اصدر مجلس الأمن قرارا حول اليمن اكتسب اهمية مزدوجة كونه اتى تحت الفصل السابع، بما يعنيه من ضرورة تقديم الاعضاء المساعدة اللازمة من اجل التنفيذ ومن فتح الباب امام عقوبات اقسى، علما ان روسيا امتنعت عن التصويت بما يعني عدم استخدامها حق الفيتو وتاليا عدم اعتراضها على مسار القرار ولو انها تعتبر انها قد تلقت ضربة منذ موافقتها على القرار الدولي في شأن ليبيا ما ادى الى استخدامها فيتو مرات في شأن سوريا مثلا. فعلى رغم ان ثمة قرارات صدرت عن مجلس الأمن تؤكد شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي فإن القرار الجديد يفيد بجملة وقائع ويخلص الى جملة نتائج. أبرز الوقائع ان الامم المتحدة ثبتت شرعية الرئيس اليمني وعدم شرعية تحرك الحوثيين بل قاربت توصيفهم خارجين عن القانون يهددون الأمن والاستقرار الدوليين. وتاليا فإن القرار الدولي تحت الفصل السابع ادى الى انخراط الامم المتحدة في اليمن على نحو لا يمكنها التراجع بل يتعين عليها الذهاب في حال عدم التزام المعنيين هذا القرار الى خطوات اخرى يفترض ان يتخذها المجلس لاحقا.
ومن الوقائع أيضاً ان القرار فتح باب المفاوضات من اجل ايجاد حل سياسي للازمة اليمنية ولو انه رسم سقفا قد لا يكون مناسبا للحوثيين وداعميهم من حيث وجوب ان يسحبوا قواتهم من كل المناطق التي استولوا عليها ومن المؤسسات العسكرية والامنية ووجوب وقف العنف والتزام مبادرة مجلس التعاون الخليجي. وهو ما يوازي تراجع الحوثيين من اجل الانضواء ضمن الحوار الذي سبق سيطرتهم على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة ويعيد الاعتبار بقوة الى دور دول الخليج واقتراحاتها لحل الازمة.
ولعل القرار يشكل ضربة معنوية قاسية لايران. اذ هو ضربة لخطابها الذي اعتبر ان الحملة العسكرية بقيادة المملكة السعودية هي عدوان على اليمن على رغم ان الرياض غطت العملية العسكرية من الاساس بأنها اتت تلبية لطلب الشرعية اليمنية الممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف به من الامم المتحدة أيضاً. وارتكزت الحملة الاعلامية والسياسية التي استخدمتها ايران الى محاولة اظهار عدم قانونية الحملة السعودية ووصفها بالعدوان في الوقت الذي ادى القرار الجديد لمجلس الأمن الى تثبيت المنطق الذي استخدمته المملكة ودول الخليج بما يضعف المنطق أو الخطاب الايراني ويجعل ايران في حال الاصرار عليه تقف في وجه الشرعية الدولية. والضربة المعنوية تمثلت في امتناع روسيا عن التصويت اي عن تعطيل صدور القرار الدولي المتعلق باليمن فضلا عن ان صدور القرار تحت الفصل السابع يرتب تداعيات على المسار المتبع في مواصلة الحرب اليمنية أو تسعيرها. يضاف الى ذلك ان الولايات المتحدة اظهرت التزامها الموقف السعودي من ازمة اليمن في ظل شكوك من ان واشنطن لم تكن متحمسة لمثل هذه العملية. لكن مراقبين اولوا اهتماما لهذا العنصر في الإطار نفسه، انطلاقا مما قاله الرئيس الاميركي باراك أوباما في حديثه الاخير ولجهة استعداده لدعم القوى العربية في حال قررت القيام بعمل ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد، ما يمكن ترجمته بأن الولايات المتحدة مستعدة للسير مع الدول العربية في خياراتها في شأن ازمات المنطقة فاصلة بين هذه الازمات والتوصل الى اتفاق نووي مع ايران. وهو ما يشكل رسالة في ذاتها في إطار سعي طهران الى السعي الى الاعتراف الاميركي بنفوذها الاقليمي في المنطقة.
قبيل التصويت على القرار الدولي عن اليمن، اعلن وزير الخارجية الايراني جواد ظريف عن خطة ايرانية للحل في اليمن تقضي بوقف النار والبدء بمفاوضات بين الافرقاء اليمنيين. وهو ما يتلاقى مع ما طالب به الخليجيون اصلا وما طالب به قرار مجلس الأمن مع فارق ان ايران تود على الارجح ان يحافظ الحوثيون على مكتسباتهم الميدانية قبيل الحملة العسكرية بقيادة السعودية، في حين طلب منهم قرار مجلس الأمن الانسحاب والتراجع الى زمن المبادرة الخليجية. فهل تستطيع ايران ان تدفع الحوثيين الى وقف القتال بدلا من استنزافهم من دون طائل في ظل المعطيات الجديدة أو تساوم على وقف فوري للقتال لقاء ابقاء بعض المكتسبات التي قد يجرى التفاوض عليها في إطار مبادرة تحفظ ماء وجه الجميع؟
لذلك فإن من ابرز النتائج التي يفترض ان يؤدي اليها القرار هو اعادة تقويم ايران موقفها في اليمن على قاعدة ان مضي الحوثيين في التصعيد سيعرضهم للمزيد من العقوبات، فيما تمضي العملية العسكرية ولا يمكن دول الخليج التراجع عنها فيما يضعها ذلك في موقف صعب أيضاً على الصعيد الدولي والميداني. وكذلك الامر بالنسبة الى ضرورة اقرارها بأن انخراطها في اليمن كان خاسرا وان خطتها لضم اليمن الى العواصم التي قال مسؤولوها ان طهران باتت تسيطر عليها لم ينجح بناء على التصدي العربي لها. وثمة واقع من النتائج أيضاً هو بروز قوة خليجية عربية غير مسبوقة باتت تقف في وجه تمددها أو سعيها الى التمدد في المنطقة وتحظى بغطاء دولي واقليمي من اجل التصدي لها.
هناك من يعتقد ان اليمن قد يفتح باب التفاوض بين ايران ودول المنطقة بناء على الواقع المستجد والحسابات الجديدة التي فرضها، اي استعادة التوازن الاستراتيجي في المنطقة الذي كان اختل نتيجة التوسع الايراني باعتبار ان استعادة التوازن قد تعزز امكانات الوصول الى تفاهم.