جُرد وزير العمل سجعان قزي من مرجعيته الحزبية بعدما صدر قرار حزب الكتائب أمس بفصله. فضل قزي الاحتفاظ بمقعده الوزاري، الذي يُرجح كُثر أن يكون آخر حبة في عنقود مسيرته السياسية. كل محاولات قزي، قبل ساعات من انعقاد المكتب السياسي، لـ«تجميل» موقفه تجاه الرئيس سامي الجميل لم تُثمر مساء الاثنين. قيادة الحزب تريده أن يكون عبرة لغيره. أما هو، فـ»ينفش ريشه» فخوراً بأنه «حامي الدستور»
أقفل النائب الأول لرئيس حزب الكتائب جوزف أبو خليل حسابه مع «رفيقه» اللدود وزير العمل سجعان قزي. قبل 31 سنة، انتفض الوزير الراحل ايلي حبيقة على قيادة حزب الكتائب وكان يدعمه قزي، الذي سيطر على مقر جريدة «العمل» على جسر الكرنتينا ووقع قرار فصل رئيس التحرير، في حينه، أبو خليل. أما النسخة «الإصلاحية» من «العمل» فصدرت من الصيفي وعُرفت في حينه بـ«العمل الحمراء».
من سخرية القدر أن يقف أبو خليل أمس على المنبر مُعلنا قرار المكتب السياسي الحزبي «فصل الوزير سجعان قزي فصلاً نهائياً من حزب الكتائب». حسم رئيس الحزب سامي الجميل قراره «التخلص» من قزي وهو يعرف أن الأخير لو بقي فلن يكون عضواً «وديعاً». هي رسالة في أكثر من اتجاه، قد يكون أبرزها إعلان نهاية زمن «مدرسة» الرئيس أمين الجميل في الحكم الكتائبي القائمة على التنازلات. ساعده على ذلك «سوء تقدير» قزي لقدرة الجميل الابن على ضبط الإيقاع داخل الحزب خارج جلباب أبيه. ها هو سامي الجميل يؤكد أمس أنه لن يكون رئيس ظلّ لحزب جدّه ووالده، ولن يتردد أمام قرار «فصل» كل من قد يُعرقل مسيرته.
سامي الجميل أكد أمس أنه لن يكون رئيس ظل في حزب جده ووالده
بات بالإمكان إطلاق تسمية «الساميين» على مُعظم أعضاء المكتب السياسي الجديد، والدليل أن التصويت على قرار فصل وزير العمل أتى بشبه اجماع مع تسجيل اعتراض عضو واحد هو سمير خلف، مستشار قزي. مع الاشارة إلى أن الأخير لم يُشارك في اجتماع أمس. إضافة إلى ذلك، أكد الحزب «صوابية خيار الاستقالة» من الحكومة، مؤكداً أنها قاطعة ونهائية «وهي تعني الامتناع عن تصريف الأعمال وتُعزز اصرار الكتائب على مواجهة الأمر الواقع المفروض على اللبنانيين»، كما جاء في البيان. وفي هذا الإطار، تُشدد مصادر المكتب السياسي على أن الوزير الكتائبي الصامد، آلان حكيم «لن يعود إلى مكتبه في وزارة الاقتصاد لتصريف الأعمال».
المطرقة على طاولة الإجتماعات الحزبية طُرقت أمس مُعلنة اختتام مسيرة ابن العقيبة (كسروان)، التي كانت خزاناً كتائبيا في زمن الحرب الأهلية وإحدى نقاط الانطلاق لمعارك «توحيد البندقية» الدموية التي قادها بشير الجميل. لم تُحترم التراتبية الحزبية واستعيض عن المجلس التأديبي بقرار من المكتب السياسي. بالنسبة إلى قزي، «لا أعرف ما حصل ولن أقوم بأي تصريح مُتسرع الليلة (أمس)». يصف نفسه بأنه «أحد رموز الحزب، الذي ارتكب الأسبوع الماضي الخطأ الأول بالاستقالة من الحكومة وأمس ارتكب الخطأ الثاني بالتصويت على قرار فصلي. لا يريدون الديمقراطية داخل الحزب». لم يحسم خيار العودة إلى حضور جلسات مجلس الوزراء، «أنا أصلاً لم أُقدم استقالتي من الحكومة. على أي حال، كل الأمور قابلة للتفكير والبحث»، كما يقول لـ«الأخبار». أوحى قزي خلال مقابلاته الإعلامية أمس بخيانة «رفاق» له أعلنوا وقوفهم إلى جانبه، ثم «باعوه». ولكنّه ليس وحيداً تماماً. فقد انتشرت خبريات بأنّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع «شجّع» قزي على الاستمرار في عمله الحكومي. وبرغم نفي مصادر قيادية في معراب لخبر زيارة قزي مقر القوات اللبنانية ولقائه جعجع، إلا أنها رأت أنّ «الحكيم لن يُمانع في استقبال قزي ولكن بعد انتهاء الخلاف بينه وبين آل الجميل. لا مانع من استقباله، تماماً كما لا يتأخر سامي الجميل عن استقبال كل الناقمين على القوات، كإميل رحمه وغيره».
داخل المكتب السياسي «نوقش الموضوع بعمق وقُدمت عدة مداخلات. الأمين العام تلا المخالفات التي أقدم عليها قزي وأبرزها تشويه صورة الحزب وعدم التزامه القرارات الرسمية»، استناداً إلى المصادر. احتل هذا البند الحيز الأكبر من النقاش في الصيفي أمس، «كل العالم كانت مقهورة من يللي صار. أربعة إيام وقزي من تلفزيون لتلفزيون يتكلم عن خلافات داخلية». المداخلة الأقسى كانت من «عمّو» أبو خليل الذي «كان صارماً وهو يتحدث عن كيف تسبب قزي بالأذى للحزب». بالنسبة للمصادر أنه «ربما لو حضر قزي الاجتماع لكان أمال الدفة لمصلحته وهو المعروف عنه قدرته على تنميق جمله. تراجع ولم يجرؤ على مواجهتنا». تستنكر المصادر اتهام قزي القيادة الحزبية بأنها غير ديمقراطية، فترد حانقة «فليرِنا أي حزب يُمارس الديمقراطية أفضل منا؟ في الداخل هناك هامش لكل فرد في أن يُعبر عن أفكاره ولكن حين يصدر القرار على الجميع الالتزام به». صحيح أنّ سجعان قزي «ليس أياً كان في الكتائب، ولكن فلتكن هذه الخطوة عبرة للجميع».