كلمة حق تقال على ان الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله قد فتح الباب امام الخطة الامنية في شرقي البقاع وشماله حيث كان يستحيل على الجيش والقوى الامنية التحرك بسهولة هناك، ما يعني ان حزب الله قد رفع الغطاء عمن كانت الدولة ترى فيهم خوارج عن سبق الاستعداد، بعد طول ملاحقة حيث وراء كل هؤلاء سلسلة احكام قضائية يستحيل السكوت عنها، قياسا على حساب «الطياح» الذين لديهم ملفات طويلة عريضة من الارتكابات اقلها جرائم القتل وتجارة المخدرات التي نادرا ما يوجد بيت بقاعي غير ملاحق بهذة الجناية؟!
صحيح ان كلام الامين العام لحزب الله قد اوحي برفع الغطاء عن المطلوبين، لكن النظرة المخففة الى الملاحقات لا توحى بانها ستتوقف طالما ان المئات من ابناء المنطقة ملاحقون امنيا وقانونيا وقضائيا، ولا يعقل ان تنتهي هذه الملفات قبل الانتهاء من ملاحقة المرتكبين الذين من الواجب النظر قضائيا الى ما فعلوه بحق بعضهم او بحق الجيش والقوى الامنية لان الملاحقات واجبة وضرورية وصولا الى تبييض الملفات التي تقدر بالالاف!
ولان ميزان العدل لا يستقيم بملاحقة المطلوبين في البقاع الشرقي وحده، من الواجب ان تتطور الخطة الامنية لاحقا باتجاه المطلوبين في البقاع الغربي، بل وفي كل بقعة من لبنان، حيث لا يعقل ان يستفيد من الاعفاءات فريق ويحرم فريق اخر، لاسيما ان بيروت حافلة بمثل هكذا ملاحقات من الواجب استكمالها مثلما حصل ويحصل في البقاع والشمال والعاصمة والضواحي. وكل كلام غير هذا لا يشجع على القول ان ثمة جدية لدى الدولة على هذا الصعيد!
وفي عودة الى ملفات الحوار وما هو ناشط على صعيدها، يمكن القول ان طريقة تعاطي تيار المستقبل وحزب الله في مجال الحوار، مقبول وجيد نسبيا لمجرد انه ادى الى تنفيس الاحتقان ويشجع على القول ان مجالات التفاهم لا بأس بها، وهذا مطلوب من الحوار الاخر على الصعيد المسيحي – المسيحي بين التيار الوطني وحزب القوات اللبنانية مع العلم ان احدا لم يفهم الى الان سبب التأخر في انجازه، الا اذا كان الصف الثاني لدى الجانبين يقوم بما هو مطلوب منه، واصبح ما يحول الى الان دون اجتماع العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع مجرد قشور (…)
لكن من الواضح ان الحوار السني – الشيعي لم يرق الى بحث مصير الرئاسة الاولى بعد انقضاد اكثر من تسعة اشهر على الفراغ الرئاسي وهذا ينطبق على ما هو حاصل في جانب الحوار المسيحي حيث لم يقل احد ان الرئاسة الاولى مرشحة لان تصل الى نهايات مقبولة في المستقبل المنظور، على رغم كل ما يقال عن مسعى اوروبي – فاتيكاني قد حقق تقدما على هذ الصعيد بعد جولات فرنسوا جيرو على من يعنيه امر الاستحقاق في لبنان وفي الخارج!
وتجدر الاشارة هنا الى ان النائب وليد جنبلاط اقترب من موعد الاعلان عن سحب مرشحه النائب هنري حلو، لتنحصر المعركة بعد ذلك بالمرشحين العماد عون والدكتور جعجع، الا اذا كانت التطمينات على مثل ما سبقت الاشارة اليه غير واقعية وتفتقر الى الجدية، لا سيما ان هناك من تحدث عن وجود استعداد لدى عون للانسحاب مقابل انسحاب جعجع وحصر المعركة بمرشح ثالث، لا بد وان يكون من الوسط، اي من غير 8 و 14 اذار كي تنجح المساعي للمجيء به «رئيسا للجميع»!
وثمة من يرى في هذا الصدد ان سحب عون ترشيحه يعود الى انه لم ينجح في جس نبض من يعنيهم الامر بالنسبة الى ادخال تعديلات دستورية سبق له ان اشار اليها، ولا يزال يعتبر انها تقوي المركز الرئاسي قياسا على غيره من مواقع السلطة، وهذا الشيء لا يطالب به جعجع، حيث تختلف النظرة بين الاثنين في مجال ما هو مرجو للوصول الى سدة الرئاسة؟!
اضافة الى ما تقدم، فان نظرة جعجع الى الحرب السورية شبيهة الى حد بعيد بنظرة تيار المستقبل ما يمنع خوض احد في انسحاب حزب الله من الحرب السورية، لاسيما بعد الذي صدر عن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي حسم الموضوع باعلان دعوته خصومه الى الانضمام الى الحزب في الحرب السورية، مع ما يعنيه ذلك من رفض قاطع لتخلي الحزب عن نظرته وعن علاقته مع نظام بشار الاسد؟!
وقياسا على كل ما تقدم، فان المطالب السنية من وراء الحوار مع حزب الله الشيعي قد لا تنتهي باتفاق بقدر وصول الجانبين على ما يكفي الساحة اللبنانية من تنفيس للاحتقان المذهبي غير الموجود على الساحة المسيحية باستثناء ما له علاقة بمصير الرئاسة الاولى؟!