مع ان الخضة الأمنية من جراء حادثة الكحالة، التي كان يمكن ان تتطور الى أحداث خطرة جرى احتواؤها، فان تداعياتها لم تنته بعد، وسط كلام عن تأثيرات تشمل كل الملفات، في ظل انقسام لبناني يتوسع، من الجدل حول “باربي” الى شاحنة حزبية، وكل ذلك على وقع تهديد بحرب أهلية.
وبطبيعة الحال، فان الملف الرئاسي يتأثر بالتطورات الأخيرة، فكل المؤشرات تدل على المزيد من التصلب في المواقف حيال الملف الرئاسي، فالفريق الداعم لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، اصبح بعد حادثة الكحالة أكثر تشددا إزاء ترشيحه، بعد ان أبدى هذا الفريق قبل فترة مرونة رئاسية، وصلت الى القبول بمناقشة سلة أسماء للرئاسة، لكن الأحداث الأمنية أطلقت المخاوف لدى هذا الفريق، من هشاشة السلم الأهلي وإمكانية اندلاع فتنة، فعاد يطالب برئيس لا يطعن” ظهر” المقاومة، بعد ان وصلت التعبئة في الشارع المسيحي الى الذروة.
لدى المعارضة الوضع الرئاسي صار أكثر ارباكا من قبل، فالمعارضة تتهرب من تهمة تعطيل الاستحقاق، ولا يمكنها تقديم تراجعات على حساب صدقيتها وأهدافها، وبالتالي تقف محرجة أمام دعوة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وأمام هواجسها الرئاسية الحائرة، بين الاستمرار بدعم جهاد أزعور، وانزعاج فريق في المعارضة كان يعول على دور لقائد الجيش في المستقبل انطلاقا من موقف العماد جوزف عون الأخير وتعاطيه في حادثة الكحالة، مع انتقاد هذا الفريق لأداء المؤسسة العسكرية في حماية شاحنة حزب الله وحمولتها…
التوترات الأمنية الأخيرة طرحت تساؤلات كثيرة حول انعكاسها على الاستحقاق الرئاسي، وما إذا كان هناك رابط بين الأحداث ومحاولة التأثير على الاستحقاق الرئاسي بالضغط لإنجاز الاستحقاق الرئاسي “على الحامي”.
مع ذلك، فكل الأنظار متجهة الى “حوار أيلول” المرتقب، على أمل ان ينتج بنهايته رئيسا، ولكن هذا الحوار تحوم حوله علامات استفهام، فعلى الرغم من المحاولة الفرنسية لتعديل بعض النقاط والتفاصيل في المبادرة الفرنسية، بعد الاجتماع الأخير للدول الخمسة، إلا ان حوار أيلول لا يزال محاطا بإشكالات تعثر التفاوض السعودي – الإيراني من جهة، والانقسام اللبناني والمشاكل الأمنية المتنقلة، التي تترك تأثيرات في الحوار الرئاسي.
وهنا، تؤكد مصادر سياسية ان المساعي الفرنسية لن تتوقف لتحقيق تقدم في الملف، نظرا لدقة الوضع اللبناني، وخوفا من الذهاب نحو الفوضى، وحادثة الكحالة مؤشر الى خطورة الوضع، مما يعطي دفعا لأي حوار يمكن ان ينتج رئيسا، ويضع حدا للفوضى والتشنج السياسي.
“حوار أيلول” ينتظر جواب المعارضة التي تتعاطى بحذر مع الدعوة، ولم تصل بعد الى قرار موحد في شأن المشاركة. ووفق مصادر مطلعة فان قوى المعارضة تتخوف من ان يكون الطرح الذي يحمله الموفد الفرنسي محاولة لتمرير الوقت لأهداف رئاسية ليس أكثر، فحزب “القوات” متريث ومشاركته في طاولة عمل أيلول مشروطة بغياب المناورة والاستغلال من الفريق الآخر، وهذا الأمر ينطبق على مجموعات المعارضة التي لم تحدد موقفها النهائي بعد.