IMLebanon

زيارة سرية لضابط اميركي كبير الى لبنان

أضاء نبأ التوقيفات المتتالية للمديرية العامة للامن العام لقياديين في تنظيم داعش في مخيم عين الحلوة، والمعلومات عن مسعى لتحويل المخيمات الفلسطينية الى امارة اسلامية بعد ربطها ببعضها، على جانب مهم من الوضع اللبناني الداخلي الذي دخل مرحلة يصفها الدبلوماسيون الغربيون بالبالغة الخطورة على المستويات كافة، والتي استدعت وصول مسؤول عسكري اميركي كبير، بعيدا عن الاضواء وبشكل سري الى مقر السفارة في عوكر عبر مروحية اقلته من قبرص، ترافق مع اجراءات امنية مشددة في محيط السفارة، وحركة ناشطة للطوافات الاميركية، دون ان تعرف حقيقة مهمته بالضبط، مستغربين عدم تهيّب القيادات اللبنانية درجات الخطر نتيجة سياسات المضي في تنفيذ مخططات لمصلحة قوى خارجية لا تمت الى لبنان بصلة ولا يهمها مصيره سوى من زاوية استخدامه ورقة توظفها حينما تجد ضرورة تخدم اهدافها الاقليمية.

في هذا الاطار ابدت مصادر دبلوماسية فرنسية، قلقها من الاوضاع الامنية السائدة في البلاد، وسط عشرات التقارير الاستخباراتية التي تتحدث عن توقيفات واحباط لعمليات ارهابية، بقيت بعيدة عن الاعلام بغالبيتها، في ضوء المخاطر الكبيرة المحدقة بالساحة الداخلية ، خصوصا مع تطور العمليات العسكرية الروسية بشكل متصاعد، واقترابها من الحدود اللبنانية – السورية، والقلق من موجات نزوح جديدة قد تحمل معها اعدادا من المسلحين الذين قد ينجحون بالتسلل الى داخل مخيمات النازحين السوريين واماكن تجمعهم، رغم الاجراءات المتخذة من قبل الجيش على طول الحدود وفي الداخل من حملات التفتيش والمداهمة الدورية لتلك الاماكن، حيث يجري توقيف العشرات اسبوعيا، كاشفة في هذا الاطار عن اتجاه لتفعيل وتسريع وصول بعض المعدات والاسلحة الضرورية، كذلك التكنولوجية المتطورة اللازمة والتي تساعد الاجهزة الامنية والعسكرية في عمليات المتابعة والرصد الدقيقين، بعدما اثبتت تلك الاجهزة جدارتها ونجاحها في اجاز العديد من العمليات النوعية وتوجيه ضربات قاسمة الى المجموعات الارهابية، فضلا عن التعاون والتنسيق مع نظيراتها الغربية ما ادى الى افشال اكثر من عملية في الخارج.

وتتابع المصادر ان التطورات والتعقيدات المتزايدة اللاحقة بالملفات العالقة، عند عنق زجاجة تعطيل المؤسسات ، وبالتالي الحلول، نتيجة الرؤى المتضاربة للاطراف السياسية اللبنانية المستندة الى قراءاتها الخاصة للتطورات الاقليمية، وانعكاس تبدل موازين القوى على مصالحها وامكانية تجييرها خدمة لاهدافها الخاصة، اثبتت فشل الرهان على حكمة ووعي القيادات اللبنانية ، المتلهية عند رصيف انتظار الحوار، رغم ادراكهم بانشغال اللاعبين الاقليميين والدوليين بالتطورات السورية واليمنية والعراقية المتلاحقة، بحسب ما تؤكد كل التقارير المرفوعة من المسؤولين الغربيين الذين يزورون لبنان في جولات استطلاعية والتي تتسم بغالبيتها بصورة قاتمة عن الواقع السياسي وبخاصة الرئاسي، مرجحة ارتفاع حدة التصعيد السياسي، مترافقا مع تحركات امنية، في الايام المقبلة أكثر نتيجة الحراك الدولي حول سوريا والذي يتأثر لبنان بشظاياه.

واضافت المصادر ان الخشية الكبرى تكمن في محاولة جهات ارهابية مدعومة من قوى اقليمية، من النفاذ عبر تلك الثغرات ، لتنفيذ مخططاتها لتفجير الاوضاع الأمنية في لبنان عبر انتحاريين وانغماسيين يستهدفون مراكز ديبلوماسية وأمنية، وتنفيذ عمليات اغتيال قد تعيد خلط الاوراق، تزامنا مع الاشتباكات في جرود عرسال وبعلبك بين حزب الله والمسلحين، خصوصا أن استمرار المراهنة على المظلة الدولية للبنان لا يمكن التعويل عليه، بعدما تبين أنها ثقبت، وبالتالي فان الخشية من انهيارها لامست الخطوط الحمراء، لا سيما مع مؤشرات تعبّر عن وجود رغبة أطراف اقليمية بجرّ لبنان الى آتون النزاعات المجاورة، وصولاً ربما الى حرب واسعة في لبنان ، ليس اقلها التهديدات الجدية لسفراء عرب واجانب.

من هنا تكشف المصادر الديبلوماسية الفرنسية، عن تدخلات مباشرة وتحريك للمبادرات، من المصرية الى العمانية الممتدة من سوريا الى لبنان، تبعًا للترابط القائم بين الوضعين، بين الدول المؤثرة في الملف الرئاسي، فضلا عن تفعيل عمل الطواقم الدبلوماسية المعتمدة في بيروت والناشطة في جولات استطلاعية على القوى السياسية حاملة افكاراً ومشاريع لايجاد قواسم مشتركة يمكن البناء عليها لايجاد تسوية الحد الادنى، التي تضع حدا الانهيار السريع والقياسي، بما يوجب الاقدام لفرملة هذه الاندفاعة قبل فوات الاوان، مدرجة في هذا الاطار، زيارة رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية جيرار لارشيه للبنان، الذي سيزور طهران لبحث الانتخابات الرئاسية المعطلة ومصير التسوية في سوريا والانفتاح الفرنسي والغربي على ايران بعد التوقيع على الاتفاق النووي، والتي جاءت بمثابة بديل من الزيارة التي كان يزمع الرئيس فرانسوا هولاند القيام بها للبنان اوائل الشهر الحالي، حيث ستشكل حصيلة مباحثاته ،فضلا عن الخلاصات التي كان استنتجها وفد النواب الفرنسيين الذي كان زار بيروت قبل اكثر من ثلاثة اسابيع، والتي ستضاف الى ما ستخرج به زيارة وزير الداخلية الفرنسي برنار كازونوف في مهمة، ذات علاقة بالنازحين السوريين، ومن زاوية ان فرنسا تبدي اهتماما بالعبء الذي يحمله لبنان، سواء لجهة العدد ومخاطر التغيير الديموغرافي، أو لجهة الأعباء المالية والخدماتية في ظل الوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي يمر به لبنان، الارضية التي سيبني عليها الرئيس الفرنسي خلال لقائه نظيره الايراني منتصف الشهر المقبل. يشار في هذا الاطار الى تسريب معلومات عن استمزاجه راي بعض الشخصيات التي التقاها اسماء ثلاثة مرشحين وسطيين للرئاسة ، بعدما كان التقى بعيدا عن الاعلام وفدا قياديا من حزب الله.

وفي هذا الاطار، علم انه وخلافا للمتداول فان السفير الاميركي دايفيد هيل، سيغادر مركزه في بيروت، على ان يحل مكانه ريتشارد جونز ، العالم بخفايا الملف اللبناني ، بحسب ما تصفه اوساط اميركية،حيث شغل عدة مناصب في المنطقة بينها سفير لدى إسرائيل (2005- 2008) ومستشار حول العراق وسفير سابق لدى الكويت (2001 -2004) وأيضا سفير سابق لدى لبنان (1996 – 1998)، بشكل مؤقت، بانتظار التحاق السفيرة المعينة إليزابيث ريتشارد بمركزها في عوكر، والذي تأخر لأسباب شخصية، ولوجيستية ترتبط بإيجازها حول الملف اللبناني والذي اختبرته فقط من الناحية الدفاعية وإشرافها على تلك الموازنة من موقعها في وزارة الخارجية.

عليه يمكن القول ان المؤشرات المتجمعة لا توحي بقرب ظهور الحلول، رغم الحركات المكوكية والمحاولات المحلية التي تبقى «حركة من دون بركة»، وسط الغيوم التي تتجمع في سماء المنطقة منذرة بشتاء حام ، قد تطال شظاياه الامنية لبنان، بحسب كل الترجيحات.