IMLebanon

الأمن… إلى جانب الإقتصاد  أنقذ الإستقرار السياسي في لبنان

ونحن نُسقِط آخر ورقة من أوراق السنة، نتذكّر دائماً أنَّ وطننا نجح في اجتياز أخطر القطوعات بفضل ثنائية الأمن والإقتصاد. لولاهما لَما كان هناك استقرار سياسي أتاح الوصول إلى لحظة تقاطع الظروف الدولية والإقليمية والمحلية، والتي أنضجت فرصة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

لو أنَّ هذه الفرصة أتت في ظل إنهيار نقدي، لَما كانت أدت إلى أيِّ إنقاذ.

ولو أنها أتت في ظل إنهيار أمني، لَما كان بالإمكان انتخاب رئيس جديد.

وإذا كان الإستقرار النقدي قد وفَّره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بفضل الهندسة المالية التي أنجزها بنجاح، وحقَّقت حمايةً لليرة اللبنانية أمام العملات الأجنبية، فإنَّ الإستقرار الأمني حقَّقه قائد الجيش العماد جان قهوجي بفضل الهندسة العسكرية والأمنية الإستباقية التي وفَّرت طمأنةً للناس، ووفَّرت بيئةً ملائمةً مكَّنت البلد من الإنتقال من مرحلة الشغور والفراغ إلى مرحلة إعادة تكوين وبناء السلطة.

للتاريخ، فإنَّ الجيش اللبناني استطاع، في ظل تعطُّل السلطة التنفيذية في لبنان، أن يؤمِّن حمايةً وغطاءً للشرعية:

أنهى ظاهرة الأسير الإرهابية.

أفشل مخطط اقتحام القاع لتهجير أبنائها.

أعاد الإستقرار إلى مدينة طرابلس، عاصمة الشمال، بعدما كادت أن تتحوَّل إلى عاصمة المحاور والإقتتال.

ضبط عدداً كبيراً من التحضيرات لعمليات إرهابية.

كلُّ ذلك كان الجيش اللبناني يقوم به من دون أية مساعدة عسكرية من أحد، لا من خلال قروض مُيسَّرة ولا من خلال مساعدات مالية للتزوّد بالسلاح، كانت المواجهة باللحم الحي، إذا صحَّ التعبير.

واليوم فإنَّ ما ينعم به اللبنانيون من أمنٍ واستقرارٍ هو بفضل هذه المواجهات التي يقوم بها الجيش اللبناني بالجملة، فهو في آنٍ واحد كان يقوم بمواجهة مع إرهابيين، ثم يُطلَب منه أن يواكب تظاهرة مطلبية، وفي الوقت عينه يُطلب منه أن يفتح طريقاً ما قُطعَت بالإطارات المشتعلة، كل ذلك كان يحصل أحياناً في يومٍ واحد وكان الجيش يواجهه بشكلٍ منقطع النظير.

اليوم، تحقَّقت مسألة إعادة تكوين السلطة، فواكب الجيش اللبناني تفاصيلها بشكل أتاح أن تُنجَز بطريقةٍ سلسلة، فهل يكون ردُّ الجميل للمؤسسة العسكرية بتأمين الموازنة المطلوبة لها بشكلٍ يتيح تحديث أسلحتها وتوفير قطع الغيار لها وفتح باب التجنيد؟

لقد ثَبُتَ بما لا يقبل الشك أنَّ البلد قد يعيش لفترة من دون سلطة تنفيذية مكتملة، وقد يعيش في ظلِّ حال تقشف إقتصادية، لكنه بالتأكيد لا يستطيع أن يعيش، ولو للحظة واحدة في ظلِّ ضعف أمنيّ، فحين يضعف الأمن في لبنان ينهار كل شيء، وهذا درس يجب أن يتعلمه الجميع من دون استثناء.