IMLebanon

«الأمانة العامة» وحيدة في «14 آذار»… سعيد: الكرة ليست في ملعبي

في الماضي كانت ذكرى «14 آذار» مناسبةً تنتظرها شريحة كبيرة من اللبنانيين للتعبير عن حماستها الوطنية وللمطالبة بحقوقها من منبرٍ تؤمن بصدقيّته وبقدرته على إيصال صوتها، فكان قادة «14 آذار» يجتمعون في ساحة الشهداء في مشهدٍ بعيد من الطائفية، أرجع للبنانيين الأمل ببناء دولة على مستوى طموحاتهم.

«تجديد الخيارات التاريخية لانتفاضة الاستقلال هي العلاج»ساحةُ الشهداء أمس كانت يتيمة، هي التي اعتادت على رفرفة الأعلام اللبنانية في سماها في هذا الوقت من السنة، قادة «14 آذار» تفرقوا كلٌّ في مكان مختلف، أما الناس فاكتفوا باستعادة صور ذاك اليوم المجيد الذي استعادوا خلاله استقلالهم، مترحّمين على أيام الثورات. كلّ المنابر كانت فارغة، إلّا منبر واحد أطلّ عليه منسق الأمانة العامة النائب السابق فارس سعيد بمفرده معلناً «أنني أشفقتُ على نفسي في مهمة لمّ الشمل، مع ذلك لن أدّخر أيَّ جهدٍ ممكن».

سعيد بدّد في خطابه في الذكرى الحادية عشرة لـ»14 آذار» أمس، كلَّ ما لاح في الأفق عن احتمال إستقالته، وفي مشهدٍ غير مألوف تمسك بالأمل رغم انفراده بالاحتفال في هذه الذكرى.

استهلّ سعيد كلمته باعتباره أنه «في ذكرى 14 آذار ليس مألوفاً أن يُطلَّ عليكم منسق الأمانة العامة بمفردِه، بل المألوف أن تُطِلَّ عليكم قيادة 14 آذار، بما فيها أمانتِها العامة، في مشهديةٍ تكرّرت عشر مرّاتٍ في عشرِ سنوات، حتى أصبحت هذه المشهدية تقليداً مرادفاً للوحدة والإستمرار».

ورأى أنّ «تعذّرَ ارتسام هذه المشهدية اليوم، لأسبابٍ غير قهرية وحتى غير طارئة، هو أمرٌ خطير، وخطيرٌ جداً، لا يمكن ردُّهُ حصرياً إلى خلافٍ حول ترشيحاتِ رئاسة الجمهورية، كما أَوحى كثيرٌ من المعنيين المسؤولين، بل يتعدّى ذلك إلى مراكماتٍ خلافية على مدى شهورٍ وسنوات، لستُ مضطراً إلى عرضها، ولستم في حاجةٍ إلى ذلك، لأنها ظهرت وعبَّرت عن نفسِها في مناسباتٍ عدة. في رأيي، وعلى وجه الإجمال، فإنّ اللحظةَ الخطيرة هذه إنما هي المولودُ الطبيعي لحالة متمادية من انكفاءِ المكوّنات السياسية والحزبية الأساسية في 14 آذار على ذاتها وأولوياتها الخاصة، لا سيما الأولويات الطائفية والحزبية خلافاً للأولوية الوطنية المطلقة التي تجلّت في 14 آذار 2005».

وقال سعيد: «لقد أشفقتُ على نفسي في مهمة لمّ الشمل، مع ذلك لن أدَّخرَ أيَّ جهدٍ ممكن. أما مهمتي الوطنية والأخلاقية فإنني أتحمّلُها اليوم ودائماً، لأنها جزءٌ من خياري وهويتي، وأمارسُها في كلّ الظروفِ بغبطةٍ ورضا، مهما كانت الصعوبات والأكلاف».

وأوضح سعيد أنّ «جوهرَ إنتفاضةِ الاستقلال ولحظة 14 آذار، قضيةُ شعبٍ لا قضيةَ نُخبٍ سياسية أو ثقافية أو اقتصادية، إنه ما يستحقُ الدفاعَ عنه، كي نستحقَ نحن الحرية. إنه مبرّرُ وجودِنا معاً في وطنٍ ودولة، إنه العيشُ المشترك الذي جعلَ من لبنانَ أكثر من بلد، جعلَ منه البلد، الرسالة في ذاتِه وفي محيطه والعالم».

واعتبر سعيد أنّ «تجديد الخيارات التاريخية لانتفاضة الاستقلال هي العلاج».

وفي دردشة مع الصحافيين، أكد سعيد أنّ «سلاح «حزب الله» لا يُواجَه إلّا من خلال الوحدة الداخلية، وأكبر خدمة يكمن تقديمها له ما يحصل اليوم، والمقايضات التي تحصل حالياً عبر تسليم البلد لسلطة خارج الدستور، خارج القانون وخارج الشرعية اللبنانية والعربية والدولية، تسليم البلد الى المجهول، ونتيجةً لذلك تكون عودة الطوائف الى داخل طوائفها، فالمساكنة بين الجمهورية اللبنانية والسلاح غير الشرعي هي مستحيلة، والإنجازات الكبرى لا تُصنع من خلال المربّعات الحزبية والطائفية والثنائيات».

وأوضح سعيد «أنني لا أدعو الناس الى النزول الى الشارع والانتفاض بوجه سلاح «حزب الله»، فالسياسة لها واقع وواقعية سياسية إنما لا يمكن أن يبقى تيارٌ سيادي واستقلالي كتيار «14 آذار» إلّا من خلال قوله الحق، والحق أنّ تعطيل الدولة لا يكون إلّا من خلال هذه المساكنة المستحيلة، والجدير بالذكر ألّا حدود بين دولتنا وهذا الحزب في المنابر العربية والدولية، فوزراؤنا يدافعون عن منطقٍ غير شرعي ويعرّضوننا للمشكلات، لأنّ القرارات الداخلية في لبنان هي تحت سيطرة الحزب بالكامل».

ولاحقاً، أكد سعيد لـ»الجمهورية» أن الكرة ليست في ملعبه وقال: «لا أزال أتحمل مسؤولياتي اذا كان هناك فعلاً قناعة داخل 14 اذار لإعادة حمل القضية اللبنانية كما كنا نحملها في العام 2005 ، لكني طبعاً لست مضطراً لأن أستمر في هذه المهمة اذا كنا سنعيد الكرّة كما في السابق، أي أن نعالج المواضيع من خلال العلاقات الخاصة والترميم بالمسكنات، فانا طبعا مستقيل من المعالجات بالترميم بالمسكنات».

اضاف: «الكرة ليست في ملعبي طرحت المشكلة ورسمت خريطة طريق الخروج من الازمة التي هي ليست أزمة 14 اذار بل أزمة وطنية ولا علاقة لها بأمور ادارية او بشؤون تنظيمية أو بشؤون داخلية بل لها علاقة بخيارات وطنية اللبنانيون يتجهون اكثر فاكثر الى الانكفاء داخل طوائفهم بدلا من ان يبقوا في المساحة الوطنية المشتركة التي مثلتها 14 آذار».

قد تكون الذكرى هذا العام يتيمة، لكن بالتاكيد أنّ شعب «14 آذار» لن يقبل بهذه الحال من الشلل التي تضرب مشروعه، والموعد في العام المقبل.