IMLebanon

قرار مجلس الأمن حول الحلّ السوري توافق دولي “من فوق” … هل يكفي؟

حين تتحدث الادارة الاميركية ورئيسها باراك أوباما تحديدا عن توقعاته القوية بغرق روسيا في الوحول السورية على اثر تدخل موسكو عسكريا على نحو مباشر من اجل منع انهيار بشار الاسد، وتتحدث تقارير عدة عن عدم استطاعة روسيا احراز اي تقدم في حربها المزعومة على تنظيم الدولة الاسلامية منذ ايلول الماضي، لا يتوقع كثر في المنطقة ان تذهب الولايات المتحدة الى منطق روسيا في شأن سوريا بل العكس ان تجذب اميركا روسيا الى منطقها. لذلك حين اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري على اثر لقائه يوم الثلثاء في 15 من الشهر الجاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “ان الولايات المتحدة وشركائها لا يسعون الى تغيير النظام وان مغادرة الاسد حالما تبدأ محادثات السلام ليست موقفا مبدئيا” فان ذلك كان محبطا مقدار ما كان تتويجا لموقف اميركي بدا متزعزعا حول الاسد على رغم استمرار ترداد الرئيس الاميركي على نحو رتيب وغير فاعل او مؤثر بوجوب تنحي الاخير. لكن هذا الموقف لكيري لم يكن مفاجئا فعلا بالنسبة الى متابعي الخط البياني للموقف الاميركي من الحرب السورية اذ كان ثمة رهان دوما على ان روسيا ستسعى الى محاولة التوصل الى اتفاق مع الولايات المتحدة حول سوريا قبل انتهاء ولاية اوباما، كما فعلت ايران تماما، للاعتقاد الراسخ بان الامور ستكون اسهل مع اوباما غير المهتم بالمنطقة والمنسحب منها، منه مع اي ادارة جديدة حتى لو كانت ستحل مكانه ادارة ديموقراطية برئاسة هيلاري كلينتون. هذان العاملان اي حاجة روسيا الى اتفاق سياسي في سوريا يقيها المضي في حرب استنزاف والحاجة الى الاتفاق مع ادارة اوباما ابقيا الامال مرتفعة بامتلاك هذه الاخيرة اوراقا قوية من اجل الضغط لحل سياسي مختلف يحدد مهلة زمنية لبقاء الاسد مثلا. السذاجة التي تتحكم بشعوب المنطقة تستند الى الاعتقاد بان تولي الولايات المتحدة او تبني الدول الكبرى قضاياهم يساهم في ايصال حقوقهم كما يرونها او يسعون هم الى تحقيقها بانفسهم في حين ان هذه الدول تعمل على قاعدة مصالحها ليس الا.

تقول مصادر مراقبة ان كيري فعل على الارجح ما تطلبه الاتيان بروسيا الى قرار دولي حول سوريا حمل الرقم 2254 وحظي باجماع مجلس الامن وتضمن اطارا مبدئيا للحل السياسي يبقي على الاسد على الاقل الى ما بعد رحيل ادارة اوباما ومعها كيري في مقابل بقاء بوتين الى جانب الاسد ومعه ايران ايضا.اذ اصبح هناك توافق دولي شرعي في مجلس الامن على اطار الحل كان مفقودا حتى الان. وليس واضحا تماما اذا كان يسجل لكيري انجاز في هذا الاطار على اساس انه ارسى قواعد الحل السوري قبل نهاية ادارة اوباما ام لا. من وجهة نظر ديبلوماسية صرفة يمكن ان يعد القرار خطوة اولى جيدة بعد خمس سنوات على الحرب السورية بحيث يتعين البدء على توافق يكرس في مجلس الامن من مكان ما. من وجهة نظر سياسية السؤال الاساسي هو: هل يمكن ان يجد هذا القرار طريقه الى التنفيذ؟ من الصعب رؤية ذلك خصوصا ان الطريق التي حددها القرار طويلة في الاصل لكنها في الواقع ستكون اطول بكثير بحيث لن تنفذ اجندة المواعيد كما حددها القرار. فالاسئلة الصعبة ليست في اتفاق مبدئي على اطار معروف للحل والذي يقارب في بعض عناوينه الوصفات المعهودة لاخراج دول من حال حرب اهلية على رغم صعوبة تنفيذ او تحقيق هذا المسار بل هي في ما هو ابعد كيف يمكن اقناع او طمأنة السوريين الى وضع اطار للحل يفاوض عليه رأس النظام السوري ويشارك في وضعه وهو المسؤول عما آلت اليه حال السوريين من دمار وبؤس وهو لم يعلن مرة انه اخطأ في مقاربته للازمة في بلاده او اعتذر من السوريين. قد تأتي روسيا بحليفها الى طاولة المفاوضات لكن الادارات والحكم في الدول الديموقراطية يتغير في هذا الوقت ويقل اهتمام هذه الدول بمسار المفاوضات وما اذا يحتم بقاء بشار الاسد ام لا. حصل هذا مع الاسد نفسه حين قاطعته فرنسا بسبب اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما لبثت فرنسا ان لحقت بمصالحها ما ان انتهى عهد الرئيس جاك شيراك فعاد من بوابة العيد الوطني الفرنسي على جادة الشانزليزيه. ومن غير المستبعد ان يكون هذا ما تسعى اليه ايران وروسيا لجهة ابقاء الاسد وسط سؤال كبير اذا كان السوريون يمكن ان يقبلوا ان يستمر حكم العلويين في سوريا بعد كل ما حصل وما اذا كانت روسيا تستطيع تحمل حماية حيدر العبادي اخر في سوريا مع بقاء مناطق كثيرة خارج نطاق السلطة في دولة فاشلة يتصارع اهلها وطوائفها على النفوذ فيها الى جانب دول المنطقة والخارج ايضا كما هي حال العراق الذي يرجح ان تنتهي سوريا الى ما انتهى اليه في احسن الاحوال في ظل قرار دولي لا يحسم مصير الاسد ووجود دول تعمل على بقائه وعدم وجود افق لهزيمة داعش. وتاليا هل التوافق الاميركي الروسي على الحل يضمن توافقا ايرانيا سعوديا او ايرانيا عربيا تركيا على الحل في سوريا ام انه اتفاق من فوق اي من الدول الكبرى لا يمكن ان يسري على دول المنطقة المتناقضة المصالح في سوريا ؟