IMLebanon

الأمن ممسوك… لكنّ الإختراق وارد

قبل «الجمعة الإرهابية الدامية»، في كلّ من الكويت وتونس وفرنسا والحسكة، وبعدها. لبنان موضوع على لائحة الدول المستهدَفة لدى تنظيم «داعش»، وأخواته من التنظيمات الإرهابية المتطرّفة. ليس في هذا الكلام أيّ تهويل أو مبالغة، والأجهزة الأمنية تبدو في سباق مع الإرهاب، وذلك من خلال ضرب الشبكات على امتداد البلد وتفكيكها واعتقالها.

مصادر أمنية مواكبة للحرب الدائرة بين الاجهزة الامنية والشبكات الارهابية، تؤكد أنّ الوضع الامني ممسوك عموماً. وأنّ الجيش والاجهزة قادران على التعامل مع أيّ تحدّيات امنية داخلية، ولكنها تشير الى إحتمال «نجاح» الارهاب في الضرب حيث لا يتوقع أحد، وفي ما جرى الاسبوع الماضي جملة من الدلائل التي تشير الى عدم وجود حصانة كاملة لدى غالبية الدول، وبعضها يتمتع بقدراتٍ أمنية وتقنية تفوق بكثير ما تملكه الاجهزة اللبنانية، وعلى رغم ذلك استطاع الارهاب تنفيذ عمليات «متزامنة» بنحوٍ دموي ومفاجئ أفضى الى عشرات الضحايا من الاجانب والمواطنين.

في الاشهر الماضية تمكنت الاجهزة من توقيف العشرات من المشتبه بهم، وهي تسجّل يومياً نجاحات بالغة الاهمية. وفي الامكان نسب هذه النجاحات الى التنسيق العمَلي بين الاجهزة ولوجود الحدّ المقبول من القرار السياسي الذي يسهّل عمل الاجهزة، ولكن على رغم هذه النجاحات يبقى إحتمال إستهداف البلد بنحوٍ مفاجئ وبطريقة دموية وارداً، وذلك بالاستناد الى جملة عوامل ضعف موجودة وقد يستغلّها الارهابيون لتنفيذ قرارهم المتَخَذ بضرب لبنان.

أهم هذه العوامل، بحسب المصادر، هو الانقسام السياسي، الذي يغدو لدى البعض مبرّراً لإطلاق كلام وتصريحات تشجع المخططين على التفكير جدّياً في تنفيذ عمل إرهابي في لبنان. وكان الانقسام السياسي عام 2013، أحد اهم الاسباب في نجاح «كتائب عبد الله عزام» في استهداف البلد بتفجيرات إنتحارية وسيارات مفخَخة عدة.

وعندما تمّ تشكيل الحكومة مطلع العام 2014، وتأمين مقدار مقبول من التوافقات السياسية، تمّ تفعيل عمل الاجهزة ووُضعت آلية للتعاون في ما بينها، الامر الذي أفضى الى انحسار واسع للعمليات الارهابية، ونجاة لبنان من مخططات أظهرت إعترافات الموقوفين أنها كانت مدمِّرة.

الى جانب عوامل الضعف اللبنانية، ثمّة عوامل موضوعية تمثل بدورها مصدر مخاطر محتمَلة، وأهمها وجود مئات آلاف من النازحين واللاجئين السوريين في كلّ لبنان وبنحوٍ عشوائي وغير مضبوط. ومع عدم توافر شروط حياة لائقة لهؤلاء، بسبب إمكانات لبنان الضعيفة، قد يجعل البعض منهم «قنابل موقوتة» تفجّرها «داعش» او «النصرة» او «كتائب عبد الله عزام».

وهذا ما يرمي على كاهل الاجهزة مسؤوليات إضافية قد تفوق حجم طاقاتها وإمكاناتها والقدرات الموضوعة في تصرّفها. وهنا لا بدّ، بحسب المصادر عينها، من إعادة تنظيم النزوح السوري والتعامل مع هذا الملف بمقدار واسع من المسؤولية وإبعاده من الحسابات الداخلية وظروف الانقسام السياسي.

والى المخاطر المتصلة باللجوء السوري، تُضاف مسألة المخيمات الفلسطينية، وإحتمال استخدامها مثلما جرى في أكثر من حادث أمني سابقاً. وعلى رغم أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يبذل جهوداً كبيرة لـ «سحب وتفكيك الالغام» بالتعاون مع السلطة والفصائل الفلسطينية، يبقى احتمال إستخدام الجماعات الارهابية المخيمات لتنفيذ أعمال إرهابية وارداً، وهو إحتمال تضعه الاجهزة الامنية كافة في حساباتها.

بعد معارك القلمون والتقدم الذي تحرزه المقاومة في تلك المنطقة، يصبح ملف الحدود الشرقية آمناً. ولكن تبقى الخشية واردة من إحتمال تسرّب الارهاب عبر الحدود او من الداخل، وهذا ما ينبغي العمل على متابعته. لقد أعلنت «داعش» صراحة نيّتها استهداف لبنان. ولذلك ينبغي أخذ هذه التهديدات على محمل الجدّ، والعمل على سدّ الثغرات، حتى لا يستيقظ البلد يوماً على مشهد دمويّ قاسٍ كالذي شهدناه في تونس أو في الكويت.