Site icon IMLebanon

مرور “القطوع اليمني” امتحان للخطّ الأحمر المعادلة الأمنية “ستاتيكو” ينعكس على التعيينات

شكّل تجاوز لبنان القطوع اليمني من دون ان يهتز وضعه الامني على رغم اشتداد المواقف السياسية على اثر الحملات السياسية التي شنها الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله على المملكة العربية السعودية والردود عليه، مؤشرا كبيرا على وجود خط احمر، اذا صح التعبير، وهو يتمثل في عدم السماح لاحد بالتلاعب بالاستقرار في لبنان في المرحلة الحالية ولا الوصول بلبنان الى مرحلة الخطر أو التهديد بايصاله الى هذه الدرجة. اذ تجمع مصادر سياسية على اعتبار ان ما حصل في الاسابيع الاخيرة كان بمثابة امتحان صعب امكن تجاوزه على رغم التوتر الشديد الذي اثاره. وهو ما يرجح ان يعود معه الوضع الى الهدوء النسبي الذي كان سائدا ما قبل عاصفة الحزم التي نفذتها المملكة السعودية ضد الحوثيين في اليمن، خصوصا بعد الاعلان عن انتهائها.

الخلاصة الاساسية المباشرة ومع عودة المماحكات حول الموازنة والسلسلة، بالنسبة الى هذه المصادر، ان ما يجري التلويح به من تصعيد سياسي ربما يهدد الحكومة او يساهم في تصعيد المواقف السياسية لن يكون مسموحا به تحت اي ذريعة. وفي مقدمها ما يتم تداوله في هذا الاطار من تصعيد في موضوع التعيينات للقادة الامنيين، ولو ان البعض يعتبر ان قليلا من الماء اضيف الى نبيذ المواقف المعلنة من جانب التيار الوطني الحر الذي يرفع الصوت وحده في موضوع التعيينات الامنية. ومع ان الامور باتت واضحة الاتجاه على هذا الصعيد ومحسومة تقريبا منذ بعض الوقت في ظل اقتراحات تبقي ابواب الحظوظ مفتوحة، فان المصادر المعنية تنطلق من معادلة بسيطة تفيد بأن الاستقرار الذي يثمّنه الجميع في الداخل والخارج على حد سواء، قوامه الصيغة التي يحذر من هزها او تغييرها كثر من المهتمين بهذا الاستقرار في ظل التحديات الكبيرة التي يشهدها لبنان، وهي وجود قادة أمنيين باتوا يوازون بدورهم اي تعديل قد يطرأ على ملف الانتخابات الرئاسية الذي من المرجح الا يكون واردا في المدى المنظور. فاذا كان لا يتم خوض غمار هذه الانتخابات وتمت المحافظة في الوقت نفسه على حد نسبي كبير من الاستقرار، فإن من المرجح الا تكون التعيينات الامنية اكثر اهمية من وجود رئيس مسيحي هو في نهاية الامر الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة ويشكل ضمانا معنويا مهما للمسيحيين. فالتفريط بموعد آخر لجلسة انتخابات الرئاسة التي لم تتغير المواقف الداخلية في شأنها على رغم اقتراب انتهاء سنة كاملة على الشغور في موقع الرئاسة الاولى يساهم في تضاؤل الدفع نحو اولوية التعيينات الامنية التي يعتقد كثر انه يتم الاصرار عليها من اجل الحصول على ترضيات او ضمانات معينة والبعض يقول مساومات. وثمة معطيات تفيد بأن هذه المساومات لم تثر امام افرقاء في الداخل فحسب، بل اثارها فريق معنيّ مع مسؤولين في عواصم غربية مؤثرة، في اطار محاولة تحفيز الحض على تعيين قيادة جديدة للجيش.

لكن الواقع ان موقع قيادة الجيش لم يعد منفصلا كموقع او كمركز امني بل بات مرتبطا اكثر فاكثر بالرئاسة اللبنانية من ضمن سلة متكاملة يعتقد كثر ان زعيم التيار الوطني كان ليصر على عدم اجرائها او حصولها في معرض الدفاع عن صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي لولا انه مهتم بالحصول على مكسب وهو موقع قيادة الجيش على نحو مسبق لانتخاب الرئيس العتيد، بغض النظر عما اذا كان لا يزال واثقا باحتمال وصوله شخصيا الى الرئاسة الاولى ام من باب تثبيت مكسب قد لا يكون مضمونا في حال انتخاب رئيس توافقي. وهو ما لا يبدي افرقاء كثر استعدادا لاعطائه هذا المكسب مسبقا، فيما تعتقد هذه المصادر ان مؤشرات عدة عن وجود اعتراضات ظهرت في الشهرين الماضيين. فاذا كانت الانتخابات الرئاسية في ثلاجة الانتظار ولبنان كله في وضع ينتظر فيه تطورات المنطقة، فمن المرجح ان ينسحب ذلك على كل الملفات التي لا يستطيع الافرقاء السياسيون بتها على ما يجري في الحوارات الثنائية القائمة. ذلك في حين ان اهتمام الخارج ينصب على المحافظة على الاستقرار اللبناني فحسب في هذه المرحلة وبقاء لبنان قادرا على استيعاب اللاجئين السوريين ومفتوحا لاستقبالهم، فضلا عن امتلاكه القدرة على مواجهة محاولات ارهابية محتملة يعتبر اولوية تتقدم على أي أمر آخر، بما فيه انتخاب رئيس جديد لا ظروف تسمح بالتوافق على انتخابه في هذه المرحلة وفق ما بات محسوما.

وتاليا الكلام على عدم الرغبة في خوض غمار تعيينات امنية تؤدي الى اي تغيير ان لم تؤد الى خلافات كبيرة، مرده ايضا الى الحاجة الى الستاتيكو الامني كما الى الستاتيكو السياسي القائم في ظل هاجس المحافظة على الامن في الجنوب والمحافظة على امن الحدود مع سوريا التي يشهد فيها الوضع الميداني متغيرات متسارعة ومفاجئة تنطوي على احتمالات كبيرة، بما فيها الاحتمال المفاجىء لانهيار النظام السوري بحيث ينبغي على لبنان ان يكون متيقظا لكل ما يدور في جواره ومتحوطا له. الامر الذي لا يسمح بأي تلاعب في المعادلة الامنية التي تسري على وجود وزارة الداخلية في يد تيار المستقبل وعلى رأسها الوزير نهاد المشنوق، من منطلق امتلاك هذا التيار القدرة على مواجهة التحديات الامنية لا سيما منها ما يتصل بالارهاب مثلا كما على بقاء المؤسسات الامنية الاخرى بقياداتها الحالية.