IMLebanon

مصادر أمنيّة: لبنان من أقصى شماله الى أقصى جنوبه مهدّد

فيما كانت مدينة طرابلس تلملم جراحها ووحدتها الوطنية بعد الإنفجار الإنتحاري الإرهابي المزدوج الذي استهدف مقهى عمران في جبل محسن، والذي سارع كل من «تنظيم داعش» و«جبهة النصرة» الإرهابيين إلى التزاحم في تبني هذه العملية الإجرامية على أرض لبنان، وبعد أن تمكن الجيش اللبناني وبعد عملية رصد وملاحقة دقيقة من توقيف الارهابي التكفيري بسام حسام نايوش في منطقة المنكوبين في طرابلس على أثر عودته من القتال على جبهات منطقة القلمون السورية وذلك بعد الاشتباه به بالتحضير لتنفيذ عملية ارهابية عبر تفجير نفسه، نجحت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي من انقاذ عاصمة الشمال من عمليات ارهابية جديدة شديدة الخطورة بعد أن تمكنت إحدى دوريات الشعبة في العثور على عبوة ناسفة معدة للتفجبر على الأوتوستراد الرئيسي بين طرابلس وزغرتا، الأمر الذي يدل وبحسب مصادر أمنية بأن البلاد من أقصى شمالها إلى اقصى جنوبها لا تزال مهددة بمزيد من الأعمال الإرهابية على أنواعها، خصوصا أن المعطيات الأمنية المتوافرة لدى الأجهزة الأمنية تدل بأن عملية تفجيريّ جبل محسن الإرهابية التي هزت الأمن الهش الذي يعيشه لبنان منذ تنفيذ الخطة الامنية في الشمال في تشرين الثاني الماضي ليست سوى أول غيث تصعيد العمليات الإرهابية للتنظيمات التكفيرية التي تتوعد لبنان وشعبه بمزيد من الأعمال الإرهابية الإجرامية.

واشارت الى ان هناك مخاوف أمنية من عودة الإغتيالات السياسية إلى لبنان وقد أبلغ بعض السياسيين ومن جميع الطوائف والمذهب بضرورة أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر والتدابير الأمنية الإحترازية في هذه المرحلة الشديدة الخطورة التي يمر بها الوضع الأمني في لبنان، كما أن هناك مخاوف أمنية بعد العملية الانتحارية التي ضربت جبل محسن في طرابلس من عودة تجدد التفجيرات الانتحارية بالاحزمة الناسفة، بعد ان نجحت القوى الامنية من تفكيك ومداهمة عدد من السيارات المفخخة، أو تلك المعدة للتفجير، خصوصا أن هناك معلومات على أن بعض التنظيمات الإرهابية التكفيرية الممولة من قبل بعض الجهات الإقليمية والتي تملك تقنيات متطورة ربما تكون نجحت في تهريب كميات من الأحزمة الناسفة أو ربما نجحت في انشاء مصانع لتصنيع مثل تلك الأحزمة الناسفة في لبنان سيما أن تلك التنظيمات الإرهابية التكفيرية تستفيد بشكل كبير من البيئة الحاضنة والمتفاعلة معها في بعض المناطق اللبنانية وفي صفوف النازحين السوريين وداخل المخيمات الفلسطينية التي لا تزال تشكل البؤر الأمنية الأخطر لنشاط وحراك الإرهابيين التكفيريين نظرا لوضع المخيمات غير الخاضعه لسلطة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية بشكل مباشر.

وشددت على أن الإجراءات والتدابير الأمنية المتخذة من قبل الفصائل الفلسطينية والتي يعتري علاقاتها خلافات ونزاعات ومشاحنات عديدة وعميقة، على صعيد مكافحة ومواجهة الإرهاب داخل المخيمات الفلسطينية التي تمتد من الشمال الى الجنوب وتحديدًا «عين الحلوة» في صيدا، ونهر البارد والبدّاوي، لا تزال اجراءات هزيلة وضعيفة ودون ما هو المطلوب على هذا الصعيد. والدليل على ذلك، أن هذه الإجراءات والتدابير الأمنية وعلى مر السنوات الماضية وصولا إلى اليوم لم تنجح في لجم أو استئصال حالة انتشار الحضور التكفيري السلفي والأصولي الإرهابي لشتى أنواع التنظيمات الإرهابية التكفيرية من القاعدة إلى جبهة النصرة وداعش وغيرهم من التنظيمات الإرهابية التي تؤكد معلومات كل أجهزة المخابرات في العالم المهتمة بما يجري في المخيمات الفلسطينية، وتحديدًا في عين الحلوة أكبر المخيمات في لبنان بأن حراك التنظيمات الإرهابية التكفيرية ناشط وحاضر بقوة داخل المخيمات الفلسطينية ومحيطها.

وفي هذا السياق، أكدت أوساط متابعة بأن المخطط الإرهابي التكفيري – الإسرائيلي الصهيوني الساعي إلى اشعال الفتنة المذهبية السنية – الشيعية انطلاقا من طرابلس لا يزال مستمرا في كل الإتجاهات لإغراق لبنان في آتون الصراع الداخلي الدموي بفصول أشد عنفا ودموية من تلك التي عرفها وطن الأرز في الحرب اللبنانية المشؤومة في العام 1957، حيث كان بات واضحا من خلال مسار العمليات التي تستهدف مدينة طرابلس بأن الهدف هو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء على صعيد عودة احياء أشكال الفتنة المذهبية التي كانت مستعرة في طرابلس، قبل الخطة الامنية التي انطلقت بعد تشكيل الحكومة الحالية والتي اتت بفعل تسوية داخلية أعادت الهدوء الى طرابلس وسحبت المسلحين من الشوارع وأزالت محاور القتال بين جبل محسن وباب التبانة، إلاَّ ان مخاطر تلك العملية يكمن في ان منفذيها الانتحاريين هما من طرابلس وتدربا في القلمون السوري وينتميان الى تنظيم داعش.

أن توقيت العملية الانتحارية في طرابلس، يحمل برأي الأوساط السياسية عدد من الرسائل السياسية والامنية منها:

– محاولة جديدة لخلط الاوراق الداخلية لا سيما لناحية الاستقرار الامني الذي بات يشكل أولوية أساسية لدى جميع القوى السياسية. التي باتت تحرص على تفكيك اي عنصر من عناصر التوتر الداخلي باعتماد الحوار والتواصل فيما بينها.

– التشكيك بقدرة الجيش والقوى الامنية في ضبط الوضع الامني، ومحاولة تصديع التكاتف حول الجيش الذي تبديه كافة القوى.

– لفت النظر الى الوضع بين «النصرة» و«داعش» في القلمون والخلافات بينهما، ناهيك عن وضع المقاتلين في الصقيع في الجرود، ما يعني محاولة المسلحين في تلك الجرود الى فرض امر واقع جديد في الداخل اللبناني، بعد فشلهم في تحويل قضية خطف العسكريين الى قضية مذهبية، واستغلال في اثارت النعرات الداخلية.

من هنا ترى الأوساط السياسية إلى أن ردة الفعل الشعبية والرسمية، المستنكرة لهذا التفجير، بدت اكثر جدوى من الاذى الذي سببته الجريمة لأهالي جبل محسن وطرابلس، فاتصال مفتي الجمهورية بشيخ الطائفة العلوية مستنكرا، والاجماع الطرابلسي الواسع من كل الأطراف على ادانة هذا العمل الاجرامي، دون إثارة اي شكل من أشكال التبرير التي كانت تحصل في السابق. وتشديد الجميع على منطق الدولة والشرعية والعيش المشترك وعدم العودة الى الوراء، أسقط أي محاولة من محاولات إعادة احياء الفتنة. مضيفة بأنه وعلى الرغم من التزامن بين تفجير طرابلس الانتحاري مع ترددات التضامن الدولي مع باريس، اثر الجريمة النكراء التي استهدفت صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة، فإن ابعاد جريمة طرابلس لا تتعدى الداخل اللبناني ومحيطه الاقليمي، فيما جريمة باريس التي استهدفت قلب باريس وصحيفة شارلي إيبدو الساخرة والمعادية للاسلام، تحمل ابعاداً مختلفة لناحية الدور الذي تضطلع به فرنسا في موقفها من قضايا المنطقة لا سيما القضية الفلسطينية والثورة السورية ودعم الدولة اللبنانية وجيشها ومؤسساتها الرسمية من جهة، وموقع الريادي في قلب اوروبا، من جهة اخرى.