IMLebanon

الأمن…

 

 

لم تبلغ السذاجة بأي لبناني حدّ أن يقتنع بأنَّ الميليشيات حُلّت في مطلع تسعينات القرن الماضي، وبأنَّ السلاح بات حلماً من الماضي. أجل. إنه من السذاجة بمكان ذلك الاقتناع. فالميليشيات بقيت حتى بأسمائها وإن كانت قد خلعت ثوب الميدان وتدثّرت بالثوب المدني..

 

ما يقودنا الى هذا الجزم ما نراه من سلاح فردي (فردي)؟ نظرياً إنه كذلك.. ولكنه، عملياً، سلاح جماعات! في كل مرّة تحدث خلافات. وما أكثر حدوثها.

 

وفي استعادة لما يجري، أسبوعياً على الأقل، كي لا نقول يومياً، من إشكالات أمنية يتبين أنَّ جماعات «تنزل» الى الشارع بكامل الأسلحة والذخائر، بما في ذلك القذائف الصاروخية!

 

هذا حدث ويحدث مراراً وتكراراً خصوصاً في مناطق بقاعية عديدة وفي بعض «الضاحية»، وحدث أخيراً في «الجبل» وهو ما عايناه واليد على القلب خشية أن يفلت الملق.

 

كم مرة، في الأشهر الأخيرة، هاجم المسلّحون مراكز أو مواقع للقوى العسكرية والأمنية وأطلقوا النار على الموجودين في تلك المراكز والمواقع، فيسقط شهداء عسكريون، وقتلى من المعتدين خصوصاً المجرمين منهم المدانين من المحاكم والصادرة في حقهم مذكرات توقيف أو جلب عن المراجع القضائية ذات الاختصاص!

 

وكم مرة نشبت معارك بين مسلّحين من هنا ومسلّحين من هناك على خلفيات: ثأر، أو مخدرات، أو خلافات عائلية وقبلية؟!.

 

ومشهد يوم «الأحد الدامي» أوّل من أمس كفيل بوضع حدّ للادعاءات كلها بأنّ لا سلاح كثيفاً بأيدي الناس، وبأنَّ «الميليشيات» قد حُلّت. وفي وقت ضيّق «دق النفير» فتجمع القوم بين مسلّح كامنٍ وآخر قاطع الطريق وثالث متأهب للانقضاض على «الفريسة».

 

ولولا مبادرة الرئيس ميشال عون لقلنا إن هيبة الدولة قد سقطت فعلياً في الجبل. إلاَّ أنَّ مسارعته الى الاتصال بالرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري ووزيري الدفاع والداخلية، ناهيك بذوي الصلة بالأحداث في الجبل.. هذه المسارعة حفظت للدولة ما تبقى من هيبتها، ودعمها دعوة فخامته المجلس الأعلى للدفاع الى الاجتماع.. حتى إذا صدرت عنه، أمس، المقررات الحاسمة أدركنا أن الدولة تأخذ الأمر بجدية، وأنَّ الحال سائرة الى تنفيذ القانون.. وإن كانت العبرة في التنفيذ.

 

لقد شهدنا حوادث قتل عديدة في السنوات الأخيرة، وكانت على قدر كبير من البشاعة، وإن كانت فردية بحق.. إلاَّ أن الحدث الدموي في الجبل تكشّف عن حقائق مروّعة أخطرها أن السلم الأهلي في خطر.

 

لذلك نناشد فخامة الرئيس العماد ميشال عون أن يشرف شخصياً، (كما نعهد فيه ونشهد له به) على تنفيذ قرارات «الأعلى للدفاع»، بالتشدد الكامل، وسوق الذين شاركوا في الحدث الإجرامي الخطير فخورين أمام القضاء ليصدر في حقهم أقسى العقوبات.