«هي أشبه ما تكون بعملية ملاحقة «جرذان شاردة» تريد الوصول لأوكار محددة لتنطلق منها مجدداً، فتعيث خراباً وقتلاً وتهديداً».
هكذا يقارب المعنيون مشهد القاع غداة «الاثنين الأسود» أو «يوم الانتحاريين». بالنسبة لهؤلاء، «لم تتوقف عملية الرصد والمتابعة، وثمّة معطيات تخضع لعملية تقاطع، حيث يواصل الجيش استهداف الارهابيين في الجرود من عرسال الى رأس بعلبك الى القاع كلما تحركوا او حاولوا التسلل باتجاه البلدات والقرى اللبنانية المجاورة، وليس خافياً أنه تمّ تنفيذ عمليات نوعية ناجحة تكتم الجيش عن تفاصيلها وأدّت الى استهداف رؤوس كبيرة من الارهابيين واعتقال آخرين لا سيما من امتهنوا تفخيخ السيارات وتصنيع الأحزمة الناسفة، وهناك كم هائل من المعلومات التي تمّ تبويبها وتقسيمها وتكليف فرق عمل بمتابعتها على مدار الساعة».
ما يجدر التوقف عنده، أن الجيش «كان في جهوزية عالية، وبناء على معطيات لدى مديرية المخابرات، تمّ رفع درجة الاستنفار، الأمر الذي أربك الإرهابيين الذين كان هدفهم الاول توجيه ضربة للجيش بعدما أنهكهم بضرباته المتلاحقة، وهذا ما ادى الى تفجير الإرهابيين انفسهم كيفما اتفق».
ووفق الرواية الأمنية لـ «موجة الانتحاريين المسائية»، انه بعد فشل الموجة الصباحية «في تحقيق أهدافها، اتخذ الجيش إجراءات مرئية وأخرى بعيدة عن الأنظار تحسباً لخروج الجرذان الشاردة من اوكارها ليلاً، وأبلغ المعنيين في بلدة القاع ومحيطها بوجوب التزام المنازل وأخذ الحيطة والحذر وعدم التجوّل، كما ابلغ اللجنة التي كانت تُعدّ لمراسم تشييع الشهداء الخمسة والذي كان مقرراً، أمس، بعدم التجمع في ساحة البلدة بين البلدية والكنيسة، انما في بهو الكنيسة وبعدد ضيق، مخافة إقدام الإرهابيين على استغلال الفرصة وتوجيه ضربة مؤلمة جديدة لأبناء القاع»، وهو الأمر الذي أدى إلى إرجاء التشييع إلى موعد آخر.
وحسب التقييم الأمني، «كان التزام المواطنين بتوجيهات الجيش عالياً جداً وتم إخلاء ساحة القاع بالكامل، ما سهل على الجيش رصد أي حركة راجلة او سيارة، لتبدأ عملية المطاردة الليلية فور خروج الجرذان من أوكارها، ووصل انتحاريان الى قرب الكنيسة على دراجتين ناريتين وعمد احدهما إلى رمي رمانة يدوية وجوبه بالرصاص، ففجر الاول نفسه وأعقبه الثاني، ما أدى الى اصابة 12 مواطناً من المتجمهرين في بهو الكنيسة بجروح طفيفة باستثناء إصابة خطرة واحدة، واعقب ذلك مرور أحد الاشخاص على دراجة نارية بالقرب من ملالة للفوج المجوقل وقد طُلب منه التوقف إلا أنه لاذ بالفرار، فأطلق الجيش النار باتجاهه وكان ردّه بتفجير نفسه من دون أن يُصَب احد بأذى، ومن ثم اشتبهت دورية للمخابرات بإرهابي آخر على دراجة نارية لاحقته وحاول الفرار فأطلقت النار باتجاهه وعمد ايضاً الى تفجير نفسه من دون وقوع اصابات».
وتكشف «الرواية الأمنية» أن انتحاريي الجولة المسائية الاربعة «كانوا موجودين في القاع، ولكن عمليات التمشيط والبحث والتعقب التي يستمر الجيش بتنفيذها ضيّقت الخناق عليهم وأجبرتهم على الخروج وتفجير أنفسهم، مع ترجيح وجود عدد من الانتحاريين الذي لا يزالون يختبئون في أوكارهم ولا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة».