Site icon IMLebanon

أمن أوروبا لا يعني مساواة المسلمين بـ «داعش»

هو خط رفيع يفصل بين الحفاظ على قيم الجمهورية الفرنسية المتجسدة في شعار «حرية مساواة اخوّة» وبين نجاح اليمين المتطرف في استغلال هجمات «داعش» الارهابية الاخيرة لدفع المواطنين، سواء في فرنسا او دول اوروبية اخرى، للمساواة بين «مسلمين» و»ارهابيين» بحيث تكون الجاليات الاسلامية والعربية، اضافة الى اللاجئين السوريين، ابرز من تطالهم ردود الافعال الانتقامية التي تساهم بطريقة غير مباشرة في دعم الارهاب.

فإثر الهجمات الدموية التي فاجأت العاصمة الفرنسية مساء الجمعة الاسود تعالت الاصوات من اميركا الى اوروبا تطالب باجراءات عقابية شاملة وصلت الى حد «احراق مساجد في كندا واسبانيا وهولندا والى قيام بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة بتنظيم تظاهرات رددت خلالها شعارات معادية للاسلام والمسلمين» كما ورد في بيان الازهر، إضافة الى دعوات لطرد اللاجئين السوريين وخصوصاً ان التحقيقات بينت ان من بين منفذي الهجمات الاخيرة لاجئ سوري واحد.

فرغم قلة عدد السوريين الذين وافقت الولايات المتحدة على استضافتهم، طالب الرئيس الجديد لمجلس النواب الاميركي بول ريان بالتوقف عن استقبالهم. وخشية تزايد «شيطنتهم» دعت الامم المتحدة الى عدم تدفيعهم الثمن، هم الهاربون سواء من جحيم بشار الاسد او من جحيم «داعش« نفسها. وفي معرض نقلها للنقاشات الجارية في المانيا بشأن الإرهاب واللاجئين ذكرت صحيفة «دير شبيغل» ان من اهداف «داعش» ان يشعر المسلمون بالتهميش والاقصاء لانه يجعل امكانية تجنيدهم أسهل».

هذا لا يعني اطلاقا ان على السلطات الفرنسية وسواها غض النظر عن امن مجتمعاتها انما عليها التنبه، كما يلفت ديبلوماسي لبناني سابق عمل في الولايات المتحدة، حتى لا تكرر اخطاء الادارة الاميركية في اعقاب هجمات 11 ايلول 2001 وما تلاها من قيود اضافية على الجاليات الاسلامية والعربية، وصولا الى احتلال العراق وتدمير مؤسساته بذرائع وهمية. 

ويلفت المصدر الى ان «تحويل المسلمين كجماعة الى كبش فداء يقدّم خدمة جلّى لداعش لانه يساعده على لمّ عناصر تشعر بالغبن والتهميش«.

فقد برهنت العمليات الارهابية الناجحة ان كل التقدم العلمي والتكنولوجي تخترقه حفنة من الصغار، بما يتطلب وسائل اخرى للحماية. فالقضاء على «داعش« لا يمكن ان يكون امنيا فقط خصوصا بالقصف من الجو. والحل يكون برزمة اولها التخلص من الاسد الذي شكلت مجازره اكبر خدمة لتوسع التنظيم الإرهابي، كما سبق ان شكل سلوك نوري المالكي في العراق واضطهاده للسنة مجالا لانتشاره، اضافة الى سعي اكبر للدمج بين الجاليات والمجتمعات الاوروبية. 

كما ان القضاء على الارهاب السني لا يكون الا عن يد الاعتدال السني بما يتطلب تعزيز دوره عبر نضال فكري وثقافي يحول دون استغلال الدين لمآرب اخرى.

فـ«داعش« الذي يسيطر حاليا، رغم خسارته سنجار قرب الموصل ورغم ما يتعرض له معقله في الرقة، ما زال يسيطر على آلاف الكيلومترات المربعة وملايين المواطنين في العراق وسوريا. وهو يعتبر حاليا من اغنى التنظيمات، وإن اعتمد في البدايات على تمويل الاثرياء سواء المؤمنين بايديولوجيته او الذين اعتبروا بأنه يساهم في اسقاط الاسد. لكنه بات يعتمد على تمويل ذاتي سمحت بتعزيزه سياسة الاحتواء التي اتبعها التحالف الدولي. وتعتبر تجارة النفط من ابرز المصادر اذ تخطى مردودها ملايين الدولارات عام 2014 وفق الخزانة الاميركية، اضافة الى مردود فديات عمليات الخطف وعمليات الابتزاز والسرقات في مساحات سيطرته.

ومما لا شك فيه ان التدخل العسكري الروسي الواسع ومساهمته في إلحاق نكسات دفع ـ«داعش» لتوسيع اطار عملياته لتطال الروس اولا عبر اسقاط طائرة مدنية فالفرنسيين، بعد ان كان يكتفي بضربات في الدول القريبة من تركيا الى السعودية فالكويت والعراق وتونس وحتى لبنان..