IMLebanon

التهديدات الأمنية ترتفع ولا تتجاوز سقف الاستقرار فضائح “الأمن الغذائي” تملأ الفراغ ولا أفق رئاسياً قريباً

يصرّ رئيس المجلس نبيه بري على تفاؤله حيال الاستحقاق الرئاسي، مستنداً الى معطيات ومؤشرات ملموسة يملكها في هذا الاطار. وقد جدّد موقفه هذا أمام نواب زاروه ضمن لقاء الاربعاء النيابي. لكن المفارقة أن كلام بري يأتي بالتزامن مع الموعد الذي حدده لجلسة نيابية عامة لانتخاب رئيس أمس، لم يكتمل عقدها لافتقادها النصاب.

يذهب الاستحقاق الرئاسي مجدداً، وللمرة الخامسة عشرة، موعد جديد في 10 كانون الاول المقبل، من دون أن يلوح في الافق أي معطى أو مؤشر يوحي امكان ان تكون الجلسة المقبلة أوفر حظاً باكتمال نصابها وتحقيق غايتها بانتخاب الرئيس. ذلك أن لا جديد طرأ على الملف الرئاسي أو على المشهد السياسي الداخلي المأزوم والمضبوط على ايقاع التطورات الاقليمية، من شأنه أن يحقق الخرق المطلوب.

واللافت أن أياً من القوى السياسية لا يملك معطيات مغايرة، بل يلاحظ أن كل المعلومات المتوافرة لدى هذه القوى تتقاطع في شكل أو آخر على عدم توقع اي مفاجآت رئاسية قريبة.

وعلى رغم الاقتناع الذي بدأ يتولد لدى معظم هذه القوى بأن مخاطر بقاء الدولة من دون رأس بدأت تتمدد وتؤثر في عمل مؤسساتها وفي سمعتها وصدقيتها، (اذ كيف يمكن سلطة سياسية أن تجتمع وتؤمن نصاباً مكتملاً لتمدد لمؤسسة دستورية ولا تقوم بالمثل لتنتخب رئيسا للدولة؟)، فان المخرج الذي توصلت اليه تمثل في أخذ البلاد الى مشهد مختلف كلياً كفيل بالهاء اللبنانيين عن الفراغ السياسي المستفحل، من خلال فتح ملفات الفساد والتزوير التي يتعايش معها اللبنانيون منذ عقود، في غياب الرقابة والشفافية والمحاسبة في التعامل مع المسائل التي هي على تماس مع حياة اللبنانيين ورفاهية عيشهم.

ففضائح اللحوم والدجاج والادوية والمياه التي فتحت على مصراعيها كانت كفيلة بملء الوقت الضائع الذي تعيشه البلاد، في انتظار تطورات خارجية تكسر حال الجمود وتسهّل انتخاب رئيس جديد، علما ان لا مواعيد محددة لمثل هذه التطورات التي يمكن ألا تحصل قبل أشهر عديدة. فالتعويل على موعد الرابع والعشرين من الشهر الجاري لترقب تقدم المفاوضات النووية، او على التفاهم الايراني – السعودي قد يطول. لكن يؤمل ان يفيد لبنان من لحظة اقليمية معينة على غرار ما حصل بالنسبة الى ملف تأليف الحكومة الذي استغرق 11 شهراً، لتتم بعدها ولادة حكومة الرئيس تمام سلام متجاوزة كل العقد واللاءات التي وضعت في وجهها.

لكن أكثر ما يقلق الداخل اللبناني هو تنامي المخاوف ازاء الهاجس الامني، وخصوصاً ان كل الاجراءات الامنية المتخذة على شكل خطط (كما في طرابلس)، عمليات دهم ومواجهات عسكرية لم تنجح في وضع حدٍ للتفلت الامني وللتمدد الارهابي الى الداخل، وان تكن قد قلّلت منه.

فملف العسكريين المخطوفين لا يزال يجرجر من دون أي بوادر أمل تثلج قلوب أهاليهم، والمخاوف من فتح جبهات على الحدود او في عرسال او طرابلس لم تتبدد كلياً.

ولا يكفي أن يصدر كلام مطمئن لرئيس الحكومة تمام سلام ( من دبي قبل يومين) عن أن الوضع الامني ممسوك، عندما يسبقه كلام لوزير الداخلية نهاد المشنوق يحذر من ان الوضع الامني المقبل على لبنان أعظم من كل حرائق المنطقة.

ولا يعني هذا أن ثمة تناقضاً بين رئيس الحكومة ووزير داخليته، بل يؤكد أن الوضع الامني خطير ومقبل على مزيد من التردي، وهو ما تؤكده مصادر أمنية متعددة. ولكن ما قاله سلام واستدركه المشنوق حول أن الوضع مضبوط أو ممسوك، يعزز الانطباع بأن المظلة الدولية الحامية للاستقرار الداخلي لا تزال تظلل لبنان، وأن أي أخطار أمنية لن تتجاوز سقف هذا الاستقرار.