IMLebanon

كيف يمكن مواجهة سيناريوهات الفتنة المتنقّلة؟

صورة قاتمة إذا بقي العهد مستقيلاً من دوره ولم يستجب لمطالب الناس

كيف يمكن مواجهة سيناريوهات الفتنة المتنقّلة؟ وهل يتحمل البلد ضرب سلمه الأهلي؟

 

 

لم يعد مستغرباً أن ينزلق البلد إلى مزيد من الفوضى التي ستقود إلى ما لا تحمد عقباه، طالما استمر هذا العناد السياسي وتبادل الاتهامات، والضرب بعرض الحائط لمطالب اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات منذ ما يزيد عن أربعين يوماً، في ثورة عارمة لم يشهدها لبنان من قبل. إذ كيف يعقل أن يستمر هذا الفراغ بعد ما يقارب الشهر على استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، دون أن يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون إلى تعيين موعد للاستشارات النيابية الملزمة التي ينص عليها الدستور؟

 

ولذلك لم يكن مفاجئاً تزايد التوترات في الشارع التي ارتفع منسوبها في الأيام القليلة الماضية، على نحو بالغ الخطورة، يفتح الباب على شتى السيناريوهات التخريبية التي تتحضر، في حال لم تع الطبقة السياسية خطورة الوضع القائم، وتالياً قيام رئاسة الجمهورية بواجبها الدستوري وتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، بما يستجيب لمطالب اللبنانيين المنتفضين في الشوارع، منذ السابع عشر من الشهر الماضي، لمواجهة مخاطر الفتنة التي بدأت تطل برأسها، منذرة بالأسوأ الذي سيهدم الهيكل على رؤوس الجميع، بعدما بدا أن هناك من يخطط لإعادة رسم خطوط تماس جديدة بين المناطق، اعتقد اللبنانيون أنها أصبحت وراءهم. وهذا ما يفرض على القوى السياسية أن تسارع إلى إنقاذ البلد وحماية سلمه الأهلي، وهذه بالدرجة الأولى مسؤولية العهد الذي عليه ألا يغامر برصيده، وأن يدرك حجم المخاطر التي تتهدد لبنان، على مختلف الأصعدة، وتحديداً الأمنية والاقتصادية، في حال استمر هذا الفراغ ولم يستجب لمطالب الناس.

 

والسؤال الذي يطرح بعد كل ما جرى: إلى متى سيبقى رئيس الجمهورية متفرجاً على ما يحصل من توترات مناطقية سياسية وطائفية؟ ولماذا لا يحدد موعداً لبدء الاستشارات النيابية الملزمة وفق ما ينص عليه الدستور؟ فيما الاقتصاد اللبناني ينهار شيئاً فشيئاً، والذي بات يحتاج إلى جهود استثنائية ومساعدات عربية ودولية عاجلة لإنقاذه، بغض النظر عن شكل الحكومة التي ستشكل.

 

وفي الإطار يرى النائب السابق فارس سعيد، أن «لبنان بدون حكومة، هو لبنان بدون رأس، أو على الأقل رأسه مكشوف أمام العواصف المالية والمصرفية والاقتصادية، وربما أيضاً الأمنية»، مشدداً لـ«اللواء»، على أن «تقاعس السلطة الحاكمة عن استدعاء النواب من أجل تكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة، هو بمثابة زلزال سياسي يتحمل مسؤوليته رئيس الجمهورية أولاً، باعتبار أن هذه الصلاحية منوطة به دستورياً، وكل الطبقة السياسية التي هي حليفة، كما أن من يتحمل هذه المسؤولية، هو كل من يؤمن غطاء لهذا الرئيس وعلى رأسهم «حزب الله» الذي يقول أنه حريص ومستعجل على تأليف حكومة، حتى لا يحصل انهيار». ويسأل: «هل لهذه الدرجة لا يمون الحزب على حليفه الرئيس عون من أجل إجراء الاستشارات النيابية، وتأليف حكومة فورية؟ مشدداً على أن هذا الكلام مرفوض».

 

وإذا كانت التطورات الأمنية المتسارعة التي تشهدها بعض المناطق، سيما  ما جرى في الرينغ وبعض أحياء الأشرفية، قد أثارت المخاوف من حصول 7 أيار جديد، فإن سعيد يشير، إلى أنه «ليس بمقدور حزب الله القيام بـ7 أيار جديد. هذا العمل كان بمقدور الحزب أن يقوم به في الـ2008. أما اليوم فهم غير قادرين على ذلك»، مضيفاً: «في رأيي أن حزب الله الدراجات النارية والحجارة لا يصنع 7 أيار. فالسلم الأهلي غير مهدد، إنما هناك خشية من حصول إضرابات متنقلة في بعض المناطق، لا يواجهها إلا شجاعة سلمية للتظاهرات».

 

ويعرب سعيد عن اعتقاده، أن «العهد غير قادر على أن يكون هو حماة هذا الوضع، وبالتالي لا اعتقد أن بإمكانه أن يتخذ أي إجراء يساعد على  الإنقاذ من الانهيار. بمعنى أن رئيس الجمهورية عاجز»، متسائلا: «إذا كانوا قادرين على تشكيل حكومة من لون واحد، فلماذا لا يقومون بذلك؟. فإذا كانوا خائفين من الشارع، فعليهم احترامه». وقال أن «الأزمة القائمة بإمكان اللبنانيين حلها، دون تدخل خارجي. فرئيس الجمهورية مسؤول دستورياً عن تكليف رئيس حكومة. لماذا لا يقوم بذلك؟».

 

ومن هنا فإن هذا الواقع المستجد، يندرج وفقاً لما تقوله أوساط بارزة في حزب «القوات اللبنانية»، لـ«اللواء»، في إطار «الرسائل التي يوجهها الفريق الآخر الممتعض من استمرار التظاهرات الشعبية، وبالتالي فهو يبحث عن أكثر من وسيلة لإنهاء هذه الحالة التي بدأت في السابع عشر من تشرين الأول» . فما حصل برأيها في بعض أحياء بيروت، «خطير وخطير جداً، لا يمكن التساهل حياله، وبالتالي يجب القيام بكل ما يلزم لعدم تكراره، والعمل على معاقبة الفاعلين . فالعهد و«حزب الله» يتمسكان بحكومة تكنوسياسية، ويرفضان الاستماع إلى مطالب الناس، كذلك يرفضان الإقرار بأن هناك ثورة حقيقية في لبنان، وبأن هناك أزمة اقتصادية يعاني منها البلد، وبالتالي فإن الأمور عندهما ما زالت متوقفة في المربع الأول. فلا استشارات للتكليف، ولا محاولة جدية لتشكيل حكومة، الأمر الذي يقود إلى مزيد من الانهيارات على أكثر من مستوى».

 

وتشدد الأوساط، على أن «ما يجري على الأرض، يحمل رسائل في أكثر من اتجاه، من إخافة الناس إلى محاولة القول أنه إذا لم تخرجوا من الساحات طوعاً، فإنكم ستخرجون بشكل قسري، وصولاً إلى القول للرئيس سعد الحريري، بأنه إذا لم تسارع إلى تشكيل حكومة بشروطنا، فإنك تتحمل مسؤولية تدهور هذه الأوضاع، وكذلك الأمر القول للقوى الأمنية أنه في حال لم تقم بمنع التظاهرات، فإننا سنتولى الأمر بأنفسنا»، مؤكدة أن «على الأجهزة الأمنية أن تسارع إلى توقيف كل من ساهم في الاعتداء على الناس والأملاك الخاصة والعامة، لوقف التسيب على مستوى الدولة والقرار».

 

وإذ ترى هذه الأوساط، أن «ما يحصل يثير الكثير من المخاوف، إذا لم يتم لجم المتهورين الذين يقومون بالاعتداءات المستنكرة والمرفوضة»، فإنها تعتبر أن «المخرج من المأزق، يكون بتشكيل حكومة اختصاصيين، كما طالبت «القوات» والرئيس الحريري و«الحزب التقدمي الاشتراكي». لكن لغاية اللحظة لا زالت الآذان صماء أمام هذا المخرج، في مقابل الإصرار على تشكيل حكومة تكنوسياسية، ما يضع البلد أمام خيارات بالغة السوء»، مشيرة إلى أن «الفريق الآخر لن يذهب باتجاه حكومة اللون الواحد، لأنه يدرك أن هذه الحكومة لن تحوز على ثقة الشارع، ولا أن تحوز على ثقة المجتمع الدولي، عدا عن أنها ستقود إلى تعميق حدة الانقسام الداخلي».

 

وأشارت، إلى أن «الرئيس الحريري لا زال متمسكاً بأن الإنقاذ يتطلب مواصفات معينة، وبالتالي فهو لن يغامر بتشكيل أي حكومة لا تمتلك المواصفات المطلوبة لإخراج لبنان من أزمته»، لافتة إلى أن «الوزير جبران باسيل يريد حكومة تكنوسياسية، لأسباب سلطوية من أجل المحافظة على مواقعه داخل الوزارات، فيما حزب الله يتحجج، بأن هناك مؤامرة كونية تستهدفه، في الوقت الذي يجب عليه أن يدرك أنه في حال سقط البلد، فسيسقط على رؤوس الجميع».