لا ضجّة داخل قوى الامن الداخلي، بشأن التمديد «الضروري والشرعي والمؤقت» لكبار الضباط، شبيهة بتلك التي تشهدها أروقة اليرزة.
هنا التمديد يفرض نفسه أيضاً على المديرية متأثراً برياح التعطيل التي تضرب المواقع والمؤسسات كافة. آلية المعالجة متوافرة بانتظار الانفراج الكبير من فوق صوب تحت. هو تمديد مقنّع وسلس. لكن النتيجة حتمية ومتوقعة: مجلس القيادة في قوى الأمن دخل نفق التعطيل.
في الخامس من حزيران لن يحال مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص الى التقاعد. بموجب قرار إداري موقّع من قبل وزير الداخلية سيمدّد لبصبوص لسنة إضافية على الارجح. الاسباب الموجبة لا تقبل النقاش. لا إمكانية، ولا قرار بإجراء تعيينات «أصيلة» بغياب رئيس الجمهورية وفي ظل حكومة لا تحسن حتّى تصريف الاعمال.
لكن من ضمن الضباط الذين طرحت أسماؤهم مؤخراً لتثبيتهم في مدار «تأجيل التسريح»، طرح اسم قائد الدرك العميد الياس سعادة الذي يُحال الى التقاعد في 22 ايار المقبل، وهو أحد الاعضاء التسعة، من قادة الوحدات، الذين يشكّلون مجلس القيادة الى جانب المدير العام والمفتش العام.
الموقع ماروني وحسّاس، وهو الأهمّ والأرفع بعد قيادة الجيش، وعادة ما يتنازعه صراع تحاك قطبه الخفية بين القوى المسيحية، على رأسها رئاسة الجمهورية. لكن حسماً لأي جدل، لا إمكانية للحديث هنا عن تمديد لقائد الدرك، رئيس أكبر الوحدات في المؤسسة، اسوة ببصبوص وبعض ضباط الجيش.
يوم عيّن العميد سعادة قائداً للدرك بالوكالة في تشرين الاول العام 2013، خلفاً للعميد جوزف الدويهي، كانت حكومة نجيب ميقاتي تصرّف الاعمال، ومجلس النواب دخل مدار التمديد الاول، ووزير الدفاع وقّع على التمديد لقائد الجيش ورئيس الاركان، والمدير العام لقوى الامن الداخلي يأمر بالوكالة (اللواء بصبوص قبل تثبيته بالاصالة). بعد نحو عام لم يتغيّر المشهد كثيرا لا بل ازداد سوءا في ظل الشغور الرئاسي.
عمليا، لا مفاوضات إذاً بشأن هوية الاصيل الذي سيخلف العميد سعادة، ولا احد من السياسيين المسيحيين يرغب بخوض معركة البديل وليس الاصيل.
الاتجاه المؤكد هو اعتماد قاعدة تعيين وكيل، عبر برقية فصل يصدرها المدير العام قبل إحالة سعادة الى التقاعد، بتعيين مساعد أول لقائد الدرك يتسلم مهام الاخير بعد الثاني والعشرين من ايار. وهو إجراء عادة ما يتبع حين يتعثر تعيين أصيل. اسم قائد منطقة جبل لبنان العميد جهاد الحويك (رئيس فرع المعلومات السابق في جبل لبنان) هو الاكثر تداولاً لدى استعراض مروحة الاسماء المحتملة.
يذكر ان المساعد الاول لقائد الدرك عرفاً هو شيعي، وحين تصدر برقية الفصل بتعيين المساعد الاول لقائد الدرك، فهو يكون حكماً أحد الضباط الموارنة فيصبح الضابط الشيعي مساعداً ثانياً (هو حالياً العميد غالب مهنا).
وقد اعتمد هذا الاجراء مؤخرا مع إحالة قائد القوى السيارة العميد عبدو نجيم الى التقاعد، حيث حلّ مكانه بموجب برقية فصل العميد جوزف الحلو بالوكالة، وتعيين العميد جورج لطوف رئيساً لهيئة الاركان بالوكالة محل العميد جوزف حلو (شغل منصبه بالوكالة أيضاً).
وحاليا، وضمن مجلس القيادة، يشغل قيادة شرطة بيروت بالوكالة العميد عبد الرزاق القوتلي، والمفتشية العامة بالوكالة العميد انطوان بستاني، وذلك بسبب تعذر تعيين قادة أصلاء والذي يحتاج الى مرسوم صادر عن مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية.
لكن العميد القوتلي قائد شرطة بيروت بالوكالة يُحال الى التقاعد في 22 آب المقبل، والمفتش العام العميد بستاني في 2 ايار المقبل، وهذا ما سيفرض اتباع الآلية نفسها مجدداً باعتماد برقيات الفصل في غياب القدرة على التعيين.
ومع تعيين العميد جوزف الحلو قائداً للقوى السيارة بالوكالة والعميد لطوف رئيساً لهيئة الاركان بالوكالة، الى جانب العضوين بالوكالة القوتلي وبستاني، بات متعذراً التئام مجلس القيادة الذي تتخذ القرارات فيه أكثرية 8 من 11، فيما لا يحق للبديل أن يحل مكان الاصيل في اجتماعات المجلس.
وهكذا سينضمّ «الوكيل» الجديد في قيادة الدرك الى «مجموعة الوكلاء» التي بدأت تتشكّل تدريجاً في مجلس قيادة قوى الامن الذي تعود له صلاحية واسعة جداً منها التشكيلات والترقيات والتعيينات.
فمجلس القيادة يتألف من المدير العام لقوى الأمن الداخلي والمفتش العام وقادة الوحدات التسع: قيادة الدرك، هيئة الأركان، الإدارة المركزية، الخدمات الاجتماعية، القوى السيارة، شرطة بيروت، الشرطة القضائية، جهاز أمن السفارات والإدارات والمؤسسات العامة، ومعهد قوى الأمن الداخلي.
يذكر أن عمداء عديدين في قوى الامن الداخلي سيحالون تباعاً الى التقاعد هذا العام بينهم قائد سرية طرابلس العميد بسام الايوبي في 9 تموز المقبل، والعميد منير شعبان (مستشار وزير الداخلية لشؤون السجون) في 14 نيسان.