“ما دام القتال مستمرّا في غزّة، فإنّه سيتواصل عند الجبهة الجنوبية اللبنانية”، لا سيما مع فشل وساطة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الأخيرة في لبنان والمنطقة بشأن التوصّل الى اتفاق ديبلوماسي بين لبنان والعدو الإسرائيلي لوقف إطلاق النار جنوباً، وعدم التصعيد وتوسيع الحرب لتشمل جميع المناطق اللبنانية. غير أنّ الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا لا تزالان تسعيان للتهدئة عبر موفديهما، لكيلا تصل طبول الحرب الى المنطقة ككلّ. وتزامناً، يناقش مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء في نيويورك “الوضع في الشرق الأوسط”، بما في ذلك القضية الفلسطينية والحرب في غزّة وفي جنوب لبنان، ويشارك لبنان في هذا الاجتماع. فما الذي سيطرحه خلاله؟ وهل سيتمّ التوصّل الى اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار خلال مناقشة الوضع في الشرق الأوسط؟
أوساط ديبلوماسية مواكبة تحدّثت عن مشاركة لبنان في اجتماع مجلس الأمن الدولي اليوم ممثّلاً بوزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبد الله بوحبيب، الذي سيعرض تصوّر لبنان أو رؤيته لكيفية إعادة الهدوء والاستقرار الى جنوب لبنان، والتوصّل الى حلّ شامل في المنطقة، مشدّداً على أنّ الحلّ لا يمكن إلّا أن يكون سياسياً وديبلوماسياً من خلاله التطبيق الكامل للقرار 1701. وهذا يعني الانسحاب “الإسرائيلي” من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، أي من مزارع شبعا (التي تُشكّل ركناً أساسياً في الحلّ الشامل ووقف التوتّر في الجنوب)، وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر، والعودة الى خط الهدنة لعام 1949، ووقف التهديدات والخروقات البرية والبحرية والجوية للسيادة اللبنانية. وسيطالب باستقرار مستدام في الجنوب واحتراماً كاملاً للقرار 1701، الذي يلتزم به لبنان منذ صدوره في 12 آب 2006، في الوقت الذي تخرقه “إسرائيل” من حينه الى تاريخه، وقد بلغت خروقاتها أكثر من 30 ألف خرق.
وسيشرح بوحبيب الوضع الحالي في لبنان، على ما أضافت الاوساط، لا سيما في الجنوب مع بدء الأعمال العدائية التي تقوم بها قوات العدو الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول الفائت ضد لبنان تزامناً مع حربها على غزة، مستخدمة قذائف فوسفورية محرّمة دولياً، فضلاً عن عشرات الطلعات الجوية العسكرية للطيران الحربي والمسيرات “الاسرائيلية” في الاجواء اللبنانية، التي تشكل خرقاً موصوفاً للفقرة 4 من القرار 1701 ، والتي يؤكد مجلس الأمن بموجبها “تأييده الشديد للاحترام التام للخط الأزرق”. كما سيشير الى استهداف “إسرائيل” لمراكز قوّات اليونيفيل بالقذائف، من خلال اطلاق النار على الدوريات التابعة لقواتها، ما يقوض جهودها بتنفيذ مهامها، ويشكل خطراً وتهديداً لأمنها وسلامتها واستهتاراً إسرائيلياً بمبادئ الشرعية الدولية.
وكلّ هذا يؤكّد على خرق “إسرائيل” للقرار 1701، على ما أوضحت الأوساط، رغم ذلك تقوم بقلب الحقائق من خلال تحميل لبنان مسؤولية تعدياتها السافرة على سيادته وسلامة أراضيه. مع الإشارة إلى أن هذه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمستمرة على البلدات الجنوبية الحدودية، أدت إلى تهجير ما يزيد على 75 ألف مواطن لبناني من منازلهم. واكدت الاوساط أنّ الجيش اللبناني هو شريك أساسي لضمان الأمن والاستقرار في الجنوب واستهدافه من “إسرائيل” بـ 35 اعتداء منذ بدء الحرب في غزة يقوض جهود حفظ السلم والأمن الدوليين.
من هنا، سيعيد لبنان التأكيد على سياسته الثابتة في الحق في الدفاع عن النفس والعمل على استرجاع حقوقه بالوسائل المشروعة، ومن ضمنها اللجوء إلى الأمم المتحدة. كما يكرّر التزامه بالتنفيذ الكامل للقرار 1701، ويؤكد حرصه على خفض التصعيد وإعادة الهدوء على طول الخط الأزرق.
كما سيتحدّث بوحبيب عن ملف النازحين السوريين في لبنان، على ما تابعت الاوساط ، رغم الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة، لافتاً الى أنّ معالجة أزمة النزوح السوري تبقى من أولويات الحكومة اللبنانية. لذلك سيطلب من المجتمع الدولي تكثيف الجهود الديبلوماسية والسياسية لضمان عودة أمنة وكريمة للنازحين السوريين الى بلادهم، مشيراً الى أنّ 95 % منهم يهاجرون لأسباب اقتصادية. ولهذا على الأمم المتحدة عدم ربط المساعدات الانسانية للنازحين بإقامتهم خارج بلدهم الأم، إنّما تقديم المساعدة لهم بعد عودتهم الى ديارهم ليتمكنوا من الإستقرار فيها. كما سيشرح مخاطر النزوح على لبنان، في ظلّ تراجع قدرته على ضبط الهجرة غير الشرعية الى أوروبا مع تدهور الاوضاع في الشرق الاوسط. وسيقترح قيام مفوضية شؤون اللاجئين ببرامج إختبارية لعودة آمنة من خلال برامج تعاف مبكر في مجموعة من القرى السورية، بعد أن أبلغت السلطات السورية ترحيبها بذلك.
وذكرت الأوساط عينها أنّ بوحبيب سيطرح في الجلسة الوزارية حول الشرق الأوسط، ضرورة وقف إطلاق النار في غزّة، وإيجاد مقاربة شاملة لسلام مستدام في الشرق الأوسط، مبني على إعادة الحقوق الى أصحابها، لا سيما الفلسطينيين، تبدأ من حلّ الدولتين بناء على المبادرة العربية للسلام “الأرض مقابل السلام” التي عُقدت في بيروت في العام 2002، وسيُنبّه الى أنّ ما حصل في 7 تشرين الأول الفائت، سيتكرّر مجدّداً في حال عدم التوصّل الى السلام الحقيقي والمستدام والى حلّ عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وأن منطقة الشرق الأوسط لن تنعم بالأمن والاستقرار إلّا بحلّ عادل لهذه القضية.