على وقع التهديدات الإرهابية للبنان شمالاً وبقاعاً، تستمر المساعي السياسية لإرساء حال من الإستقرار في المشهد الداخلي، وخصوصاً النيابي، غداة تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقرّرة اليوم بسبب وفاة والدة رئيس الحكومة تمام سلام، ومن شأن هذا التأجيل أن يدفع نحو تهدئة السجالات السياسية في ضوء إرجاء المواجهة التي كانت مرتقبة اليوم في مجلس الوزراء حول جدول الأعمال الحافل بالملفات ذات الطابع التفجيري، كملف مديرية أمن الدولة، وفضيحة «الإنترنت»، إضافة إلى العلاقات اللبنانية مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إثر الحملات التي تُشنّ من قبل تيار «المستقبل» على وزير الخارجية جبران باسيل الذي قاطع زيارة المسؤول الأممي إلى بيروت الأسبوع الماضي.
وتكشف مصادر وزارية مطّلعة، أن السجالات بين الوزراء مرشّحة لأن تتراجع إثر جهود يبذلها أكثر من مرجع سياسي لتهدئة الأوضاع وتأمين المناخات الملائمة لأي تفاهم مرتقب في جلسة الحوار الوطني المقبلة يشكّل أرضية لاستئناف العمل التشريعي في مجلس النواب. وأكدت المصادر نفسها، أن أوان التشريع قد حان بعد مرحلة طويلة من الجمود والتوقّف القسري، علماً أن كل العوائق التي كانت تحول دون التئام مجلس النواب لم تعد ماثلة في ضوء توافر الإرادات السياسية لاستئناف العمل التشريعي، وذلك بعد تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على ضرورة تفعيل عمل مجلس النواب لإقرار القوانين المطلوبة لتلقّي المساعدات الدولية للبنان، والتي جرى الإعلان عنها في زيارة كي مون الأخيرة.
وفي موازاة المهام التشريعية للمجلس، تحدّثت المصادر الوزارية عن اتجاه لعودة البحث بقانون الإنتخاب، خصوصاً بعد توصّل اللجنة النيابية المختصة إلى صيغة تشكل مقدمة لإقرار قانون إنتخاب جديد. لكن المصادر ذاتها، استدركت مشيرة إلى أن من شأن طرح قانون الإنتخاب الجديد على جدول أعمال الجلسة التشريعية، كما يطالب تكتّل «التغيير والإصلاح»، من شأنه أن يثير موجة من السجالات سترخي بظلالها السلبية على الإتجاهات لتفعيل العمل التشريعي في البرلمان. وأوضحت المصادر أن جلسة الحوار المقبلة، ستتطرّق إلى مسألتي قانون الإنتخاب والتشريع، وذلك في مسعى يصرّ عليه الرئيس نبيه بري لإرساء واقع ينتظم فيه الخلاف بين الكتل النيابية، من دون أن يؤثّر ذلك على مسار العمل التشريعي، خاصة وأن قانون الإنتخاب الذي أشبع بحثاً في اللجان، بات ينتظر التوافق السياسي لإقرار صيغته الجديدة.
وقالت المصادر الوزارية نفسها، أن المشهد الداخلي لم يعد يتحمّل أية تطوّرات مشوبة بالسلبية في ظل تسارع الحراك الإقليمي الذي يتركّز على إنجاح عملية التسوية في سوريا. وإذ وجدت أن المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان نتيجة انعكاسات الصراع السوري ،تتطلب تضافر الجهود وتخطي الخلاف الداخلي حول الملف الرئاسي لتمرير الوقت الضائع الاقليمي ،شددت على ان التحديات الامنية تفرض اعادة جدولة الاولويات وتأجيل الانقسامات السياسية والتفرغ لمواكبة طبخة التسويات في المنطقة وذلك كي لا تأتي هذه التسويات على حساب لبنان وبشكل خاص في الجانب المتعلق منه بالنازحين السوريين وذلك في ضوء الحديث الدولي عن اتجاه لتوطين مئات الالاف منهم في الدول التي نزحوا اليها.