Site icon IMLebanon

جهوزية الأجهزة “على صوص ونقطة”… والبركان المعيشي في كل “زاروب” ومحطة

 

يبقى الوضع الأمني حذراً، إذ إن عوامل التفجير تكاد لا تُعدّ ولا تُحصى، ولا توجد حلول في الوقت القريب.

لا يمكن فصل الواقع الأمني في لبنان عن الواقع الإقتصادي والإجتماعي والمعيشي، فكل شيء يوحي بصدامات ممكن أن تندلع من كل حدب وصوب.

من هنا، ترى الأجهزة الأمنية أن ضبط الشارع بات صعباً جداً ولا يمكن أن يُحلّ بقرار أو بإصدار أوامر عسكرية، لذلك فإن الحلّ السياسي يبقى الأساس في أي تهدئة للنفوس.

وتلفت مصادر أمنية إلى أن كل لبنان تحوّل إلى بؤر متفجّرة ولا يقتصر الموضوع على منطقة دون أخرى، حتى البيئة الشيعية التي كانت تُعتبر أقلّ ضرراً من الأزمة تتضايق وتحصل فيها إشكالات لأنه لا يوجد أي مناطق تُعتبر جزراً منفصلة عن الوطن.

وأمام كل هذه المخاطر فإن الأزمة تبدأ من القوى العسكرية نفسها، فمنسوب الجهوزية إنخفض إلى النصف تقريباً، لأن الوضع الإقتصادي أصاب المؤسسات الأمنية في الصميم، فمعظم القطاعات تعاني نقصاً، وهناك عدد كبير من الآليات العسكرية متوقفة عن العمل وتفتقد الصيانة.

أما المعضلة الأكبر فتتمثّل بالعديد ولا سيّما العناصر، إذ إن حالات الفرار غير المعلنة تتكاثر، وتحاول معظم الأجهزة التعامل معها على أنها إنقطاع عن الخدمة أو إجازة مدفوعة لأن العسكر “واقف على صوص ونقطة” ومعظمهم يفكّر بعدم الإلتحاق بالخدمة.

أما السبب الرئيسي لانخفاض مستوى الجهوزية البشرية فهو مراعاة الأجهزة لوضع عناصرها، إذ إنّ معظم الألوية تحاول التخفيف من عبء التنقل للعسكر، فتعطي مأذونيات طويلة، أو تجمع أيام خدمة العسكر ما يخفّف من عديد العسكر في الثكنات والمخافر وسط غياب هيبة الدولة وتحوّل الجيش والقوى الأمنية إلى شرطي ينظم السير أمام المحطات والأفران والصيدليات.

وتعترف الأجهزة بأنه حتى لو كانت على أتمّ الجهوزية ولا يوجد فراغات لوجستية، فهي غير قادرة على ضبط الشارع لأن الأزمة تستفحل وتشتدّ ولا تستطيع أن تقمع مواطناً جائعاً يبحث عن رغيف خبز، أو مواطناً يقف لساعات أمام محطات الوقود كي يأتي دوره في شهر آب اللهاب.

وبحسب المعلومات الأمنية فإن الوضع يتدحرج بسرعة نحو الأسوأ، ولا توجد معالجة أمنية تستطيع وقف موجة الإعتراض الشعبي، مع العلم أن أحد أسباب تململ العسكر هو معاشاتهم التي لم تعد تكفي لتأمين قوتهم اليومي. وعلى رغم بعض حالات القمع في الشارع، إلا أن قادة أمنيين يضعونها في خانة الأعمال الفردية وليس هناك أي قرار بقمع الناس، لكن القرار المتخذ هو الحفاظ على الأملاك العامة والخاصة ومنع وقوع صدامات على الأرض.

وتشكو الأجهزة من إدخالها في زواريب هي من إختصاص وزارات معينة وخصوصاً وزارة الإقتصاد والهيئات الرقابية، وعلى رغم ذلك لا تتوانى الأجهزة عن تنفيذ المهام المطلوبة منها حتى لو لم تكن من إختصاصها.

وأمام كل هذه الوقائع فإن البلاد مقبلة على مرحلة صعبة جداً إذا لم توجد الحلول السياسية وتؤدّي إلى إراحة الشارع وإعادة الثقة نوعاً ما، وتحل الأزمات الحياتية الملحة من دواء وخبز ومحروقات…