة استثنائية من مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية في انتظار الحصول على مرسوم ترخيص لم تنله حتى الآن. في العادة، يتقدم طالب الرخصة لفتح مدرسة خاصة بما يسمى «طلب موافقة استثنائية» بحجة أن وزارة التربية تتأخر في الإجراءات ولا تتقيد بأي مهلة لمخاطبة الدرك والأمن العام والمحافظة، وهنا يقترح رئيس مصلحة التعليم الخاص الموافقة على عمل المدرسة استثنائياً، على أن تتعهد بالإقفال في حال عدم إتمام المستندات. وكلما تأخر الوقت واقترب من نهاية العام الدراسي، يصبح وزير التربية مضطراً للموافقة والعمل برأي المصلحة. وهنا سمحت الموافقة الاستثنائية لـ«ثانوية الجوهرة» بتسجيل 368 تلميذاً حتى المرحلة المتوسطة، بناءً على مواصفات المبنى والملعب. وفي حين أن العدد الفعلي الذي يداوم في المدرسة هو 268 تلميذاً، يبلغ العدد المسجل على اللوائح المقدمة للوزارة 513 تلميذاً، أي أنّ هناك 245 تلميذاً وهمياً لا يداومون في المدرسة وموزعون على كل المراحل، من بينهم 113 طالباً في المرحلة الثانوية. وهناك نحو 100 طالب سيتقدمون للشهادات الرسمية.

وبشهادة المحلات التجارية والسكان في المنطقة، لا يوجد في المدرسة أي طالب ثانوي، إلاّ أنّ عرضاً مغرياً قدمه (ع. م.) بإدراج أسماء على لوائح المدرسة، مقابل مبلغ مالي، بغطاء من مصلحة التعليم الخاص، دفع المديرة ز. ن. إلى الموافقة، وجرت الصفقة. واللافت أنه بعد التدقيق في لوائح المدرسة المرفوعة إلى المنطقة التربوية في جبل لبنان، يتبين أن جزءاً من الطلاب درس العام الماضي في مدرسة «البيان» في منطقة طليا البقاعية وهي مدرسة يتابعها ع. م. نفسه، بحسب مصادر من المنطقة التربوية في البقاع. وهنا سنجد تلميذة من برجا وتلميذاً من الجنوب وآخر من بيروت مسجلين في طليا. هكذا، يقوم سيناريو التزوير على إدراج أسماء الطلاب الراسبين على لوائح مدرسة «البيان» والاستحصال على إفادات لهم مصدقة من المنطقة التربوية في البقاع، ثم إدراج أسمائهم على لوائح «ثانوية الجوهرة»، ليجري بعدها تبرير هذه الأسماء لقاء مبالغ مالية تتجاوز ألفي دولار، أي ما يقارب مليون دولار في كل عام لـ 500 طالب!

 

هناك 245 تلميذاً وهمياً لا يداومون في المدرسة من بينهم 113 طالباً ثانوياً

 

بحسب مصدر مطلع في مصلحة التعليم الخاص، يجري تجميع المستندات وتسجيل الطلاب في مدارس بيروت الوطنية والتوجيهية، في حين أن اللوائح المخالفة تعود إلى مدارس «الأمين فرست سكول» و«البيان ــــ طليا» و«ثانوية الجوهرة».

«الأخبار» علمت أيضاً أنّ المديرة أنهت العام الدراسي في آخر أسبوع من نيسان، بحجة الانتخابات النيابية وحلول شهر رمضان، استباقاً لأي تفتيش ولترك عدد الطلاب مبهماً. وفي هذه الحالة سيلازم الطلاب منازلهم ابتداءً من بداية أيار فيما لن يتقاضى المعلمون رواتب الشهر الأخير. وهذا إخبار للتفتيش المركزي والأمن العام للتدخل.

قد يكون مفيداً التذكير بأنّ قصة «يوزرسيف» ظهرت إلى العلن مع الشهادة المتوسطة حين أوقف أحد الموظفين المسؤولين عن الامتحانات في الوزارة نحو 200 طلب ترشيح، لكون المدرسة لا تملك ترخيصاً بذلك، وطلب موافقة الوزير قبل التوقيع على أي مخالفة من هذا النوع. وبعد أخذ وردّ داما أياماً، وجد الطلاب أنفسهم يصلون إلى اليوم الأول من امتحانات البريفيه في 30 أيار 2016 بلا بطاقات ترشيح. تجمع الأهالي أمام المدرسة وراحوا يستجدون وزير التربية آنذاك الياس بو صعب الذي وافق، تحت الضغط، على الإجازة لأبنائهم بتقديم الامتحان. حصل ذلك في ساعة متأخرة من ليل 8 ــــ 9 حزيران 2016 على نيل الممتحنين المدرجة أسماؤهم على اسم هذه المدرسة بطاقات ترشيح، على خلفية «ما بدنا يكون الطلاب ضحايا للتجار، فحسابنا مع المدرسة». وكانت المفارقة يومها أن يمتحن مرشحو هذه المدرسة وعددهم 131 تلميذاً في مركز واحد، بعدما خصصت لهم أماكن في آخر دقيقة.

بعدها، سحب بو صعب ترخيص المدرسة للمرحلة الابتدائية وأبلغ وزارة الداخلية بإقفالها، دون غيرها من مدارس الشبكة. يشار إلى أنّ «يوزرسيف» قدمت يومها لائحة بـ 450 تلميذاً في آذار 2016، ثم ألحقتها بلائحة أخرى بـ 1239 تلميذاً في نيسان 2016، وفي 12 أيار، ارتفع العدد على اللوائح إلى 1539 تلميذاً! ما يعني تسجيل أكثر من الف طالب في أقل من شهرين.