IMLebanon

“كلن يعني كلن” في الفتنة… والفساد

 

لا يهدد السلم الأهلي إلّا من يستفيد من تهديده. ليس المواطن البسيط الذي ينزع قميصه ويهتف بشعارات قد لا يفهم معناها، أو تأثيرها، هو من ينظم الخراب، انه ببساطة ذلك الذي يستثمر في جذور الانقسام ويحرق عوامل الانسجام المجتمعي، هو من يهدد السلم المذكور، ومن يحذر من المساس به في آن.

 

ومن يقوم بذلك في لبنان اعتاد ان يبني زعامته على الاستنفار الطائفي والمذهبي في وجه الآخرين من الطوائف والمذاهب المغايرة. انه الزعيم الطائفي المناطقي المُفلس اجتماعياً وأخلاقياً ووطنياً، لكن زعامته أتاحت وتتيح له غنىً مالياً وعقارياً، وموقعاً يستغله في مناكفة ومفاوضة أمثاله من زعماء الطوائف والمذاهب الأخرى. انه في السلطة القائمة عضو مجلس إدارة يسعى الى تحسين حصته وزيادة أسهمه بهدف إمتلاك القرار التنفيذي في مجلس الادارة المذكور. هنا يكمن أساس تهديد السلم الأهلي ولو اتخذ في ظروفنا الملموسة أبعاداً إضافية، إقليمية ودولية. فالنزوع نحو تحريض القطيع في بلد القطعان المتعددة، سيقود الى الاستعانة بصديق أو بقوة خارجية، تُمكّن صاحبه من الاستقواء على أصحاب القطعان الأخرى، فتزداد المسألة تعقيداً والسلم المفترض يزداد اهتزازاً.

 

في لبنان من الزعامات الموصوفة ما لا يزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة، تلعب بأمن الناس ومصائرهم، ولسنا مضطرين الى تسميات، فالولد الصغير قادر على تعداد هؤلاء، وللمصادفة العجيبة والطبيعية في آن، انهم، هم أنفسهم من يتحمل مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي، ومن قاد الدولة الى حالة التفلت الدستوري والقانوني والقضائي.

 

انهم الحكام الفعليون الذين انتفض اللبنانيون ضدهم فواجهوهم بشتى أعمال الترغيب والترهيب، من القمع الى التفرقة الى الإثارة الطائفية واتهامات العمالة، لفرض إعادتهم الى الحظيرة، و”كلن يعني كلن” تشملهم عند الحديث عن تهديد السلم الأهلي والوطني.

 

لن ينفع هؤلاء السادة بيانات استنكار يصدرونها، فبوصفهم حكاماً عليهم إنفاذ القانون بحق مثيري الفتن، وليبدأوا بأنفسهم. الا ان ذلك مستحيل، فهم في معالجة الشق الاجتماعي من المشكلة ما زالوا ينحون باللائمة على مجهول، وفي موضوع الفتنة يفعلون الأمر عينه، فيضعونها في عهدة مئات اعوامٍ مضت، تمهيداً لتأبيدها الى قرون ستأتي.