Site icon IMLebanon

سرُّ سعد الحريري 

كأنَّها مفارقة، لا شيء يعمل إلا بيت الوسط:

مجلس الوزراء في إجازة قسرية بسبب عدم الإتفاق على آلية إتِّخاذ القرارات فيه.

مجلس النواب في إجازة، طوعية أو قسرية، لا فرق، بسبب عدم تلبية النواب لدعوة رئيس المجلس نبيه بري لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، علماً أنَّ الجلسة هي التاسعة عشرة ولم يتم فيها إنتخاب رئيس.

رئاسة الجمهورية، حدِّث ولا حرج، الشغور لم يعد يُعدُّ بالأيام أو بالأسابيع، بل بالشهور.

وحدُه بيت الوسط يعمل وبسرعة قياسية، فهل من سرٍّ، وما هو هذا السر؟

سرٌّ إسمه سعد الحريري، لكنَّه سرٌّ غير مشفَّر بل معروف ومفتوح، فلندخل إليه ولنتعرَّف عليه:

السرُّ هو أنَّه زعيمٌ شاب يتمتَّع بالرؤية المستقبلية وديناميكية، قلّ مثيلهما عند أصحاب المقلب الثاني من العمر. فليس مصادفة أن يستطيع عقد أكثر من عشرة إجتماعات في اليوم الواحد، وهي إجتماعات متباعدة في الشكل والمضمون:

يلتقي السفير الفرنسي على رأس وفدِ من أركان السفارة ويناقش معهم ما آلت إليه قضية الأسلحة الفرنسية إلى الجيش اللبناني الآتية من الهبة السعودية.

قبل هذا الإجتماع يرأس اجتماعاً لكوادر تيار المستقبل لوضعهم في أجواء الواقع اللبناني والتطورات العربية والدولية.

يُنهي نهاره باجتماع مع النائب وليد جنبلاط، وتُستَكمَل المناقشات إلى مائدة العشاء.

الأمر عينه تقريباً حصل قبل يومين، إذ عقد اجتماع عمل مع الدكتور سمير جعجع واستكمله على مائدة العشاء.

وبين الإجتماعين، إجتماعٌ مع رئيس الحكومة تمام سلام جرى فيه بحث كلِّ العراقيل والمطبات.

أولم أمس للعماد ميشال عون والوزير جبران باسيل. ويستقبل نقابة الصحافة اللبنانية غداً.

***

هذا غيضٌ من فيضِ خليَّة النحل في بيت الوسط، وكأنَّ الرئيس سعد الحريري يحاول قدْر ما يستطيع، وبالسرعة الممكنة والمطلوبة، ملء كل فراغ حاصل، سواء على المستوى الدبلوماسي أو السياسي أو حتى العسكري، من خلال الإجتماع الذي عقد مع قائد الجيش العماد جان قهوجي.

***

لكن هل هذا يكفي؟

الرئيس سعد الحريري يداه ممدودتان وعقله منفتح ونقاشاته مفتوحة مع الجميع، من دون إستثناء، ففي ذروة انشغالاته يتابع عن كثب الحوار الجاري بين تيار المستقبل وحزب الله، هذا الحوار الذي يبدو أنَّه بدأ يحقق شيئاً من النتائج الإيجابية على الأرض، ولا سيّما لجهة تنفيس الإحتقان بين الطرفين.

***

من لحظة عودته حتى اليوم، يكون الرئيس سعد الحريري قد ملأ الفراغ الذي تكوَّن منذ أكثر من ستة أشهر، وقد يكون حدَّد جدول الأعمال السياسي، للشهور الآتية، إذا صحَّ التعبير، ريثما يتمُّ إعادة إنتاج السلطة، وهذا الإنتاج لا يكون إلا بإنتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، وما دون ذلك ستبقى كل الأمور معلَّقة حتى ولو كان النشاط السياسي في بيت الوسط ومن بيت الوسط، في ذروته بإذن الله تعالى.