لا يخفي مرجع سياسي حالي استهجانه من سيل التسريبات والتحليلات التي تتحدث عن «المخاطر الامنية المرتبطة باحتمال تعرض لبنان لعمليات أمنية عبر محاولات اغتيال لشخصيات عامة، أو التبشير بعودة التفجيرات الارهابية، وصولاً إلى القول إن الروح ستعود لتنبض بمناطق التوتر السابقة والتي أهمدت نيرانها بفعل الوفاق السياسي».
يؤكد المرجع أن «الوضع الامني ليس سيئاً كما يتم الإيحاء المشبوه بذلك، لأنه بالبعد الاستراتيجي، فإن الجرائم السياسية أصبحت صعبة التنفيذ، لأن وسائل كشفها صارت أكثر يسراً استنادا الى التقنيات المتوافرة والإجراءات القانونية المتخذة، لا سيما ببعدها المالي. وبعدما كانت هذه الجرائم تنفذ بسبب الاعتقاد أنها لا تكشف، أثبت تطور القدرات الامنية عكس ذلك، بحيث يعرف من يقف وراء كل جريمة ومن موّلها.. وما شهده لبنان من إنجازات في السنتين الاخيرتين خير برهان على المستوى الذي بلغته الاجهزة المعنية على هذا الصعيد».
ويضيف المرجع ان «من يدفع المال للارهابيين أو كان يموّل جولات العنف في المحاور المعروفة سابقا، أصبح يخاف من مغبة أن يكشف، والمحاكمات الدائرة في المحكمة العسكرية تشير إلى أن الامور صارت خارج دائرة السيطرة، وبالتالي من سيغامر بتمويل أي عمل إرهابي فعليه أن يتوقع أن أمواله وأملاكه ستتعرض لاحتمال المصادرة وحريته ستصبح رهن القضبان».
يعترف المرجع بأنه على المستوى السياسي سيستمر «الستاتيكو» الحالي قائماً، وكلما كان الاتجاه في سياق معين يتبين انه لا يوصل الى نتائج للملفات المعلّقة، والامور تتعقد أكثر فأكثر، خاصة أن اللبنانيين لم يعتادوا أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم. واللافت أننا كسياسيين في حالة ضياع تام وإرباك غير مسبوق».
يرى المرجع ان «ما يعوزه البلد شخصيات محترمة من كل الطوائف وعابرة للطوائف، وحتى تكون أي شخصية كذلك تصبح تلقائيا عدواً لكل الطبقة السياسية ويتكتلون لمحاصرتها ونبذها، ويكثرون من الرهان على تطورات الخارج ونضوج تسويات لعل لبنان يكون في ذيل قائمتها». كما يتناسى هؤلاء أنه «من الممكن أن تركب التسوية في المنطقة من دون أن يعني ذلك القدرة على إتمام استحقاقاتنا الداخلية، وتحديداً انتخاب رئيس للبنان، كما أنه من الممكن أن ينتخب رئيس بالرغم من استمرار أزمة المنطقة».
لا يتردد المرجع في إعطاء مثال حي عن عبث السياسيين الذين يعقّدون الحلول. ويقول «ماذا فعل التخبط السياسي في قضية العسكريين المختطفين؟». ويضيف «لولا الموقف الاستراتيجي لقيادة الجيش الرافض تحويل لبنان رهينة في أيدي الإرهابيين مقابل إطلاق العسكريين لكنا دخلنا في محظور لا يمكن الخروج منه، والموضوع الآن إنساني أكثر منه عسكريا». ويوضح أنه «منذ البداية كان موقفي أن أعطوا الخبز للخباز ولو أكل نصفه، فكيف إذا كان الخباز الجيش الذي لا يأكل حبة واحدة، أي كان الاتجاه لحل عسكري، إلا اننا كسياسيين قلنا نحلها بالسياسة، والآن أقول بكل صراحة ليس بإمكان السياسيين أن يأخذوا على عاتقهم أمراً وعندما يفسدونه يعيدونه الى الجيش لكي يتصرف».
يرى المرجع أن «الجيش يسقط له شهداء في ساحة الشرف ويقع له أسرى، وهذه هي حال الحرب فيها خسائر، والجيش وجد لحماية الوطن وليس للربح، وهو الوحيد الذي لا يربح إلا بالشهادة والتضحية المستمرة. فمتى نتمثّل به بحيث نخسر ولو لمرة واحدة لكي يربح لبنان؟».