لا يختلف اثنان من اهل السياسة ان الطائفية هي السلاح الاقوى لتحقيق مصالحهم ومآربهم، فان اراد اهل السياسة المحافظة على منصب من هنا او الدفاع عن مصدر رزق من هنالك ما عليهم الا تحويل المسألة الى استهداف للطائفة التي ينتمون اليها. بصريح العبارة، اذا كنت من العاملين في حقل السياسة وتقتات من الدولة بطريقة غير مشروعة وحاول احدهم منعك وثنيك عن عملك الفاسد اصلا، ما عليك سوى ان تحول هذا الهجوم عليك الى استهداف للطائفة التي تنتمي اليها، وهنا نضمن لك انه لن يمس احد بك او بازلامك الذين يقتاتون ذورا من خزينة الدولة.
هذا في العموميات، اما على ارض الواقع، ولما كان رئيس الجامعة اللبنانية السيد عدنان السيد حسين قرر تعيين السيد انطوان طنوس مديرا لفرع كلية الاعمال في طرابلس، تفاجأ اللبنانيون بمظاهرات طابعها طائفي تطالب باستقالة السيد طنوس او تعيين آخر مكانه. السبب الظاهر هو طائفي، حيث السيد طنوس من الطائفة المسيحية والتظاهرة من المسلمين الذين يعترضون ظاهرا على طائفة المدير مطالبين بتعيين آخر مكانه.
ابرز المتظاهرين كانوا من تيار المستقبل وجمعية العزم، التيارين اللذين لا ينفكان يطالبان ويؤكدان عبر رؤسائهم بالمناصفة مع «اخوتنا المسيحيين»، واي اخوة هذه بعد الفرقة والشرخ المفتعلين من قبل مناصريكم وبأمر منكم! الا اننا لم نكتفي بالصورة التي تم اظهارها لعموم اللبنانيين، فتحرينا عن الموضوع وخلفياته عبر الاتصال باحد المسؤولين بالحكومة والذي اكد لـ «الديار» ان الهدف من وراء هكذا تحرك هو سعي رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الى تعيين احد الدائرين في فلكه السياسي في هذا المنصب. لاراحة المشككين، يهمنا ان نؤكد ان المسؤول ليس من الشمال وليس له اي مصالح انتخابية او سياسية في المنطقة. غير اننا لم نكتفي بالارتكاز الى مصدر واحد، فحاولنا ان نتأكد من هذه المعلومات من مصادر اخرى والتي اكدت على التوجه المذكور آنفاً الذي يقضي بالاتيان بأحد المقربين من ميقاتي.
معيب ان يضع البعض السلم الاهلي والعيش المشترك في لبنان في خطر واللعب على الوتر الطائفي ضمن أغرب ما يمكن ان يتصوره عقل انسان بهدف تحقيق مكتسبات آنية صغيرة وضيقة.
ذهب زمن رجالات الدولة الى غير رجعة، فنحن في زمن لا يأبه احد فيه من المسؤولين لمنطق الدولة وحسن سير امورها، حيث المنطق السائد انا وجماعتي او لا احد.