IMLebanon

المنظومة الأمنية

لا يكفي حكومة الوحدة الوطنية مشاغلها وخلافاتها الداخلية التي أدّت إلى تعطيلها وشلّها بشكل شبه كامل، وإلى أمد غير محدود، وربما تحوّل إلى أزمة تعطيل دائم، بل أضيفت إليها أزمة بل أزمات جديدة تدل على مدى انعدام المسؤولية عند بعض المعنيين مباشرة بالحفاظ على أمن المواطن وكرامته، في إطار هذه المسؤولية التي يفترض الجميع أن تكون مصانة، ونقصد بذلك تعذيب المساجين في سجن رومية وفقاً للشريط الذي ظهر مؤخراً في معظم وسائل الإعلام المرئية وانتشر كالهشيم في كل أرجاء العالم.

إن ما كشفه شريط التعذيب يندى له الجبين خجلاً، ويدل على مدى هشاشة المنظومة الأمنية في لبنان بالرغم من التقدير للجهود التي يبذلها الوزراء الأمنيون، ولا سيما وزيرا العدل والداخلية لمعالجة الملف الأمني في البلاد بطرق حضارية ومسؤولية وليس بوسائل همجية ومحرّمة دولياً لأنها تتعارض مع أبسط حقوق الإنسان.

وليس غريباً ولا مستهجناً أن يتحرك المجتمع السياسي والمجتمع المدني استنكاراً لأعمال تعذيب المساجين في سجن رومية بهذا الشكل الذي يدل على انعدام روح الحسّ الإنساني عند الذين ارتكبوا هذه العمليات ولا عند مرؤوسيهم الذين سمحوا بارتكاب مثل هذه الأعمال البعيدة كل البعد عن روح المسؤولية الوظيفية، وعن روح المسؤولية الإنسانية التي يجب أن تكون متوفرة عند رجال الأمن في هذا البلد، ومصانة بموجب القوانين المرعية الاجراء، وليس كما ثبت من شريط التعذيب عندما أقدموا على هذا العمل الهمجي الخالي تماماً من روح المسؤولية الإنسانية والمسؤولية الوطنية والمسؤولية الوظيفية.

ولم يعد كاف استنكار هذا الحادث الذي يرقى إلى مستوى الجريمة الموصوفة بل بات على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها على هذا الصعيد، وأن تنزل العقاب القاسي بالذين ارتكبوا هذه الجريمة وبالجهات التي تقف وراءهم فوراً ومن دون أية رحمة، لأنهم شوّهوا سمعة الدولة وسمعة القضاء وسمعة لبنان في المحافل الدولية، ومع كل تقديرنا للتحرّك السريع الذي قام به كل من وزير العدلية ووزير الداخلية وتوقيف 6 عناصر أمنيين ثبت، حتى الآن، أنهم ارتكبوا أو شاركوا في ارتكاب هذه الجريمة اللاإنسانية واللاضميرية، مع الوعد القاطع والجازم بعدم تكرار مثل هذه الجرائم من قبل عناصر أمنية يفترض أنها تابعة للدولة وتنفّذ الأوامر وفق ما تنص عليه القوانين وبما تقتضيه الرحمة بالمواطنين والرحمة في استخدام القانون وفي تنفيذه.

إنها جريمة كبرى تستحق عقاباً صارماً كما تستحق إعادة نظر بالمنظومة الأمنية.