Site icon IMLebanon

رابطة التعليم الثانوي… هل تكون الثالثة ثابتة؟

 

حتى الآن تم تأجيل انتخابات رابطة اساتذة التعليم الثانوي من الاحد 16/1/2022 الى الاحد 23/1/2022 ثم إلى الاحد 30/1/2022 بسبب سوء الاحوال الجوية، في حين كان من الاساس وجود مخالفة للنظام الداخلي للرابطة الذي ينصّ على إجراء الانتخابات في الاحد الثالث من كانون الاول، ما يعني أنّه يُفترض فتح باب الترشيح مجدّدًا كي لا تتعرّض النتائج للطّعن.

 

وبعد تأجيل لمرّتين متتاليتين بسبب سوء الأحوال الجويّة وسيطرة موجة من الجليد على الطرقات الجبليّة، تجرى هذا الأحد انتخابات رابطة التعليم الثانوي. حيث تتنافس فيها إلى الآن أربع لوائح غير مؤكّدة بعد، إضافة إلى عدد من المرشّحين المستقلّين الذين لم ينضووا في أيّ لائحة. فهل ستستطيع الأحزاب السياسيّة التي تشكّلت منها الرابطة السابقة أن تستعيد زمام المبادرة السياسيّة؟ أم أنّ القوى التغييريّة التي انضوت تحت مسمّيات مستقلّة ستتمكّن من خرق هذا الائتلاف الحزبي الكبير؟

 

تبدو المنافسة شرسة جدًّا حتّى الساعة، لا سيّما وأنّ قرار عودة الأساتذة الذي اتّخذته الرابطة السابقة لم يرضِ الأساتذة الثانويّين، لأنّه بحسب ما صرّح به بعضهم لـ»نداء الوطن» «أنّ المحفّزات التي أقرّت في جلسة الاثنين الوزاريّة قد فقدت قيمتها؛ لأنه عندما طالب بها الأساتذة لم يكن الدولار قد تجاوز العشرة آلاف ليرة بعد، أمّا اليوم وقد أقرّها مجلس الوزراء فهي باتت بلا قيمة بعدما تضاعف سعر الصرف وهو آخذ في الصعود أكثر فأكثر».

 

بهذه الروحيّة يذهب الأساتذة الثانويّون غدا الأحد إلى انتخاب ممثليهم في رابطة أساتذة التعليم الثانوي، في انتخابات لم تخلُ من تدخّل مباشر لـ»حزب الله» عبر ممثّليه لا سيّما بعد فشله بجمع حليفيه التيّار الوطني وحركة أمل في لائحة واحدة لرفع حظوظهم بحسم المعركة لصالحهم. من هنا، يتابع التيار ابتزاز حليفيه سياسيًّا في أمكنة مختلفة سرعان ما ستظهر للعيان في الأيّام القليلة القادمة. وحده حزب القوّات اللبنانيّة نأى بنفسه عن هذه الانتخابات حيث يعتبر أنّه غير معنيّ بها بحسب البيان الذي صدر عن مصلحة المعلّمين في الحزب يوم السبت 22 كانون الثاني 2022. فأعلنت المصلحة «عدمَ دعمها أيًّا من اللوائح المتنافسة في انتخابات رابطة أساتذة التعليم الثانويّ ، مع تأكيدها أنها لم تُرَشّح أيًّا من أعضائها إلى أيّ مركز ضمن اللوائح المطروحة، داعيةً الزميلات والزملاء الأساتذة إلى تحكيم الضمير والتصويت لِمَن هو قادر على إنقاذ الأساتذة والرابطة في هذا الظرف العصيب واستعادة الموقع الوظيفيّ لأساتذة التعليم الثانويّ خدمةً للتعليم الثانوي بشكلٍ عام». لتصبح حتى الآن خارطة التحالفات وفق المشهد الآتي:

 

– لائحة تضمّ من الأحزاب: «حزب الله»، و «التيار الوطني الحر»، إضافة إلى بعض المستقلين. لم يتّخذ القرار بعد بإعلانها.

 

– لائحة تضمّ من الأحزاب: «أمل»، و «الاشتراكي»، و»المستقبل»، و»المردة»، إضافة إلى بعض المستقلين. كذلك لم يتّخذ القرار بعد بإعلانها.

 

– لائحة من بعض الشيوعيين، والجماعة الاسلامية، ولجان الأقضية، وبعض المستقلين تحت عنوان: « لائحة قوى التغيير النقابي». وهي مكتملة ومؤلّفة من 18 مرشّحًا.

 

– لائحة تضمّ النقابي حسن مظلوم، وفيصل زيود وبعض المستقلين، تحت عنوان: « مستقلّون». وهي غير مكتملة ومؤلّفة من 14 مرشّحًا من أصل 18. يبدو أنّ «الحزب» عمل على كسب الوقت بانتظار نضوج ترتيب العلاقة بين «أمل» و»التيار» من خلال التأجيلات التي عمل عليها تباعاً تحت الذرائع المناخيّة، وبالتأكيد الحرب الكلامية والالكترونية التي كانت في أوجها بين طرفي النزاع أي التيار والحركة في 16 من الحالي إنتقلت اليوم إلى المهادنة وتعبيد الطريق للتحالف النيابي المرتقب؛ وربما هذا الامر سينعكس على إنتخابات الرابطة غداً ليفرِج الحزب عن سجينته. فتكون الدعوة «الثالثة ثابتة»، ويفرج عن صناديق الاقتراع في 30 من الجاري».

 

وفي قراءة للبرنامج الانتخابي لـ «لائحة قوى التغيير» يتبيّن تركيز أعضائها على المطالب الماليّة والاقتصاديّة – الاجتماعيّة التي لخّصها المرشّحون بعشرة بدءًا بتثبيت القدرة الشرائيّة للرواتب، وتحسين تقديمات تعاونيّة موظّفي الدّولة، وصولاً إلى حماية ودائع الثانويّات في المصارف. ولفت الأستاذ «شكيب بارودي» المرشّح المستقلّ إلى أنّ هذه اللائحة تضمّ من التيار النقابي المستقلّ والجماعة الاسلاميّة ولجنة الأقضية التي تضمّ بدورها خريجي كليّة التربية الذين تعيّنوا حديثًا في المرسوم 89.

 

وفي حديث لـ»نداء الوطن» مع المرشّح الأستاذ إتيان عيد عن لائحة مستقلّون لفت إلى أنّ إمكانيّة الخرق واردة وخاصة من خلال أصوات المستقلين من الأساتذة، علمًا بأنّ هذه اللائحة تضمّ مجموعة من التربويين النقابيين لا تنتمي الى أيّ حزب سياسي. مع العلم أيضاً أنّ هذه اللائحة مفتوحة عملاً بمبدأ حرية الانتخاب الذي فضّل أعضاؤها تركه لزملائهم. وعلى ما تبيّن لـ»نداء الوطن»، بعد التحرّي عن سبب الخلاف بين اللائحة التي تضمّ النقابي حسن مظلوم أي لائحة مستقلّون، واللائحة التي تضمّ الشيوعيين، يكمن سبب الخلاف في أنّ كلا الطرفين يريد11 مندوبا من أصل 18 ليتحكّم بقرار الرابطة فحدث الشقاق، ونتجت عنه لائحتان. وأمّا عند الأحزاب فتبيّن أنّ النقاشات التي دارت بين المستقبل والحركة والحزب أفضت إلى خلاف حول تولّي رئاسة الرابطة التي بحسب العرف من المفترض أن تتولاها مرشّحة تيار المستقبل في هذه الدّورة. بينما المعروف بأن القرار بحسب النظام الدّاخلي في الرابطة هو بالتصويت باعتماد النصف زائداً واحداً. وبدا لافتاً أيضا المنحى الذي اتّخذه الحزب الشيوعي الذي لم يخض هذه الانتخابات تحت الراية الحزبيّة بل فضّل خوضها تحت مسمّيات اجتماعيّة مختلفة علّه يكسب ودّ بعض المندوبين المستقلّين الحقيقيّين. وهذا الأمر ليس مستغرباً فغالباً ما يأخذ الشيوعيّون هذا المنحى، ويبتعدون عن الحالة الحزبيّة ويدخلون الحياة السياسيّة من أبواب مختلفة. ولنا في تجارب هيئة التنسيق النقابيّة خير نموذج.

 

وفي حديث لـ»نداء الوطن» مع أمينة الإعلام في الرابطة الحاليّة الأستاذة ملوك محرز التي تشغل مركز مسوؤلة الشوؤن التنظيمية المركزية في المكتب التربوي لتيّار المستقبل، ومرشّحة تيار المستقبل للرابطة لفتت إلى أنّ « اليد ممدودة للجميع لانتخاب رابطة همّها تحصين حقوق الاساتذة والحفاظ على التعليم الثانوي الرسمي».

 

وكان قد أصدر المكتب التربوي في «تيار المستقبل» بيانًا لفت فيه الى أنّه مهما اختلف وضع تيار المستقبل إن كان في السلطة أو في صفوف المعارضة فهو يرى «أن الأوضاع التي تمر بها البلاد أصابت كل مكونات القطاع التربوي في لبنان بالأذى، وسنسعى كما كنا دائما لضمان تأمين المكتسبات التربوية من تصحيح عادل للرواتب والاجور، رفع موازنة تعاونية موظفي الدولة، رفع بدل النقل بما يوازي ارتفاع صفيحة البنزين، اضافة الى تحصين التعليم الرسمي من خلال تطوير المناهج».

 

أمّا الدكتور علي مشيك، رئيس المكتب التربوي في حركة أمل فأكّد أنّ « البحث القائم اليوم هو عن تحالف على القاعدة النقابية. وبناء عليه تمّ التواصل مع المستقبل والاشتراكي وبعض المستقلّين؛ وحدث أكثر من اجتماع مع حزب الله والتيار الوطني، لكنّه لم يسفر عن أيّ نتيجة». وأشار الدكتور مشيك إلى أنّه «من الممكن دعم أيّ نقابي له تجربة نقابيّة جيّدة من دون الدّخول في تسميات حزبيّة ضيّقة». وأشار إلى أنّ المشكل المناخي هو نفسه، ما قد يؤدّي إلى تأجيل مرّة ثالثة. وتمنّى الوصول إلى مساحة مشتركة لما هو خير لأستاذ التعليم الثانوي.

 

بينما الأستاذ روك مهنّا، رئيس المكتب التربوي في التيّار الوطني الحرّ أكّد أنّ حزبه لن يدعم أي لائحة من اللوائح الثلاث، لأنّه كما قال لنا بأنّ لائحة «المستقلون» ولائحة «قوى التغيير النقابي « فيهما حزبيون معروفو الانتماء، وهما بصدد تصفية حسابات بعضهما بين بعض، إضافة إلى تصفية حسابات مع الأحزاب أيضا.

 

ولدى سؤالنا الأستاذ مهنّا عن إمكانيّة انضواء مرشّحي التيّار في لائحة للأحزاب لفت إلى أنّ « طريقة التعاطي التي كانت تعتمدها الرابطة السابقة غير مشجّعة، إن من حيث إصدار البيانات من دون علم ممثّلي التيّار، أو من حيث التهجّم على فخامة الرئيس. فهذه التجربة لا تشجّع التيّار على التحالف مع الأحزاب مجدّداً.» وختم بأنّ الاحتمالات كلّها مفتوحة إن بالمقاطعة و إن بالمشاركة حسب القرار الذي قد يصدر بتأجيل محتمل للأسباب المناخيّة عينها التي أدّت إلى تأجيل الدورات السابقة.

 

وحتّى مساء أمس لم تحسم الأحزاب المتصارعة موقفها بعد، إن من حيث توحّدها في لائحة حزبيّة واحدة تضمّ الثنائي والمستقبل والاشتراكي والتيار، لا سيّما بعد الموقف الإعتكافي الأخير للرئيس الحريري، إضافة إلى الموقف المبدئي للإشتراكي بعدم الانضواء في لائحة واحدة مع «حزب الله». فضلاً عن موقف التيار الوطني الرافض التواجد في لائحة مشترَكَة مع أمل وإن بالانقسام في لائحتين حزبيتين، ويبدو أنّ الاتّجاه نحو تعزيز فرضيّة اللائحتين كما ذكرنا آنفًا، وهذا إن حصل يزيد في حظوظ المستقلّين أكثر لتشتّت الصوت الحزبي.

 

يبقى بعد، أنّه يوم غد إشكاليّة جديدة تطرح، فهل ستكون الثالثة ثابتة لدى «الثانوي» بهمة «الحزب»؟ وهل ستؤمّن الرابطة الجديدة التي مهما كان شكلها، مطالب الأساتذة؟ ممّا لا شكّ فيه أنّ الرابطة الجديدة ستحمل في طيّاتها نقمة على سابقتها، نتيجة للأخطاء العديدة التي اقترفتها، ونتيجة للتحريض الإعلامي الذي مارسه خصومها بنجاح ضدّها. وذلك كلّه على ضوء ارتفاع احتمال تأجيل جديد بسبب الأحوال الجويّة في الظاهر، ما يطرح فرضيّة استمرار محاولة «حزب الله» في سعيه لتشكيل لائحة واحدة للأحزاب على أن يخرج منها مَن يرغب بالمعارضة. والأهمّ من ذلك كلّه، هل ستتجاوب هذه الرابطة مع مطالب وزير التربية بالعودة إلى المدرسة ليُفَكَّ أسر المتعلّمين، وليُستكمَلَ العام الدراسي بنجاح، برغم التحديّات التي يواجهها من اقتصاديّة واجتماعيّة، والأهمّ الانتخابيّة، تلك المرتقبة في 15 أيّار القادم؟