Site icon IMLebanon

بدء تحرير الأملاك البحرية المحتلّة؟

 

 

هو خبر سارّ يتمثل ببداية رحلة الألف ميل في ملف الأملاك البحرية. فقد باشرت النيابة العامة التمييزية في اليومين الماضيين تنفيذ قرار وضع اليد على أملاك عامة بحرية محتلة، وختمها بالشمع الأحمر. رغم ذلك، ثمّة من لم يرتدع عن استخدام نفوذه السياسي في القضاء لمواجهة إجراءات «التمييزية»

 

أخيراً، سلك ملف الأملاك البحرية مساره الطبيعي. قرار النائب العام التمييزي غسان عويدات المتخذ منذ نحو 10 أيام ببدء وضع اليد على التعديات المنشأة على هذه الأملاك، دخل حيّز التنفيذ؛ رغم إعطاء وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار مهلة أسبوعين إضافيين في أول آب المقبل للمتعدين من أجل معالجة أوضاعهم استناداً إلى القانون رقم 160 القاضي بتعليق المهل القضائية والقانونية. وعليه، علمت «الأخبار» أن الإشارة القضائية الأولى بوضع اليد كانت من نصيب التعدّي المقام على مرفأ ضبيه (يعود إلى زمن الحرب الأهلية) وهو عبارة عن مبنيين اثنين وعدد من الحاويات. وتشير مصادر قضائية إلى أن المساحة المعتدى عليها تناهز نحو الـ 54 ألف متر مربع. القضاء ختم التعدي بالشمع الأحمر على أن يعود لوزارة الأشغال العامة والنقل القرار بإزالة هذين المبنيين أو تركهما، كما قرار إدارة الدولة لهذه الأملاك أو تلزيمها عبر مناقصة عامة. إذاً، قرار النيابة العامة التمييزية باستعادة الأملاك البحرية دخل حيّز التنفيذ، وتقوم الخطة الحالية وفق المصادر، على البدء بإزالة التعديات عن المساحات الكبيرة: مرفأ ضبيه مثالاً. خبر سار ينتظره الكثيرون منذ زمن. النقطة الثانية ستكون من نصيب مرفأ في نطاق بلدة البوشرية – المتن الشمالي، يضع أشخاص من آل الجميل أيديهم عليه منذ زمن طويل. تناهز المساحة المعتدى عليها الـ 80 ألف متر ويترتب على المعتدين مبلغ 6 مليارات ليرة. النقطة الثالثة عبارة عن عدد من التعديات على أملاك كانت تُستعمل سابقاً كمرافئ غير شرعية في طرابلس. علماً أنه وخلال الكشف على هذه النقاط، وقعت القوى الأمنية على اعتداءات جديدة غير مذكورة في لوائح وزارة الأشغال، معظمها على شكل مطاعم ومقاهٍ.

 

جنبلاط وريفي استعانا بمجلس شورى الدولة لوقف تنفيذ قرار قضائي

 

 

ثمّة نموذج آخر من التعديات. نموذج وقح يتصرف أصحابه كما وأن أملاك الدولة ملك خاص لهم يجنون أموالاً طائلة منه من دون الالتفات إلى الحق والمال العام. ومتى قرر القضاء تطبيق القانون عليهم، يستخدمون نفوذهم لتسيير بعض القضاة على هواهم. هكذا، قرر منتجع «الميرامار» في القلمون الذي يرأس مجلس إدارته محمد أديب، شقيق سليمة أديب زوجة الوزير السابق أشرف ريفي والتي تملك هي الأخرى أسهماً في المنتجع بحسب السجل التجاري، عدم الامتثال لحكم القضاء بالدفع تحت طائلة الإقفال. وتمكن هؤلاء من وقف قرار إقفال المنتجع عبر الاستحصال على قرار من مجلس شورى الدولة يقضي بإبطال قرار النيابة العامة التمييزية. غير أن «التمييزية» اعتبرت قرار الشورى غير كاف ويحتاج إلى قرار وقف تنفيذ ليصبح سارياً. فاستحصل أصحاب المنتجع مجدداً على قرار وقف تنفيذ من محكمة البداية في طرابلس. ليتحول مجلس الشورى المفترض أن يكون الأحرص على الأملاك العامة إلى أداة استخدمها كل من زوجة ريفي وشقيقيها لإبطال قرار قضائي آخر. علماً أن إشارات امتياز وُضعت على سجل المنتجع في عام 2018 من قبل وزارة المالية بسبب التخلف عن دفع الضريبة على القيمة المضافة بقيمة فاقت المليار ونصف مليار ليرة لبنانية. كما «الميرامار» في الشمال، قامت شركة «كوجيكو» المتعدية على الأملاك البحرية في منطقة الجية، بمواجهة قرار النيابة العامة التمييزية بقرار آخر صادر عن محكمة البداية في بعبدا؛ فأوقفت تنفيذه. وبالمناسبة، شركة «كوجيكو» التي تعنى باستيراد الإسفلت واستيراد كل أنواع المواد البترولية والزيوت والشحوم والمواد الكيميائية يرأس مجلس إدارتها وليد البساتنة (أحد مستوردي الفيول لصالح الدولة)، ويساهم فيها كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وابنه النائب تيمور جنبلاط. علماً أن جنبلاط نفسه كان قد تقدّم في نهاية العام الماضي بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية ضد شاغلي الأملاك العمومية البحرية، وطالب فيه بإزالة المخالفات المرتكبة على الشاطئ اللبناني واسترداد هذه المساحات العائدة ملكيتها إلى الدولة! لكن عندما وصل الدور إليه، هرول لوقف قرار النيابة العامة التمييزية بقوة النفوذ السياسي.

رغم ما سبق، تتابع النيابة العامة التمييزية عملها بختم التعديات التجارية والصناعية والسياحية بالشمع الأحمر، طالبة من وزارة الأشغال العامة والنقل استلام هذه الأملاك. غير أن الوزارة لم تهيّئ بعد لوائحها بالكامل ولا تقوم بتوفير المعطيات إلى القضاء بحسب المصادر. «الأخبار» اتصلت بالمحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري الذي قال إن «واجبات النيابة العامة تجري بحسب الأصول وعلى أتمها؛ المطلوب زيادة في الإنتاجية من وزارة الأشغال وأن تمدنا بالملفات لنتمكن من الإكمال حتى النهاية». وكانت وزيرة العدل ماري كلود نجم قد ردّت على المقال المنشور في جريدة «الأخبار» بتاريخ 28 أيار 2020 تحت عنوان «الأملاك البحرية: وزيرا العدل والأشغال يمنعان الاسترداد!»، موضحة أنها لم تطلب تعليق تنفيذ قرار وضع اليد على ​الأملاك البحرية «وهو أمر غير وارد أصلاً لأنه لا يدخل ضمن صلاحيات وزير العدل القانونية». ونفت أن يكون قد صدر عنها أي موقف رسمي في ما يتعلق بمدى انطباق قانون تعليق المهل على هذه الحالة أو عن هيئة الاستشارات والتشريع، كما أنه لم يرد أي طلب رسمي من وزارة الأشغال أو من مصدر آخر لإبداء الرأي في هذا الخصوص.