بماذا يختلف الشعب اللبناني منذ فترة طويلة، عن شعب برج بابل، وبماذا يختلف عن شعب بيزنطيا؟ وهل يعتقد مَن هم اليوم في السلطة. انه بامكانهم بألسنتهم المبلبلة، وبنقاشاتهم البيزنطية، قادرون على بناء دولة قابلة للحياة، يحكي شعبها لغة واحدة، ويعرف ان وحدته تأتي قبل قيام الدولة وليس بعدها؟
كان لبنان ايام ما يُسمّى بالمارونية السياسية، درّة الشرق علماً وثقافة ونجاحاً ومناخاً وديموقراطية وعملة قويّة وجواز سفر ترفع له القبعة في المطارات، على عكس ما يمرّ به في هذه الايام البائسة، لأنه جاء من يفسد بين اللبنانيين، ويبلبل ألسنتهم، ويغرقهم في جدالات ونزاعات وخلافات، على قاعدة فرّق تسد، فتفرّق اللبنانيون وتقاتلوا وتهدّمت دولتهم، وانطفأ لبنان المنارة، وسقط عهد المارونية السياسية، ومنذ تلك الفترة، بدأت ايام الفقر والفساد ودولة المزرعة، والظلام والظلم، والحقوق المداسة، وعندما حاول رجل من بلادي أن يعيد لبنان مثلما كان، قتل بحمولة سيارة من الديناميت مثلما قتلوا قبله رجلا، حلم بأن يجعل من لبنان، الدولة الاقوى في الشرق والاكثر تقدماً وحرية وانفتاحاً.
الجميع في لبنان يعرف، ان المواطن يعيش اليوم، بما بناه له الرئيس كميل شمعون، والرئيس اللواء فؤاد شهاب ورئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري، واذا سار مَن في الحكم اليوم على مسار هؤلاء الثلاثة، ليسوا بحاجة الى أي شيء اخر، ولكن اذا استمرينا، بسلوك مسلك شعب بابل وشعب بيزنطيا، كما هو واقع الحال، لن يصل لبنان الاّ الى الهاوية العميقة، فهذه القابلية على الردح والاتهام وفتح الدفاتر العتيقة، والقبور المغلقة والتراشق احياناً كثيرة، بتعابير طائفية ومذهبية، في الخلاف على الصلاحيات، أو لاستثارة شعبية راقدة، ليست سوى خطوط عسكرية سريعة الى الفتنة، أعاذنا الله منها.
* * * * *
لتكن جريمة طرابلس، التي أودت بأربعة شهداء من الجيش وقوى الأمن، حافزاً للتبصّر بما ينتظر لبنان من احداث في حال أيقظ «داعش ذئابه النائمة» واتخاذ التدابير السريعة، لرفع يد السياسيين عن القضاء، ليأخذ الاحكام العادلة الرادعة، ووقف المشاحنات التي تصب الزيت على النار، واسمعوا جيداً كلمة قائد الجيش جوزف عون عن أوضاع الجيش، وانصفوا الجرحى والمعوقين من المتقاعدين، ولا تنسوا عائلات الشهداء الذين بذلوا ارواحهم من اجل لبنان وشعبه، عندها يصدّق الشعب انكم رجال دولة.