شدد وزير الخارجية مايك بومبيو بعد لقائه رئيس الحكومة سعد الحريري على “أن لبنان دولة مهددة من إيران، وان “حزب الله” هو الذراع التي تطبق فعل التهديد”، ما يستوجب العقوبات والضغوط عبر التضييق الديبلوماسي والمالي تجاه الحكومة والمصارف، سعياً الى عزل “الحزب” ومحاصرته على أمل إنفضاض مريديه من حوله.
بالتزامن، اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنه “لم يكن مجدياً وخلال زيارة الحريري واشنطن، أن يذكّر الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله، الأميركيين، أن فريقاً لبنانياً لديه علاقات وثيقة جداً مع إيران في خضم المواجهة الأميركية – الإيرانية في المنطقة”، محذراً من “زج الشعب اللبناني في أتون من الحديد والنار ساخن للغاية، وانطلاقاً من قضايا لا علاقة لنا بها”.
لكن، ليس كافياً وضع كل من بومبيو وجعجع الاصبع على الجرح الذي يلتهب ويلهب اوصال الدولة اللبنانية، فصواريخ الحزب ليست المصدر الأول لفتكه بالدولة، ولا امتداده الإقليمي المكلّف به شرعياً عبر تطبيق السياسة التوسعية والإيرانية في لبنان وغيره.
الاهم هو الانتباه الى ان قوة “الحزب” الفعلية تكمن في البيئة الحاضنة التي توفر له قاعدة شعبية مهما ساءت أحوالها، لا تزال تلتزم بخطاب موحد تجاه كل من ينتقد او يخالف وضع “الحزب” يده على مرافق الدولة في لبنان. وتتحمل لأجله الأتون الساخن من الحديد والنار. فشعب “حزب الله” يبقى الضامن الأول ليقيم “الحزب” دويلته التي تفترس سيادة الدولة اللبنانية، وسيستمر في ضبط إيقاعها وفق مصالحه ومصالح رأس الممانعة، ما دام راضياً بأن يستغني عن مؤسسات الدولة من شرع وقضاء، ويعتبر ما يسمى الجمهورية اللبنانية مرفقاً من المرافق الرديفة التي تستأجرها دويلة “الحزب” لاختراق المؤسسات وتسهيل أمورها والسيطرة على معابرها لإمرار السلاح والسلع الخاصة المربحة.
فأفراد هذه البيئة يلتزمون أوامر مهمة عندما يتطلب الأمر تحجيم دور قوات “اليونيفيل” في الجنوب اللبناني وتفريغ القرار1701 من مضمونه، ومهاجمة محققي المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في إحدى عيادات الضاحية الجنوبية لبيروت وسرقة حواسيبهم، وضخ الشباب للقتال في سوريا او حيثما تستدعي الحاجة.
ولا يضير هذه البيئة اعتناق سياسة التبعية ومعاقبة من تسوِّل له نفسه في لحظة تخلٍّ، التمرد او حتى الانتقاد والاعتراض. فالسر في “الحزب” هو العمل على العقول وقولبة التفكير، في غياب أي وجود لدولة تستحق ممن يحمل هويتها الاستماتة في الدفاع عنها.
لذا، لا “الولايات الاميركية المتحدة” ولا “الولايات اللبنانية غير المتحدة” (والتسمية للعلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله)، تملك خطة واضحة لضبط “حزب الله” واعادته وبيئته الحاضنة الى لبنان، ما دام هذا الـ”لبنان” بصيغته الراهنة لا يقدم لمن يحمل هويته، الا الفساد والمحسوبيات وتعزيز الانتماء المذهبي على حساب الانتماء الوطني.