IMLebanon

الأمن يسبح عكس السياسة والإقتصاد… إستنفار يسبق الأعياد

 

دخل لبنان شهر الأعياد حيث كانت تعتبر هذه الفترة من السنة من الأهم إقتصادياً لأنها تُنشّط الأسواق وتدفع بكثير من السياح العرب إلى زيارة لبنان، لذلك كان الأمن يستنفر في هذه الفترة لمواكبة الأعياد.

 

هذا في السابق قبل أن يحصل الإنهيار السياسي ويقاطع السياح وعلى رأسهم السياح الخليجيون لبنان، وقبل أن تحدث الإنهيارات المالية والإقتصادية وتستبيح أزمة “كورونا” الكرة الأرضية برمتها. اليوم، ان الحسابات الأمنية مغايرة تماماً لما كان يحصل في السابق، فمن أولى الأولويات في هذه المرحلة تطبيق الحدّ الأدنى من الإجراءات الوقائية بسبب جائحة كورونا، والسهر على حماية الأمن الصحي للمواطنين، لأنه من منظار الأمن القومي، فإن “كورونا” هدّدت دولاً عظمى وكبرى، ولذلك على لبنان الجريح أن يكون حازماً في مواجهة هذا الفيروس.

 

ومن جهة ثانية، فان الإستنفار حسب الأجهزة الامنية واجب وخصوصاً في فترة الاعياد نتيجة حصول تجمعات كبرى في المراكز التجارية ودور العبادة، من هنا فان جهوزية الأجهزة الأمنية تكون في الذروة، حيث تبدأ التدابير من اتخاذ إجراءات لتخفيف حدّة الزحمة في هذه الفترة من السنة وصولاً إلى ملاحقة كل مخل بالأمن.

 

ورغم كل الخضات التي حصلت، فان الوضع الأمني في لبنان ما زال مقبولاً، ولم يترافق الإنهيار الإقتصادي والمالي والإجتماعي مع إضطراب حبل الأمن، لكن هذا الأمر لا يدفع الأجهزة إلى النوم على حرير، خصوصاً إذا ما تدهور الوضع الإقتصادي والإجتماعي أكثر ووصلت الناس إلى حدّ الجوع، عندها لن يستطيع رجل الأمن ضبط الشارع، وهذا الجو بات على علم به كبار المسؤولين في الدولة بحيث يصرّ قادة الأجهزة الامنية على عدم الدخول في مواجهة مع الشعب، لأن رجل الأمن في لبنان هو لحماية الشعب والمؤسسات والأملاك وليس أداة في يد النظام.

 

وأمام كل هذه الوقائع، فان حادثة كفتون ومن ثم مواجهات وادي خالد وحادثة بشري الأخيرة تضع الأجهزة أمام إستحقاقات يوميّة، وبالتالي فان حادثة كفتون تثبت أن خطر الجماعات الإرهابية لم ينته بعد، والخطر موجود كل يوم، وهذا يدفع إلى مزيد من اليقظة وتفعيل التعاون بين الأجهزة اللبنانية وأجهزة الإستخبارات العالمية، وعلى رأسها المخابرات الأميركية من أجل تبادل المعلومات وضرب ما تبقى من خلايا نائمة.

 

وحتى الساعة، لم تصل التحقيقات في بشري إلى وجود دوافع إرهابية وراء الجريمة، لكن هذا لا يعني أنه لا وجود لخطر تفلت الغرباء القاطنين في ربوع الوطن، خصوصاً أن الدولة لم تستطع حتى الساعة ضبط النزوح السوري وتنظيمه، وهذا الأمر لا يقع فقط على عاتق الدولة، بل على المجتمعات المحلية والتي تستخدم عمالة من الجنسية السورية أو من أي جنسية أخرى.

 

ولا تزال الأجهزة الامنية، مثل العاملين بالشأن الإقتصادي، يعتبرون أن الحل ليس فقط أمنياً أو تقنياً، بل يبدأ بالسياسة وتوفير شبكة امان، في حين ان الإستمرار بالتعطيل وعدم تأليف حكومة سيرفع منسوب الإنهيار، عندها ستوضع الأجهزة في مواجهة مباشرة مع الشعب، وهذا الأمر نجحت الأجهزة بتفاديه حتى الساعة.

 

إذاً، “كورونا”، ضبط الأمن الداخلي، ملاحقة الشبكات الإرهابية، حماية الناس، كلها شؤون وشجون ومصائب تقع على عاتق الأجهزة، لذلك فان الايام المقبلة ستكون صعبة، لأن الأعظم لم يأتِ بعد.