تسعى دولة الفاتيكان، كقوّة معنوية تعمل مع سائر دول العالم، الى تحقيق وقف إطلاق النار في لبنان والمنطقة، عن طريق إتصالاتها الديبلوماسية والسياسية الواسعة. ويُشدّد البابا فرنسيس في كلّ عظاته الأخيرة على ضرورة وقف العنف فوراً وإحلال السلام في لبنان والشرق الأوسط. وخلال الزيارة الأخيرة التي قام بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى روما، للمشاركة في إعلان قداسة الأخوة المسابكيين الثلاثة فرنسيس وعبد المعطي ورافائيل، التقى البابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان، وسلّمه ثلاث وثائق عرض فيها لقداسة الحبر الأعظم:
– أولاً: الوضع الأمني والإجتماعي والإنساني الراهن في لبنان جرّاء العدوان «الإسرائيلي» عليه، ومواكبة الكنيسة ومؤسساتها لحركة النزوح الداخلية.
– ثانياً: الوضع السياسي المتعثّر ومسألة انتخاب رئيس الجمهورية.
ثالثاً: تفاصيل القمّة الروحية المسيحية – الإسلامية التي عُقدت في بكركي أخيراً والبيان الصادر عنها.
كما التقى الراعي أمين سرّ دولة الفاتيكان، وعرض معه المواضيع التي حملها الى قداسة البابا فرنسيس، وناقشا دور الديبلوماسية الفاتيكانية في المساعدة على حلّ الملفات العالقة. وتقول مصادر سياسية مواكبة للقاءات الراعي في الفاتيكان، بأنّ البابا يخشى على فقدان لبنان وجهه المسيحي، كما من حصول فتنة بين أبناء الوطن خلال موجة النزوح الداخلية، بسبب الحرب الدائرة في الجنوب وعدد من المناطق اللبنانية. وجرى التشديد خلال لقاءات الراعي في الفاتيكان على جملة أمور هي:
1ـ حرص دولة الفاتيكان على لبنان كبلد التنوّع والحوار والعيش المشترك في الشرق الأوسط، كما على رسالة وحضور المسيحيين فيه. فالبابا فرنسيس يخشى على الوجود المسيحي في لبنان، غير أنّ البطريرك الراعي أوضح لقداسته في لقائهما الأخير، خلال عودته من روما الى بيروت، أنّه طمأن الحبر الأعظم بأنّ «لبنان لن يفقد وجهه المسيحي لأنّ العيش المسيحي- الإسلامي منظّم في الدستور اللبناني، والهجرة اليوم تطال المسلمين والمسيحيين فيه».
2ـ ضرورة متابعة الكنيسة ومؤسساتها جهودها في تقديم المساعدة للنازحين من المناطق اللبنانية. كما عبّرت دولة الفاتيكان عن خشيتها من أن يؤدّي نزوح أعداد كبيرة من أبناء الوطن الى فتنة طائفية داخلية، الأمر الذي يُحتّم على الكنيسة لعب دور متقدّم لمنع حصول أي فتنة دينية في البلد.
3ـ السعي الى وقف إطلاق النار فوراً في منطقة الشرق الأوسط، ووقف العنف والإقتتال. وهو أمر يُطالب به قداسة البابا فرنسيس في عظاته وخلال جولاته الراعوية الى دول الخارج، ومن خلال علاقة الفاتيكان الديبلوماسية مع دول العالم. فلبنان والشرق الأوسط وسائر بقع الصراعات الدموية في العالم تبقى في وجدان قداسته، لهذا فهو يستغلّ كلّ مناسبة لإطلاق نداء الى دول العالم لوقف الحروب.
4ـ تدعم دولة الفاتيكان إنهاء الشغور في سدّة الرئاسة، وانتخاب رئيس الجمهورية في لبنان في أسرع وقت ممكن، وتشكيل الحكومة لكي تنتظم المؤسسات الدستورية وتعود الى عملها بشكل طبيعي وسليم وفعّال، بما يخدم مطالب الشعب اللبناني. وتعمل كقوّة معنوية مع دول الخارج، سعياً لانتخاب الرئيس من دون التدخّل في الأسماء. وقد سأل قداسته البطريرك الراعي عن الأسباب التي تحول دون انتخاب الرئيس حتى الآن.
5ـ رحّبت دولة الفاتيكان بالقمّة الروحية المسيحية- الإسلامية التي عُقدت في بكركي وببنود البيان الصادر عنها. كما شجّعت الراعي على عقد قمّة ثانية لما تُشكّله من أهمية في الحفاظ على لبنان كبلد الرسالة وأكثر، وبهدف تحقيق البنود التي توافق عليها المجتمعون من جميع الطوائف اللبنانية.
وفي ما يتعلّق بإمكانية زيارة قداسته البابا الى لبنان، أوضحت المصادر السياسية أنّ الأمر يتطلّب وجود رئيس للجمهورية أولاً يوجّه الدعوة الى قداسته لزيارة البلد، كما عودة الأمن والإستقرار الى ربوع الوطن، لكي يتمكّن الشعب اللبناني بأكمله من مواكبة مثل هذه الزيارة التاريخية، التي يأمل أن تحصل في المرحلة المقبلة. وشدّدت على حرص البابا على لبنان، الذي يحتلّ مكانة مهمّة في قلبه كبلد التعددية والحوار والتعايش المشترك في الشرق الأوسط.