في الظاهر، كان يمكن القول غداة تمرّد النائب نديم الجميل على النائب سامي الجميل (منذ أن كان منسقاً للجنة المركزية لحزب الكتائب) سواء في اقليم الرميل أو خلال جلسات المكتب السياسي، ان يدا قواتية تتلاعب بعقل شيخ الأشرفية.
ودعاية معراب القوية حول رعايتها لابن بشير وحرصها على اظهاره في كادر واحد مع رئيس حزب القوات سمير جعجع، غذيا الشكوك أكثر فأكثر. الا أن تحالف معراب والرابية كشف الصورة الحقيقية لعلاقة جعجع ــ الجميل، ليتبين أن نديم كان «كتائبياً أولا وأخيرا»، بعكس والده، و»باق في الحزب الذي يشهد نفضة في إقليم الأشرفية عبر تعيين ميشال رجي رئيسا جديداً له، واعادة «أبو شادي» (إيلي نصار) الى اقليم الرميل»، على ما يقول الجميّل لـ»الأخبار». علما أنه سبق للنائب عن المقعد الماروني في دائرة بيروت الأولى أن أقام الدنيا على نصار وأزاحه من منصبه، ليعيده اليوم بنفسه بعدما انحلت الأمور وباتت العلاقة بين نديم وسامي الجميل «ودّية وأكثر من جيدة». ويعمل شيخ الأشرفية اليوم على ملفين كما يقول: «مدّ الجسور مع الشباب المستقل والكوادر المنسية واعادة الثقة المفقودة في العلاقة ما بين السياسي والمجتمع الأهلي. فتجربة «بيروت مدينتي» أظهرت مدى خيبة أمل الأشرفية من سياسييها ونحن اتعظنا من النتائج وبالتأكيد ملتزمون روحية 14 آذار وسياسة الكتائب». لذلك، وفيما يقوم جعجع بفرز من معه ومن عليه عشية تحالفه مع التيار الوطني الحر، شطب اسم نديم الجميل من اللائحة، وفقا لمصادر مقربة من القوات، ويسعى لاستبداله بمرشح عن المقعد نفسه. فالقوات تتعامل مع الكتائب اليوم على أساس «السلة الواحدة لا القطعة»، ما يعني أن نديم ضمن هذه السلة بعدما أظهر فتورا حول فرضية ترشحه من معراب.
حاول جعجع
قبل مدة «جس نبض» المرشح الماروني
جورج شهوان
وعليه، تضيف هذه المصادر، «ان حصل تحالف مع الكتائب فسيبحث في ما اذا كان نديم مرشحا توافقيا بين الأحزاب الثلاثة والا فالأفضلية لمرشح مشترك ما بين القوات والتيار». وجعجع حاول منذ فترة «جس نبض المرشح الماروني ورئيس نادي الحكمة السابق جورج شهوان عبر أصدقاء مشتركين. وهو كان قد التقاه قبيل فترة قريبة على اعتبار أنه وجه مقبول لدى الجميع ولا عداوات قديمة أو جديدة له مع أي سياسي أو حزب». والأهم أن شهوان من خلفية قواتية وعلى علاقة جيدة بالرابية. وجرى التداول باسمه عدة مرات في السابق كمرشح عوني، فضلا عن أن شقيقه فاز بالمخترة في الانتخابات البلدية الأخيرة كمرشح عن حزب القوات بعدما انتسب اليه.
لكل شارع في الأشرفية «خبرياته»، والأخبار الأصدق تُلتقط من الأزقة الضيقة الفقيرة، حيث تغربل الأسماء وفق الانجازات والخدمات. لا التزام سياسيا هنا، الصوت لمن يلبي حاجات طبقة تسكن عشوائيات صغيرة على أطراف أبراج شاهقة بنيت بعرق كرم الزيتون وحيّ السريان وغيرهما. لذلك، يناصر جزء كبير من ناخبي الاحياء الفقيرة رجل الأعمال أنطون الصحناوي أولاً، لمساعدته الدائمة لهم عبر مكاتبه الخدماتية، والمرشح عن المقعد الماروني مسعود الأشقر (المتحالف مع التيار الوطني الحر) ثانيا. فـ «بوسي» كما يسمونه، لم يغب عنهم منذ حرب المئة يوم. هو حاضر بينهم، ويحرص دائما على الوقوف الى جانب الأهالي في الأفراح والأتراح، والأهم أنه يقصدهم سيرا على الأقدام لا من خلف الزجاج الأسود لاحدى السيارات الفارهة.
الجولة من السيوفي الى حيّ السيدة صعودا نحو ساسين، تقود الى شائعة قوية يتداولها البعض على أنها حقيقة واقعة ولو أن أصحاب العلاقة ينفونها نفيا تاما. والشائعة تتحدث عن نقل النائب سامي الجميل لترشيحه من المتن الشمالي الى الأشرفية «لاعادة العزّ الى مقعد الشيخ بيار الجميل»، فيما «تترشح شقيقته نيكول مكانه». فأي تحالف عوني قواتي بمساندة وزير السياحة والنائب عن المقعد الكاثوليكي ميشال فرعون وحزب الطاشناق في دائرة بيروت الأولى، كفيل بعزل ابن بشير الذي نجح في المرة الأولى «تحت هذه الراية». لذلك، يتطلب الحفاظ على هذا المقعد اسما قويّا في وجه «تحالف اعلان النيات»، والاسم لا يمكن الا أن يكون سامي الجميل على ما يضيف أصحاب هذه النظرية. ويذهبون بعيدا في التأكيد أن «الشيخ المتني ناقش الموضوع مع بعض المعنيين في انتخابات الأشرفية وحصل على وعد بالدعم المادي والسياسي اذا ما قرر المضي قدما في هذه الخطوة»، لكن ما تقدّم ينفيه نديم الجميل ومصادر بكفيا على حدّ سواء، فيما تتحفظ مصادر سياسية اخرى عن مناقشته في ظل عدم حسم قانون الانتخابات بعد، وتجدّد الحديث عن تمديد ثالث للبرلمان النيابي يعيد الكرة الى ملعب النواب الحاليين ولو كانوا عاطلين من العمل.