IMLebanon

ملفّ التعيينات الأمنية: «تصريف الأعمال» يُربك الجيش!

يثير الانتظار والمراوحة داخل الجيش، حول مصير القيادة غير المحسوم حتى الآن، مفاعيل سلبية على المؤسسىة العسكرية، التي لا تحتمل استمرار «تصريف الأعمال». كذلك، يرتبط اسم أي مرشّح محتمل للقيادة بالتمهيد لمعركة رئاسة الجمهورية ما بعد الرئيس ميشال عون… منذ الآن

يسرق السجال حول قانون الانتخاب الوهج من ملفّ التعيينات الأمنية «المُضطرب» منذ سنوات، بسبب حالة الانقسام السياسي في مرحلة ما قبل انتخاب الرئيس ميشال عون. ومع حدّة الانقسام، ووجود وزير الدفاع السابق سمير مقبل ورئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في خلفية المؤسسة العسكرية، ورفض التيار الوطني الحرّ التمديد للعماد جان قهوجي، نجحت القوى السياسية في الاتفاق على صيانة الجيش وحمايته برعاية دولية وإقليمية، لمواجهة موجة الإرهاب التي تعصف بالمنطقة، وحفظ مستوى معيّن من الاستقرار الأمني الداخلي.

ومع أن قهوجي طرح استقالته أمام عون بعد انتخابه بوقت قصير، وشيوع الحديث عن قرار في القصر الجمهوري يقضي بـ«تعيين قائدٍ جديد للجيش في أقرب وقت»، إلّا أن الملف لا يزال معلّقاً، ويغيب بند التعيينات الأمنية عن جلسات الحكومة، فيما تستمر جوجلة الأسماء في الكواليس، من دون حسم. حتى إن قائد الجيش نفسه «لا معلّق ولا مطلّق»، لا يعرف إن كان قرار تعيين بديلٍ منه جدياً، أو أن التعيين سيُرحَّل إلى ما بعد حسم استحقاق الانتخابات النيابية، حتى انتهاء ولاية قهوجي الممدّدة في أيلول المقبل.

الصوت عالٍ في الجيش. فحالة «شبه تصريف الأعمال» التي عاشها أيام مقبل وسليمان، والمستمرّة في المؤسسة العسكرية منذ سنوات (على الرغم من تحقيق المؤسسة إنجازات أمنية غاية في الأهمية في المرحلة الماضية)، وصلت إلى الحدّ الذي يصفه ضباطٌ ومعنيون بـ«غير الصحي إطلاقاً، ويجب العمل سريعاً للخروج منه».

ويزيد حالة البلبلة وغياب الوضوح لمسار القيادة وانعكاسها على كبار الضباط وقادة الألوية والأفواج، تجميد وزير الدفاع الجديد يعقوب الصرّاف مجموعة من مهمّات الضباط التدريبية أو التمثيلية، وضياع بعض الأموال المرصودة لنفقات عسكرية ملحّة في 2016، والتي لا يمكن تدويرها في 2017، لعدم توقيعه عليها، بخلفيّة انتظار تعيين قائد جديد للجيش، وإصراره على «رفع مستوى الشفافية» كما يردّد في مجالسه. إلّا أن توجّه الصرّاف، ولو بنيّة حسنة، يساهم في استمرار الأزمة، ويمدّد حالة «تصريف الأعمال» في مؤسسة تحتاج إلى صيانة عاجلة، تواكب معها إنجازاتها الأمنية في حفظ الأمن اللبناني. (حاولت «الأخبار» التواصل مع وزير الدفاع، لكن تعذّر ذلك لأنه لم يُجب على هاتفه).

وفيما يقول مصدر وزاري معني إن «مسألة التعيينات الأمنية ستُحسم قبل نهاية شباط الحالي»، مؤكّداً أن «ملفّ قيادة الجيش مرتبط بملفّ المدير العام لقوى الأمن الداخلي الذي لم تُحسم الأسماء فيه أيضاً»، تقول مصادر أخرى إن «رئيس الجمهورية لن يحسم ملفّ التعيينات الأمنية قبل عودته من رحلته المقرّرة في شباط إلى مصر».

وتسلِّم القوى السياسية بـ«حصة الأسد» للرئيس عون في اختيار قائد الجيش الجديد، حيث للرئيس القرار الفصل، بينما يقتصر دور القوى المؤثّرة إمّا على وضع «فيتوات» وإما على «التزكية»، لا سيّما الولايات المتّحدة، وحزب الله الذي أبلغ من يعنيهم الأمر أنه لا يضع «فيتو» على أي ضابط من الأسماء المتداولة. وليس خافياً إصرار روسيا هذه المرّة على إبداء الرأي في أي مرشّح لقيادة الجيش، بما يضمن عدم عداء القائد الجديد لروسيا، واستعداده للتعاون العسكري والتسليحي مع الجيش الروسي، خصوصاً مع توسّع دور الأخير في المنطقة، وتوسيع نطاق انتشاره وإقامة قواعد دائمة له في شرق المتوسط. وليس واضحاً مدى تأثير الاتفاق بين التيار الوطني الحرّ وحزب القوات اللبنانية على اختيار قائدٍ للجيش، بعد أن جرى التفاهم على اختيار ضابط لا يُقلق القوات، وما إذا كان موقف القوّات من المرشّحين سيؤخذ في الاعتبار، خصوصاً أن هناك أكثر من مرشّح، كانوا على صدام مع القوات في مرحلة الصراع مع الجيش في الحرب الأهلية.

ولا تزال بورصة الأسماء تدور في خانة العمداء من دورة 1985، ومن أبرزهم مدير المخابرات العميد كميل ضاهر، ومدير التدريب والعمليات في المدرسة الحربية العميد الياس ساسين، وقائد قطاع جنوب الليطاني العميد خليل الجميّل، وقائد اللواء السادس العميد فادي داوود، وقائد اللواء التاسع العميد جوزف عون. ويشغل اختيار عميدٍ من دورة 1985 بال العمداء الذين دخلوا الجيش في الدورات السابقة، الذين ــ في حال تولّي أحد ضبّاط دورة 1985 مسؤولية القيادة ــ سيضطرون إلى أداء التحيّة العسكرية لضابط لديه سنين خدمة أقل منهم، في حين يقضي العرف العسكري لجوء الضباط الكبار إلى التقاعد، في حال تولّى قيادتهم ضابط لديه سنين خدمة أقلّ منهم، ما يدفع بعددٍ من الضباط إلى تمنّي تولّي نائب رئيس أركان الجيش للتخطيط العميد كلود حايك قيادة الجيش، وهو من دورة 1982.

ولا يفعل عُمر المرشّح وتاريخ الدورة التي تخرّج منها فعلهما داخل الجيش فحسب، فما يترّدد على لسان أكثر من وزير، أن المدّة المتبقية للمرشّحين في الخدمة قبل بلوغهم السنّ القانونية، التي تُمدّد في حال تولّيهم قيادة الجيش من 58 عاماً إلى 60 عاماً، تؤثّر في اختيار المرشّح بالنسبة إلى عون، إذ يجري الحديث عن أن البحث لتولّي قيادة الجيش يتركّز على الضباط الذين يحالون إلى التقاعد قبل اكتمال ولاية رئيس الجمهورية بعامين أو ثلاثة، ومن ثمّ يتمّ تعيين قائد جديد لإكمال المدّة المتبقيّة من العهد، حتى لا يتحوّل أيّ قائد للجيش إلى مرّشح محتمل لرئاسة الجمهورية.