Site icon IMLebanon

أسرار تقهقر المعارضة السوريّة في الجنوب

على وقع المعارك التي تشهدها جولات المفاوضات المتنقلة حول الملف النووي الايراني بين واشنطن وطهران، من فوق الطاولة، والعرقلة الاسرائيلية من تحت الطاولة، تدور معركة اخرى لا تقل اهمية على الارض السورية في المناطق الجنوبية عند مثلث القنيطرة – ريف دمشق – درعا، بوابة الوصول الايراني الى حدود اسرائيل، في مواجهة تخاض بحسب التقارير بحسب التقارير تحت القيادة الايرانية المباشرة ووفقا لتكتيكات الحرب الايرانية التي يعتمدها الحرس الثوري، والتي يبدو انها نجحت حتى الساعة في جعل الكفة تميل لصالح النظام.

وتروي شخصية لبنانية عادت منذ ايام من زيارة الى دمشق نقلا عن قيادات عسكرية وسياسية التقتها، ان قيادة «محور الممانعة» تدرك جيدا معنى انتصارها في معركة الجنوب، وان قوات الثلاثي حزب الله – الجيش السوري – الحرس الثوري الايراني، جاهزة ومستعدة لاي طارئ مع اسرائيل في حال تدخلت الاخيرة لدعم المسلحين بالنار في تلك المنطقة.مشيرة الى ان هدف المعركة الاساسي للعمليات العسكرية الجارية هو السيطرة على طول الـ 78 كيلومتراً من الحدود بين سورية واسرائيل لقطع خطوط الامداد بين الاخيرة ومسلحي النصرة والجيش الحر، وتأمين انتشار قوات قتالية على طول الحدود الفاصلة من مرتفعات الجولان وصولا الى الحدود مع الاردن، قادرة على صد اي تحرك اسرائيلي.

مصادر مراقبة اكدت ان الاعلان عن مشاركة حزب الله ولواء فاطميون من الحرس الثوري وغيرهم، في معركة الجنوب، انما جاء مقصودا ومدروسا، بهدف استفزاز اسرائيل من جهة، وإرسال رسالة واضحة بأن اي احتكاك يمكن ان تنتج عنه حرب تشمل المنطقة، لان هذه القوات لديها من الجهوزية البشرية واللوجستية، عدة وعديدا، ما يسمح لها بخوض معركة طويلة.

وعن التكتيكات العسكرية المستخدمة تتحدث المصادر عن استخدام دبابات التي 80 من قبل الجيش السوري ووحدات مدرعة وقوات خاصة،تشارك طائرات من دون طيار ايرانية وقوات النخبة في هذا الهجوم، كما يستخدم حزب الله القوات الخاصة التي خاضت مواجهات سابقا مع الجيش الاسرائيلي، كاشفة ان الخطة الموضوعة تقضي بتمركز القوات المهاجمة على الحدود مع اسرائيل بعد السيطرة على التلال الاستراتيجية، واعادة نصب المعدات الالكترونية التي كانت اصلاً موجودة قبل ان تستولي عليها جبهة النصرة،كما ان القوات المقاتلة المتقدمة تستخدم الجرافات الضخمة لشق طرق جديدة بأسلوب شبيه بما تتبعه اسرائيل، وذلك لتفادي المفخخات وفتح طرق متقدمة جديدة وللالتفاف حول مواقع المسلحين المحصنة.

وفي هذا الاطار تحدثت تقارير استخباراتية غربية نقلا عن مقاتلين معارضين، عن حصول تحولات عديدة في تكتيكات العمل العسكري لدى القوات السورية، أبرزها تنفيذ عمليات الاقتحام ليلاً، إضافة إلى قيام القوات المهاجمة بمناورات سريعة في الاقتحام والانسحاب ثم العودة إلى الاقتحام مع القدرة على التسلل واقامة الكمائن، فضلا عن غزارة نيران غير معهودة، عازية كل ذلك الى البصمات الواضحة للحرس الثوري الايراني.

وتؤكد المعلومات ان الهدف الحالي هو كفر ناسج وبعدها هو تل الحارة وهي أعلى التلال التي يتحصن بداخلها عدد كبير من المسلحين يتعرضون للقصف المدفعي وللطيران يومياً،بعدما استعادت القوات المهاجمة الهبارية ودير العدس ودير ماكر وحمريت وتلال فاطمة، وتتواجد القوى المهاجمة على بعد نحو 10 كيلومترات من تل الحارة الاستراتيجية والتي ستفتح الطريق للسيطرة على مرتفعات متعددة في المنطقة.

ووصفت التقارير ما يحدث من جانب الجيش السوري وحلفائه بأنه وضع خطير للغاية، وان ميزان القوى في المعركة الدائرة منذ أسابيع يميل لصالح الجيش السوري وحلفاؤه، معتبرة ان اسرائيل تعيش نتيجة ذلك مرحلة تاريخية بكل المقاييس، سوف تغير بشكل جذري ما يجري على الساحة السورية كليا، في حال تمكن الجيش السوري من السيطرة على الشريط الجنوبي لسوريا من الحدود الاردنية وصولا الى القنيطرة. خطة تعني،في حال نجحت، ان حزب الله وايران باتا على أبواب اسرائيل، التي تتحدث تقديراتها عن امكانية حسم هذه المعارك لصالح النظام، خاصة مع وجود الضغط غير المسبوق، وتناقص قدرة العديد من الاطراف على تقديم الدعم للمسلحين مرجحة أن تكون الاسابيع القليلة القادمة حتى نهاية ايار حاسمة في كل ما يتعلق بالقتال في سوريا.

رؤية يرفضها وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون معتبرا أن إيران وحزب الله تلقيا «ضربة موجعة» في القنيطرة منعتهما من إنشاء «بنية تحتية إرهابية» تمكنهما من شن عمليات ضد اسرائيل، لافتاً الى ان وجود المتمردين والتنظيمات المسلحة في المناطق الحدودية السورية يعمل أيضاً في السياق نفسه،مشيرا لمناسبة نهاية ولايته عشية الانتخابات العامة الاسرائيلية، الى ان تل ابيب تراقب عن كثب ما يجري خلف الحدود مع سوريا، ومحاولات الجيش السوري، بمساعدة من حزب الله ومستشارين ايرانيين، إعادة السيطرة على مناطق يسيطر عليها المتمردون. الا ان «اسرائيل، كما في الماضي، لن تتدخل في ما يجري هناك، لكننا ملتزمون الخطوط الحمراء التي وضعناها، ولن نضبط انفسنا ازاء اي خرق لسيادتنا، أياً يكن الفاعل»، معتبرا ان ذروة نشاط إيران وحزب الله في الجولان، كان يفترض أن يكون إنشاء بنية تحتية بقيادة جهاد مغنية، الا انهما تعرضا لضربة قاسية اخيراً حالت دون ذلك، كذلك إن سيطرة المتمردين في بعض الأماكن تمنع الايرانيين من تحقيق مآربهم ضد اسرائيل، خاتما بان الاتجاه نحو عدم الاستقرار في سوريا لا يعني ان الاتجاهات سلبية من ناحية اسرائيل، فـ«من داخل هذه الفوضى يمكن العثور على فرص. وهذه هي الحال على صعيد المنطقة، اذ هناك انظمة سنية ترى في ايران والمحور الشيعي والاخوان المسلمين عدواً مشتركاً لنا ولهم».