مرتضى لـ”نداء الوطن”: كلّ المشتقات الزراعية المستوردة ستدخل بسعر الدعم
عودٌ على بدء، لم ينته اللبنانيون بعد من ارتدادات تهريب المحروقات والأعلاف والمواد الغذائية المدعومة الى سوريا، وما ينتج عنها من خسائر فادحة على الخزينة العامة وعلى المواطن اللبناني، لتأتي روزنامة الدعم على المشتقّات الزراعية من أسمدة وأدوية وبذور. وتكشف فضيحة دعم بذار البطاطا بالأرقام، الفارق بين مجموع الكمّية التي يحتاجها لبنان والكمّية المطلوب دعمها، والتي تُقدّر بثلاثة اضعاف، ليفتح ذلك باباً جديداً لكارتيل التجّار والمهرّبين. وبالتالي، تتحوّل الزراعة، من قطاع منتج الى قطاع غير منتج، بعدما كان يُعدّ احد الأعمدة التي يقف عليها المدخول الوطني والتي تشكّل 4 % منه، في المقابل تشكّل 0.3 % من نسبة الموازنة العامة.
وهذا يثبت أنّ حكومة حسّان دياب مستمرّة بالدعم بطريقة استنسابية وفوضوية من دون دراسة، كمن يلعب لعبة “البولينغ” لترمي الحكومة الطابة (أي الدعم، بما تبقّى من مال المودعين) في ملعب الأزمة، ظنّاً منها أنها تقوم بعمل شعبوي، في وقت لم تكلّف نفسها سدّ منافذ التهريب المفتوحة على مصراعيها بطول الحدود عند السلسلة الشرقية مع سوريا المحاصرة بحرب أهلية وقانون قيصر.
مسرحية دعم الزراعة
وبحسب المعطيات التي حصلت عليها “نداء الوطن” فإنّ نسبة الدعم للمشتقّات الزراعية، بين بذور وأدوية وأسمدة على سعر صرف 3900 ليرة، من المرجّح أن تصل قيمتها الى 106 ملايين دولار، أمّا الرقم الأكبر فيعود للبذور. وتقول المصادر إنّ النسبة الأكبر هي لبذور البطاطا المؤصلة المستوردة من الدول الأوروبية. وعلمت “نداء الوطن” أنّ وزير الزراعة عباس مرتضى تقدّم بطلب من حاكمية مصرف لبنان بفتح اعتماد بـ40 مليون يورو لاستيراد 65 الف طن من بذار البطاطا، ثلاثة أضعاف حاجة لبنان، ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول هذا الرقم، وما اذا كان الـ45 الف طن الباقية تذهب للمحسوبيات الى حين رفع الدعم وللسوق السوري.
وفي السياق نفسه، أكّدت المصادر أنّ ثلاث شركات من أصل 30 شركة سُمح لها باستيراد 5 آلاف طن من الأسمدة، خُمس حاجة لبنان ( 25 ألف طن) فاختفت كما العشرات من الأصناف المدعومة، لتظهر بعد فترة في السوق السوداء بسعر غير مدعوم، ليتبيّن أن هذه الشركات هي نفسها التي استوردت الأعلاف والمواد الغذائية.
وأكّد وزير الزراعة عباس مرتضى لـ”نداء الوطن” أنّه سيفتتح المنصّة الإلكترونية الاسبوع القادم لتحديد وجهة العلف المدعوم، وأنّه بصدد إنشاء منصّات الكترونية، وأنّ كلّ المشتقّات الزراعية المستوردة ستمرّ بسعر الدعم 3900 ليرة للدولار الواحد. وأضاف أنّ “سياسة الدعم المتّبعة أتت على قاعدة اذا لم يكن السماد والأدوية والبذار باسعار مدعومة يصبح أمننا الغذائي مهدّداً بالزوال”.
وعن اجتماعه بحاكم مصرف لبنان قال “أصرّيت على ضرورة استمرار الدعم على البذور والأسمدة في حال رفع الدعم، لأنّ الدعم اذا لم يكن موجوداً فمعناه أنّنا ذاهبون الى إعدام هذا القطاع والعاملين فيه”.
وقال: “إنّ المدخول الزراعي يبلغ قرابة 106 ملايين دولار”، وبرّر مرتضى طلبه من المصرف المركزي بفتح اعتماد بـ40 مليون يورو لاستيراد 65 ألف طن من بذار البطاطا من أوروبا. وهنا يُدخل الوزير نفسه بمغالطة حسابية خطيرة، فبدلاً من احتسابه أنّ طن البذار ينتج 15 طناً بطاطا يعتبر انتاجه 5 أطنان فقط.
ليستدرك ويقول أنّه “حتى الآن، طُلب استيراد 25 الف طن، وأنجزت جميع الملفات للأسمدة والبذار”. وأوضح أنّه “لم تدخل أسمدة وادوية زراعية حتى اليوم سوى ثلاث دفعات كمّية قليلة جداً”. ولفت الى أن آلية الدعم التي ستُعتمد تقوم على توزيع استمارات على المزارعين، يدوّن فيها المزارع المساحة التي يزرعها، ونوعية الزراعة. واستبعد أي عملية تهريب أدوية وأسمدة زراعية وبذور الى سوريا “لأنّ سوريا أرخص من عندنا”.
نقابة البطاطا
وشرح رئيس نقابة مزارعي البطاطا في لبنان جورج الصقر حاجة المزارع للدعم لأن الكلفة في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى 8 آلاف ليرة، وصلت الى مرحلة قتل الزراعة، وقال: “لا نريد ان يكون دعم الزراعة في الاسمدة والبذار والأدوية مجرّد حكي، نريد دعماً فعلياً يصل مباشرة للمزارع الذي مُني بالخسائر الكبيرة خلال الأزمة، لا كما حصل في الأسمدة والأدوية ولم ير المزارع الدعم”.
وفنّد الصقر بالأرقام حاجة لبنان للبذار المستورد، وقال: “انتاجنا السنوي حوالى350 الف طن بطاطا، بمساحة في حدّها الأعلى 120 ألف دونم، اي يحتاج لبنان بمعدل وسطي بين 20 الف طن بذار بطاطا مستورد والى 10 آلاف طن من البذار الوطني المؤصل، وبجردة حسابية بسيطة يزرع الطن الواحد بين الـ 4،5 دونمات الى 5 دونمات والدونم الواحد ينتج بمعدّل وسطي 3،5 اطنان، أي ينتج طن البذار 15 طناً”.
وعن كيفية ايصال الدعم للمزارع مباشرة اقترح الصقر أن تبدأ الآلية مما يحدّده التجار، كلّ تاجر يعرف مزارعه، ويعلم كم هي المساحة والكمية المزروعة”.
والإجراء العملاني للإقتراح يكون بتقديم المزارع للمستورد طلباً يشرح فيه المساحة وكمية البذار والأدوية والأسمدة التي يحتاجها لهذه المساحة، ويدفع عن كل طن بذار مئتي دولار على سعر الصرف المدعوم 3900 ليرة كرعبون لتأكيد الشراء والكمية، بناء عليه يتقدم المستورد من الوزارة بطلب الايجاز بفتح اعتماد، بعد حصر الكمّية.
واعتبر الصقر “أنّ تضخيم الأرقام يرفع من نسبة خسارة الدولة ويؤدي بالمقابل الى خراب بيوت المزارعين”.
وختم “يكفي المزارع ما يعانيه من اضرار وخسائر آخرها نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مما رفع الكلفة، وهذا بطبيعة الحال يسبب تراجعاً بالمساحات المزروعة لعدم قدرته على مواجهة الأكلاف”. وقال رئيس نقابة الفلاحين والمزارعين ابراهيم الترشيشي: “يخطئ من يظن أو يفكر بأن التصدير سبب لغلاء المنتجات الزراعية، بل انه يساهم في استقدام العملات الاجنبية الى البلد وفي انعاش الاقتصاد اللبناني، وأكد ان لبنان بحاجة الى 20 الف طن من البذار المستورد من اوروبا، سعر الطن الواحد 600 يورو، ويحتاج الى 25 الف طن أسمدة، ويشرح أنه لم يؤمن بالدعم لغاية اليوم كونه لم يصل للمزارع، في اعتبار أن الدعم يذهب من دون جدوى لأنه يصل الى تجار وبعض المافيات الذين تحوّلوا عصابات منظّمة، وأصبحوا يشكلون كارتيلاً، والدليل أمامنا ما حصل ويحصل في النفط والمواد الغذائية والعلف، هم ذاتهم المستفيدون، وهم من يستفيدون من دعم الزراعة بحال اقر بالطريقة الحالية، لأن آخر مسرحية شاهدناها بدعم الأسمدة التي استفادت منها فقط ثلاث شركات من أصل 30 شركة، وفجأة اختفت البضاعة المستوردة، وسأل: “ما هذه الصدفة بأن تكون هذه الشركات هي المستفيد الوحيد من مسلسل الدعم بكل جوانبه؟”. وقال: “حصل معنا كما حصل ويحصل بموضوع العلف المدعوم، الأسمدة المدعومة اختفت من السوق فترة وعادت بالسعر الحرّ”. وشدّد على “أنّ الامور لا تُدار بهذه الطريقة، فكلفة زراعة دونم البطاطا مليونا ليرة من دون دعم، ومليون ليرة في حال كان مدعوماً”، مُقترحاً بأن يتم “اعتماد البيان الجمركي للمستوردين للمشتقات الزراعية من أجل حصر الكمية المستوردة التي يجب دعمها”.
وسأل: “لماذا لا يكون الدعم من خلال صرف اعتمادات من حساب المزارعين والتجّار والمستوردين، فذلك يساهم في تحريك الدورة الاقتصادية وبالتالي يصل الدعم للمزارع”؟